الآثار السودانية.. وقائع تدمير متعمّد

26 اغسطس 2020
(الموقع الأثري في جبل المراغة بعد تخريبه، Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي يتمّ إعادة الاعتبار لتاريخ الحضارات في السودان عبر جملة اكتشافات ودراسات أركيولوجية استطاعت أن تغيّر العديد من الانطباعات الخاطئة لدى الباحثين، تتصدّر أخبار سرقة وتهريب آثار البلاد حيث تمّ الإبلاغ عن عشرات الحوادث خلال السنوات الأخيرة فقط.

واحدة من أبرز المعضلات التي تواجه السلطات السودانية تتمثّل في تخريب المنقّبين عن الذهب للمواقع التاريخية، وكان آخرها الإعلان أول أمس عن تدمير بعض هؤلاء المنقبين موقع جبل المراغة في المنطقة الشرقية من الصحراء الكبرى، والذي يعود عمره حوالي ألفي عام.

وكان علماء آثار سودانيون قدّ ظنّوا حين عادوا إلى الموقع لاستكمال عملهم أنهم ضلّوا الطريق لأنه لم يعد موجوداً، ليكشتفوا لاحقاً أنه تمّ العبث به عبر استخدام آليات عملاقة في منطقة يُعتقد أنها كانت مستوطنة أو نقطة تفتيش خلال الحقبة المروية بين عاميّ 350 قبل الميلاد و 350 بعد الميلاد.

تتعرّض العديد من المواقع التاريخية للتخريب على أيدي المنقّبين عن الذهب

قام المخرّبون بحفر خندق واسع يبلغ طوله عشرين متراً وعمقه حوالي سبعة عشر متراً في الموقع الذي يبعد نحو مئتين وسبعين كيلومتراً شمالي الخرطوم، ما أسفر عن تدمير الآثار بشكل كلي في المكان الذي تمّ اكتشافه بالصدفة عام 1996 على يد بعثة سودانية أميركية مشتركة.

وأشار حاتم النور، مدير "الهيئة العامة للآثار والمتاحف" في تصريحات لوسائل إعلام، إلى أن "الحفر تم تحت جنون الثراء والبحث عن الكنوز، ولأن الأرض مكونة من الحجر الرملي النوبي ومغطاة بطبقة من الصدأ، فإن جهاز كاشف المعادن الذي يستخدمونه يصدر صوتاً؛ لأن الحجر يحتوي على معدن الحديد، فيظنون أن هناك ذهباً، وهكذا يواصلون الحفر".

ونوّه العديد من الناشطين سابقاً إلى أن القوانين السودانية المتعلقة بحماية الآثار ضعيفة وغير مواكبة للتطور في جرائم الآثار، وكانت الصدمة كبيرة بسبب الإفراج عن الجناة عقب ساعات قليلة من اعتقالهم وحجزهم في قسم الشرطة.

وطالبت هيئة الآثار أكثر من مرة بضرورة تطوير قانون حماية الآثار السوداني ليتوافق مع الاتفاقيات الدولية وقوانين دول الجوار لحماية الآثار والموروث القومي، كون عمليات التنقيب العشوائي عن الذهب في مناطق الآثار باتت تشكّل أكبر تهديد للآثار.

ويحذر العديد من علماء الآثار السودانيين بأن هذه الحادثة ليست الوحيدة، وإنما هي جزء من عمل منظم لنهب المواقع الأثرية، حيث تمّ نبش مئات القبور التي تعود إلى حقب مختلفة.

 

المساهمون