اغتصبها طليقها من أجل السماح برؤية طفلتيها

08 مارس 2014
+ الخط -

على رصيف الشارع وبين أروقة المحاكم تستكمل حنان رحلتها مع المعاناة للحصول على حضانة ابنتيها، وتحقيق انتصارها الثاني على زوجها "الظالم"، بعد أن تمكّنت من إرغامه على توقيع ورقة الطلاق. فحققت بذلك انتصارها الأول كامرأة، وتمرّدت على العادات والأفكار وتخطّت عقدة "الطلاق الشرقي"، مواجهة بالقانون والشجاعة، كدماته وأذيته لها.

لكن هذه المعاناة لم تنته، حسب قولها، عند هذا الحدّ، إذ حاربها بورقة "الحضانة" واغتصب جسدها وحقّها، بقبول مكره منها، مقابل السماح لها برؤية طفلتيها فرح وهدى.

هكذا تصف الشابة العشرينية قصتها مع زوجها محمد، الذي لم يتردد لحظة في تعنيفها جسديا ولفظيا بسبب مرض الغيرة الذي يُوسوس في عقله من دون توقف.

تزوجت حنان في سن مبكر من محمد الذي يكبرها بـ18 سنة. كان زواجاً تقليدياً. ظنّت أن هذا الزواج سينهي عذاب الفقر والعوز الذي تعيشه، إلا أن القدر شاء لها عكس ذلك. فبعد سنتين من الزواج بدأت معالم الغيرة تظهر عليه. اعتقدت حنان أن هذه مجرد مرحلة وستنتهي مع ولادة ابنتها الأولى، فرح. لكن سرعان ما تحوّلت هذه الغيرة إلى وسواس يترجم بالضرب وبكلمات قاسية تتلقاها بشكل يومي وعند كل خروج من المنزل أو اتصال هاتفي تتلقاه من أهلها أو من أحد أصدقائها.

تسرد حنان تفاصيل معاناتها للـ"العربي الجديد" بغضب كبير. تقول: "عذّبني، وعندما تركته حاربني بأولادي. وجوده في حياتي كالعيش في جهنم. كان هاتفي مراقباً وممنوعة من رؤية الأصدقاء. فكرة العمل مرفوضة. أقصد والدتي مرة واحدة في الأسبوع ولوقت محدّد".

تتوقف لحظة، تأخذ نفساً عميقاً، وتتابع: "كنت أخفي الكدمات على وجهي بواسطة أدوات التجميل. حاولت أن أخبر والدتي بحقيقة معاناتي، فكان ردّها أن اصبري فهو يكبرك سنا ويشعر أحيانا بنقص كرجل. هذه الغيرة تبرز حبا كبيرا لك في قلبه".

صبرت حنان على ألمها. لكن إنجابها لهدى، ابنتها الصغرى، بعد ولادة مبكرة اضطرت لها، بعدما ركلها زوجها على بطنها، كان العامل الأبرز الذي فجّر حاجز الصمت. فقررت الذهاب إلى الطلاق، وحصلت عليه بعد تنازلها عن كامل حقوقها، بما فيها حضانة طفلتيها.

تقول والدموع تسيل من عينيها: "حرمت من طفلتيّ بحجة أنني غير مؤهلة للحصول على الحضانة، فليس لي دخل مادي ولا بيت يؤويني معهما. صرت آخذ المواعيد، كغريبة، لأراهما مرة في الأسبوع إذا رغب طليقي بذلك. ولا يسمح لي بتمضية نهاري معهما إلا مقابل المال أو إقامة علاقة على سريره الوسخ. مع كل لمسة منه كنت أكره نفسي، وأتمنى لو أن الله خلقني رجلا".

تعنيف محمد الزوج الأربعيني لحنان استمر حتى بعد الطلاق. هي اليوم تعمل في مدرسة صغيرة كحاضنة للأطفال للحصول على دخل شهري تؤمن من خلاله إيجار الغرفة التي تُؤويها. تكافح مصاعب الحياة بمفردها، وتصب جهودها على هدف أساسي وهو استعادة الحضانة من طليقها. وإلى حين بلوغ هذا الهدف يستمر التعنيف بلا رحمة. تنهي حديثها بالقول: " لو لم أطلب الطلاق لكنت اليوم تحت التراب مثل غيري من النساء".

استطاعت حنان الهروب من مستقبل مجهول يهدد حياتها، ولكن ما يزال هناك حوالي 300 سيدة يتعنفن في العام الواحد، وفق إحصاءات جمعية " كفى عنفا واستغلالا" ويصارعن من أجل البقاء إلى جانب أطفالهن، ويكتمن أسرارهن، ملتزمات بالصمت خوفا من مجتمع ذكوري لا ينصفهن. فرولا يعقوب ومنال عاصي اثنتان من آخر ضحايا العنف الذي تعرضت له النساء في لبنان. رولا يعقوب كانت أمّا لـخمس بنات، ضربها زوجها حتى قتلها أمام بناتها، بعصا خشبية مخصصة للتنظيف. أما منال عاصي فكان جزاؤها الموت، لأنّها عارضت زواج زوجها للمرة الثالثة.

ويرزح "مشروع قانون العنف الأسري" في أدراج مجلس النواب اللبناني بعدما أقرته اللجان النيابية وحُوّل إلى الهيئة العامة. فالعقدة الكبرى تكمن اليوم بعدم التئام مجلس النواب للتصويت عليه.

المساهمون