اقتراح فرنسي

07 ديسمبر 2014

وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس (4 ديسمبر/2014/الأناضول)

+ الخط -

بينما يضيّع الأميركيون والروس وقت العالم، ووقتنا، على مشاريع سلام وهمي، يظنون أن نظام الاسد سيوافق عليها، على الرغم من أنه قاوم، طوال عامين ونصف، تطبيق وثيقة دولية، أقرها الخمسة الكبار، هي ما سميت لاحقاً "وثيقة جنيف واحد"، وعارض، بقوة السلاح  الروسي والدعم الإيراني، فكرتها حول الهيئة الحاكمة المكوّنة من أهل النظام والمعارضة، والمرحلة الانتقالية والتغيير الديمقراطي، تقدم، أخيراً، وزير خارجية فرنسا باقتراح يفتح قبوله باب السلام، أمام حل سياسي، يلبي تطلعات الشعب السوري ورغبته في السلام والحرية، وأمن وسلام منطقتنا والعالم. لم يقل الوزير إن بلاده ضد حل سياسي للمعضلة السورية، بل قال العكس: فرنسا تؤيد الحل السياسي، ولا ترى حلاً سواه، لكنها تعتقد أن حصر المعركة الدولية في "داعش"، وتجاهل ما يمارسه النظام من تصعيد متسارع للعنف ضد شعبه، بالتزامن والتوازي مع هذه المعركة، يبعد ويقوّض فرص الحل السياسي، ويغلّب كفّة الحل العسكري الذي قرر الأسد تطبيقه ضد ثورة الحرية السلمية في سورية، ويمكّنه من استغلال الحرب ضد الإرهاب لحسمه، مع ما سيترتب على ذلك من هزيمة نهائيةٍ، تنزل بالشعب والمقاومة، وسينتجه من تعقيدات عربية وإقليمية ودولية، ستكون معالجتها أشد خطورة على مصالح العالم وأمنه من الحل السياسي المتوازن في سورية الذي سيتم بلوغه سلمياً، وبرضا طرفي الصراع، حسب وثيقة جنيف.

يذكّر الوزير الفرنسي بما كان الأميركان وحلفاؤهم يؤكدونه دوماً، وهو أن تحقيق السلام مرتبط بتبدّل جدي في موازين القوى لصالح الجيش الحر. ويتمسك بهذا المبدأ الذي يبدو أن أميركا نسيته، ويقترح بذل ما يسميه بعض الجهد الجوي "الغامض"، لمنع النظام من تغيير موازين القوى لصالحه، لأن تغييرها سيقضي على فرص السلام في سورية، وسيزيد الصراعات الإقليمية والدولية تعقيداً وتشابكاً. في رأي الوزير، من الضروري القيام بعمل عسكري/ سياسي متوازن ومتوازٍ بين "داعش" والنظام، بوصفهما طرفي الإرهاب الأخطر في المنطقة وخارجها، ما دام قصر الجهد العسكري على "داعش" يخدم الإرهاب الأسدي، ويفوّت على الغرب فرصة التغلّب على الظاهرة الإرهابية في تجلياتها ومنابعها غير "الداعشية"، ويبقي ورقتها سلاحاً في يد الأسد، يستخدمه متى شاء، ضد تحقيق سلام متوازن يحفظ أمن العالم ومصالحه، تمكّنه من استخدامه ثغرة واضحة في خطة التحالف الحربية والسياسية ضد الإرهاب، تتجاهل أنه يتخطى "داعش"، ويتجسّد في نظام دمشق أيضاً، الذي يعتبر أفضل تنظيماً، وأقوى وأشد خطورة منها.

يذكّر الوزير بوعود الغرب حول العمل لتبديل ميزان القوى لصالح الثورة، تحقيقه شرط لازم لفتح طريق التسوية السلمية أمام السوريين، وفق وثيقة جنيف واحد. ويذكّر، كذلك، بما نسيه العالم من وعود والتزامات، تحفظ أمنه من خلال حفظ أمن الشعب السوري، ويذكّر، أخيراً، بأن ما يبذله الروس من جهد للتلاعب بالمعارضة لن ينتج شيئاً مفيداً، لأن النظام الذي يتلقى فيضاً من السلاح والمال الروسي لا يجد ما يمنعه عن قتل المدنيين بالمئات كل يوم، كما حدث يوم 25/11 في الرقة، عاصمة دولة "داعش"، التي لم يستهدفها القصف، ولم تخسر أيّاً من مقاتليها. بالمناسبة، يعتبر الوزير إنقاذ حلب بوابة السلام في سورية، الذي سينتجه ارتطام النظام بميزان قوى، لا يستطيع كسره، أو تحاشي انعكاساته السلبية عليه، وقد يقنع أطرافاً منه بحل متوازنٍ تقبله لكونه أفضل لها من هزيمة مؤكدة.

تحية لفرنسا، صديقة الشعب السوري الوفيّة!

E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.