يبدو أن العملية الإرهابية التي شهدتها العاصمة التونسية وتمثلت في تفجير حافلة تقل حرسًا رئاسيًا وخلّفت 13 قتيلا وأكثر من 20 جريحًا، كان لها التأثير السلبي على رجال الأمن الذين هرعوا إلى موقع الحادثة.
الصحافيون التونسيون والمحطات الأجنبية هرعت هي الأخرى إلى مكان الاعتداء لمدّ المواطنين بالمعلومة وتصوير ما جرى، لكنهم تعرضوا للاعتداء من قبل رجال الأمن الذين طوقوا المكان ورفضوا السماح للصحافيين بالاقتراب أو التصوير، ومن التقط منهم الصور قام بعض رجال الأمن الذين كانوا في حالة هستيرية بتحطيم آلات تصويرهم، ووصل الأمر إلى الاعتداء على صحافية من الإذاعة الرسمية التونسية تسبب لها في أضرار بدنية.
هذه الحادثة التي تتكرر بعد كلّ عملية إرهابية، أعادت طرح السؤال من جديد حول الدور الذي يقوم به الإعلامي في مثل هذه الحالات وهل يسمح له بنقل ما حصل أم ينتظر ما ستقدمه له المصادر الرسمية من معلومات.
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أدانت الهجوم الإرهابي الذي وصفته بالجبان، واعتبرت في المقابل أنّ الهجمات الإرهابية لا تعطي الحق لعناصر الأمن في الاعتداء الهمجي على الصحافيين والمصورين الذين يقومون بواجبهم المهني وإطلاع الرأي العام على تطورات العملية الإرهابية، مؤكدة أن الصحافيين احترموا مسافة السلامة التي حددتها قيادات أمنية كما أنهم لم يقوموا بتصوير جثث الشهداء أو ما من شأنه أن يحط من معنويات القوات الأمنية.
وحذرت النقابة من استغلال الحرب على الإرهاب والعمليات الإرهابية للتضييق على عمل الصحافيين ووسائل الإعلام، واعتبرت أنه لا يمكن مواجهة الإرهاب والتطرف في ظل انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأهمها حرية العمل الصحافي. ودعت الصحافيين إلى التضامن في ما بينهم وإلى الالتزام بالمعايير الأخلاقية في تغطية العمليات الإرهابية وعدم نشر صور ومشاهد من شأنها أن تخدم الإرهاب أو تمس معنويات القوى الأمنية والعسكرية.
دعوة النقابة الصحافيين إلى التضامن بين الصحافيين التونسيين، جاءت على خلفية ما لوحظ لأول مرة فى تونس من انقسام بين الصحافيين في تقييمهم للاعتداءات التي تعرض لها بعض زملائهم والتي اعتبرها البعض تعود أساسا إلى الرغبة في السبق الصحافي من دون احترام لخصوصيات العمل الأمني الذى يتطلب تطويقا لمكان الجريمة والاستعانة بكل ما يوجد فيها للتوصل لفك لغز هذه العمليات الإرهابية. في حين أدان آخرون هذه الاعتداءات على الصحافيين رافضين كل تبرير لها باعتبار الإعلامي يؤدي رسالته مثلما يفعل رجال الأمن ذلك.