اتخذت موقفاً حاسماً. تقول خريجة كليّة التجارة شولي (24 عاماً): "لن ندع تراجع سعر الليرة التركية يؤثّر على أحلامنا أو يؤخّر زفافنا. اتفقت وخطيبي منذ العام الماضي على أن يكون حفل الزفاف في 20 سبتمبر/ أيلول 2018، وهو يوم عيد ميلادي. وفي الوقت الحالي، نعدّ اللمسات الأخيرة للزفاف ولن نؤجله". ما ساعدهما على عدم تغيير موعد الزفاف، هو أنهما كانا قد اشتريا معظم مستلزمات الزفاف قبل غلاء الأسعار. توضح شولي أنّها تتّبع وخطيبها سياسة تقشّف. "ألغينا السفر لقضاء شهر عسل وتراجعنا عن الكثير من المخططات السابقة، منها إلغاء تقديم الطعام خلال حفل الزفاف".
وكان تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الرئيسية، وخسارتها نحو 40 في المائة من قيمتها هذا العام، وأكثر من 25 في المائة خلال شهرين، قد أدى إلى زيادة الأسعار في تركيا. زاد سعر الأثاث المنزلي ما بين 20 و30 في المائة، بحسب مصادر في شركة "موضة" التركية. وإذ كان أثاث المنزل يتراوح ما بين 10 و12 ألف ليرة (ما بين نحو 1500 و1800 دولار)، بات اليوم 15 ألف ليرة (نحو ألفين ومائتي دولار).
وزادت أسعار حفلات الزفاف بحسب صاحبة محل بيع أثواب الزفاف في شارع فوزي باشا في إسطنبول، ديليك صالجي. إلا أن الأسعار تناسب الجميع، إذ تتراوح كمتوسط ما بين 1500 (نحو 223 دولاراً) حتى 10 آلاف ليرة تركية (نحو 1500 دولار). كما أن بعض أسعار أثواب الزفاف باهظة، ويدخل في صناعتها وتصميمها مجوهرات ومعادن ثمينة. لكن يلجأ البعض إلى تأجير فساتين وبدلات الأعراس للرجال والنساء.
اقــرأ أيضاً
ولا تقتصر تكاليف الزواج في تركيا على رسوم عقود الزواج التي تتراوح ما بين 150 (نحو 22 دولاراً) و900 ليرة تركية (نحو 134 دولاراً)، بحسب المنطقة ويوم تسجيل العقد. ففي حين تبلغ أسعار رسوم عقد الزواج في منطقة الفاتح وسط إسطنبول ضمن أيام الأسبوع خلال أيام الأسبوع نحو 100 ليرة، تصل في منطقة كاديكوي في إسطنبول خلال العطلة الأسبوعية إلى نحو 900 ليرة.
والزواج يفرض مصاريف كثيرة لشراء أثاث المنزل والملابس والذهب وتأمين بدل إيجار الصالة، وتأمين بدل إيجار المنزل. تقول المعيدة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول، عائشة نور: "مرّ موسم الزواج تقريباً قبل موجة غلاء الأسعار وتراجع سعر صرف الليرة التركية. لكن حتى من لم يتزوج بعد، وكان قد حدد موعد زفافه، فلن يؤخره ارتفاع الأسعار عن الزواج اليوم. وهناك تفاصيل كثيرة مشجعة، منها البيع بالتقسيط والقروض المصرفية، إضافة إلى تراجع بعض العادات ذات الكلفة المالية الكبيرة".
وتشير نور إلى أن تركيا تعاني بسبب تأخر الزواج خلال الأعوام الأخيرة، ما دفع الحكومة إلى تقديم إغراءات وتسهيلات وزيادة القروض من دون فائدة ومنح الأزواج هدايا ومكافآت للإنجاب. كما أن العديد من البلديات في تركيا تنظّم أعراساً جماعية قليلة التكاليف أو مدفوعة بهدف التشجيع على الزواج. تضيف أنّ المؤشرات الرسمية تؤكّد انخفاض معدلات الزواج. في العام الماضي، انخفضت معدلات الزواج عن عام 2016 بنسبة 1.4 في المائة، والتي كانت قد انخفضت أصلاً في عام 2016 عن العام 2015 بنسبة 3.4% . وعلى الرغم من أن تركيا تُصنّف من بين الدول الفتية، تقدر نسبة الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 16 و24 عاماً نحو 16.4 في المائة.
يقول الباحث الاجتماعي جنكيز تومر من جامعة "مرمرة" لـ "العربي الجديد": "أدى غلاء الأسعار إلى ضبط نفقات الأعراس وليس تأجيلها. كما لجأ الكثير من العرسان إلى المراكز التجارية الكبرى التي تقدم أثاثاً منزلياً ومستلزمات الأعراس بأسعار متدنية وبالتقسيط". ويلفت إلى أن العديد من العادات التركية المتعلقة بالزواج قد تبدلت، خصوصاً في المدن الكبرى.
اليوم، يمكن للشاب في إسطنبول الزواج بكلفة لا تزيد عن ألف دولار. لكنّ هذا كان مستحيلاً في الماضي. إذ إن حفلات الزفاف تتطلّب تقديم الطعام وإقامة عرسين، الأول بمحاكم النكاح والثاني بصالة أو فندق، إضافة إلى شهر العسل وتفاصيل كثيرة. "لكن ما زالت هذه العادات موجودة في مدن الأناضول حتى اليوم".
يقول تومر: "تختلف العادات والتكاليف في تركيا اليوم بالمقارنة مع الدول العربية التي زرت معظمها. والمجتمع التركي بات له عادات جديدة، سواء في كيفية اختيار العروس التي كان الأهل يتدخلون لانتقائها وطلبها، أو في ما يتعلق بتكاليف العرس. "يمكن لشاب اليوم أن يتخذ القرار منفرداً ويقيم عرساً بسيطاً في منزل صديق أو من دون عرس أصلاً. ثم يذهب وزوجته لقضاء بعض الوقت في منطقة سياحية في تركيا".
وخلال الحديث عن الزواج في تركيا وتكاليفه، لا بد من التطرق إلى زواج الأتراك بالعربيات، والسوريات على وجه الخصوص. والأسباب عدة، منها ضبط النفقات في ظل زيادة الأسعار في تركيا وارتفاع تكاليف الزواج الذي كان يستمر سابقاً ثلاثة أيام. واليوم، قد يستغرق بعض الوقت في البلدية.
اقــرأ أيضاً
وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي عاشها السوريون الذين يقترب عددهم من أربعة ملايين في تركيا، بات زواج العرب من الأتراك أو العكس مقبولاً. وكشفت مؤسّسة الإحصاء التركية أن الرجال الأتراك لديهم ميول كبيرة للزواج من أجنبيات بالمقارنة مع زواج التركيات من أجانب. وبلغ عدد الأجنبيات المتزوجات من أتراك 22 ألفاً و583 فتاة في عام 2016، وتصدرت السوريات المرتبة الأولى. وأشارت الإحصائيات إلى أن 6 آلاف و495 فتاة سورية تزوجت من تركي (أي 28.8 في المائة من الأجنبيات كن سوريات). وتحلّ بعدهن الألمانيات بنسبة 11.7 في المائة، أي 2000 و644 حالة زواج، ويتبعهما الأذربيجانيات بنسبة 9.6 في المائة، ويقدر عددهن بـ 2000 و170 فتاة.
وفي ما يتعلّق بالشباب، وصل عدد الأجانب الذين ارتبطوا بفتيات تركيات إلى 3 آلاف و777 شاباً، ووصل عدد الشباب الألمان إلى ألف و338 بنسبة 35.4 في المائة، واحتلوا المرتبة الأولى ليتبعهم السوريون (377 شخصاً) بنسبة 10 في المائة، والنمساويون 291 شخصاً بنسبة 7.7 في المائة.
وكان تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الرئيسية، وخسارتها نحو 40 في المائة من قيمتها هذا العام، وأكثر من 25 في المائة خلال شهرين، قد أدى إلى زيادة الأسعار في تركيا. زاد سعر الأثاث المنزلي ما بين 20 و30 في المائة، بحسب مصادر في شركة "موضة" التركية. وإذ كان أثاث المنزل يتراوح ما بين 10 و12 ألف ليرة (ما بين نحو 1500 و1800 دولار)، بات اليوم 15 ألف ليرة (نحو ألفين ومائتي دولار).
وزادت أسعار حفلات الزفاف بحسب صاحبة محل بيع أثواب الزفاف في شارع فوزي باشا في إسطنبول، ديليك صالجي. إلا أن الأسعار تناسب الجميع، إذ تتراوح كمتوسط ما بين 1500 (نحو 223 دولاراً) حتى 10 آلاف ليرة تركية (نحو 1500 دولار). كما أن بعض أسعار أثواب الزفاف باهظة، ويدخل في صناعتها وتصميمها مجوهرات ومعادن ثمينة. لكن يلجأ البعض إلى تأجير فساتين وبدلات الأعراس للرجال والنساء.
ولا تقتصر تكاليف الزواج في تركيا على رسوم عقود الزواج التي تتراوح ما بين 150 (نحو 22 دولاراً) و900 ليرة تركية (نحو 134 دولاراً)، بحسب المنطقة ويوم تسجيل العقد. ففي حين تبلغ أسعار رسوم عقد الزواج في منطقة الفاتح وسط إسطنبول ضمن أيام الأسبوع خلال أيام الأسبوع نحو 100 ليرة، تصل في منطقة كاديكوي في إسطنبول خلال العطلة الأسبوعية إلى نحو 900 ليرة.
والزواج يفرض مصاريف كثيرة لشراء أثاث المنزل والملابس والذهب وتأمين بدل إيجار الصالة، وتأمين بدل إيجار المنزل. تقول المعيدة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول، عائشة نور: "مرّ موسم الزواج تقريباً قبل موجة غلاء الأسعار وتراجع سعر صرف الليرة التركية. لكن حتى من لم يتزوج بعد، وكان قد حدد موعد زفافه، فلن يؤخره ارتفاع الأسعار عن الزواج اليوم. وهناك تفاصيل كثيرة مشجعة، منها البيع بالتقسيط والقروض المصرفية، إضافة إلى تراجع بعض العادات ذات الكلفة المالية الكبيرة".
وتشير نور إلى أن تركيا تعاني بسبب تأخر الزواج خلال الأعوام الأخيرة، ما دفع الحكومة إلى تقديم إغراءات وتسهيلات وزيادة القروض من دون فائدة ومنح الأزواج هدايا ومكافآت للإنجاب. كما أن العديد من البلديات في تركيا تنظّم أعراساً جماعية قليلة التكاليف أو مدفوعة بهدف التشجيع على الزواج. تضيف أنّ المؤشرات الرسمية تؤكّد انخفاض معدلات الزواج. في العام الماضي، انخفضت معدلات الزواج عن عام 2016 بنسبة 1.4 في المائة، والتي كانت قد انخفضت أصلاً في عام 2016 عن العام 2015 بنسبة 3.4% . وعلى الرغم من أن تركيا تُصنّف من بين الدول الفتية، تقدر نسبة الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 16 و24 عاماً نحو 16.4 في المائة.
يقول الباحث الاجتماعي جنكيز تومر من جامعة "مرمرة" لـ "العربي الجديد": "أدى غلاء الأسعار إلى ضبط نفقات الأعراس وليس تأجيلها. كما لجأ الكثير من العرسان إلى المراكز التجارية الكبرى التي تقدم أثاثاً منزلياً ومستلزمات الأعراس بأسعار متدنية وبالتقسيط". ويلفت إلى أن العديد من العادات التركية المتعلقة بالزواج قد تبدلت، خصوصاً في المدن الكبرى.
اليوم، يمكن للشاب في إسطنبول الزواج بكلفة لا تزيد عن ألف دولار. لكنّ هذا كان مستحيلاً في الماضي. إذ إن حفلات الزفاف تتطلّب تقديم الطعام وإقامة عرسين، الأول بمحاكم النكاح والثاني بصالة أو فندق، إضافة إلى شهر العسل وتفاصيل كثيرة. "لكن ما زالت هذه العادات موجودة في مدن الأناضول حتى اليوم".
يقول تومر: "تختلف العادات والتكاليف في تركيا اليوم بالمقارنة مع الدول العربية التي زرت معظمها. والمجتمع التركي بات له عادات جديدة، سواء في كيفية اختيار العروس التي كان الأهل يتدخلون لانتقائها وطلبها، أو في ما يتعلق بتكاليف العرس. "يمكن لشاب اليوم أن يتخذ القرار منفرداً ويقيم عرساً بسيطاً في منزل صديق أو من دون عرس أصلاً. ثم يذهب وزوجته لقضاء بعض الوقت في منطقة سياحية في تركيا".
وخلال الحديث عن الزواج في تركيا وتكاليفه، لا بد من التطرق إلى زواج الأتراك بالعربيات، والسوريات على وجه الخصوص. والأسباب عدة، منها ضبط النفقات في ظل زيادة الأسعار في تركيا وارتفاع تكاليف الزواج الذي كان يستمر سابقاً ثلاثة أيام. واليوم، قد يستغرق بعض الوقت في البلدية.
وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي عاشها السوريون الذين يقترب عددهم من أربعة ملايين في تركيا، بات زواج العرب من الأتراك أو العكس مقبولاً. وكشفت مؤسّسة الإحصاء التركية أن الرجال الأتراك لديهم ميول كبيرة للزواج من أجنبيات بالمقارنة مع زواج التركيات من أجانب. وبلغ عدد الأجنبيات المتزوجات من أتراك 22 ألفاً و583 فتاة في عام 2016، وتصدرت السوريات المرتبة الأولى. وأشارت الإحصائيات إلى أن 6 آلاف و495 فتاة سورية تزوجت من تركي (أي 28.8 في المائة من الأجنبيات كن سوريات). وتحلّ بعدهن الألمانيات بنسبة 11.7 في المائة، أي 2000 و644 حالة زواج، ويتبعهما الأذربيجانيات بنسبة 9.6 في المائة، ويقدر عددهن بـ 2000 و170 فتاة.
وفي ما يتعلّق بالشباب، وصل عدد الأجانب الذين ارتبطوا بفتيات تركيات إلى 3 آلاف و777 شاباً، ووصل عدد الشباب الألمان إلى ألف و338 بنسبة 35.4 في المائة، واحتلوا المرتبة الأولى ليتبعهم السوريون (377 شخصاً) بنسبة 10 في المائة، والنمساويون 291 شخصاً بنسبة 7.7 في المائة.