اقتلوا الصحافيين!

04 سبتمبر 2014
الصحافي جايمس فولي (فرانس برس/ GETTY)
+ الخط -
يموت جايمس فولي، فتنقل وسائل الإعلام حول العالم الخبر. يتفجّعون، يستنكرون، ينشرون مطوّلات عن حياة الصحافي ـ الشهيد. بعد 14 يوماً على عملية الذبح هذه، تكتب "بي بي سي" أنّ الصحافي الأميركي ذُبح، لكنّ لموته "مغزى"، وتُرشد القرّاء إلى "دروس من حياته، تجعل لحياتهم معنى". معنى فقدته عائلته، وأصدقاؤه، فجايمس فولي قد مات، قد ذبح. يموت ستيفن سوتلوف، فيتكرّر السيناريو. تتحدّث قناة "إن بي سي" عن تغطيات سوتلوف "التي كان ينفطر لها القلب". يطلّ علينا الرئيس الأميركي، ويخبرنا بنبرته الشهيرة: "سوتلوف كان يحب العالم الإسلامي".
كليشيهات كثيرة تلي موت الصحافيين، لكن خلف الكاميرا، هناك عائلة لسوتلوف، انفطر قلبها (حرفياً) بسبب الجريمة. تقتل "داعش" الصحافيين بوحشيّة، نعم. لكنّها ليست الطرف الوحيد المشارك في عمليّات القتل. فمَن قتل أكثر من 70 صحافياً في سوريا منذ بدء الثورة؟ مَن قتل الصحافيين في مصر منذ الثورة؟ مَن قتل الصحافيين والمصورين في لبنان منذ الحرب الأهليّة؟ مَن قتلهم في فلسطين والعراق واليمن والصومال؟ مَن قتل 74 صحافياً على الأقل في 2012؟ ومَن قتل أكثر من 30 صحافياً منذ بداية العام الحالي، 2014، حول العالم؟ أصبح قتل الصحافيين في بلاد النزاعات جزءاً من اليوميات العادية للأنظمة، والجيوش، والأمن.
تتعاطى وسائل الإعلام والمنظمات والدول مع كل هذا القتل كأنه جزء من عمل الصحافي، وتغطيته للأحداث. لا تعني التقارير التي تتحدّث عن بطولات الصحافيين ومغامراتهم شيئاً، طالما أنّ حياتهم انتهت. لا تعني شيئاً لأهلهم، ولا للصحافيين زملائهم، طالما أنّ الشعار المرفوع لدى كلّ مستبدّ أو متطرّف حول العالم هو: "هيّا بنا نقتل الصحافيين...". لا تعني شيئاً، طالما أنّهم الحلقة الأضعف. لا تعني شيئاً، طالما أنّ "الدواعش" موجودون في كلّ مكان، وبأشكال كثيرة...
المساهمون