دارت اشتباكات مسلّحة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، جنوبي البلاد، بين قوات الحكومة الشرعية من جهة وقوات تتبع "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً من جهة ثانية، بعد دعوته إلى مظاهرات ضد الحكومة.
وأكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أنّ الاشتباكات اندلعت في منطقة خور مكسر، حين حاولت قوات تابعة لـ"المجلس الانتقالي" الهجوم على معسكر النقل، التابع لقوات حماية الرئاسة، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى، خلال المواجهات.
وأوردت "فرانس برس" أنّه قُتل 15 شخصاً وأُصيب 33 بجروح، في الاشتباكات، وفقاً لحصيلة جديدة أفادت بها أربعة مستشفيات. وقتلى الاشتباكات، وفق الوكالة، هم ثلاثة مدنيين و12 مسلحاً من الطرفين، فيما تشمل حصيلة الجرحى تسعة مدنيين، و24 مسلحاً من الطرفين.
ووفقاً لمصادر محلية في عدن، فقد امتدت الاشتباكات إلى جولة كالتكس في مديرية المنصورة، بين قوات حماية الرئاسة، و"الحزام الأمني" المدعوم من الإمارات، فيما حلّقت مقاتلات تابعة للتحالف العربي على ارتفاع منخفض في المدينة.
وأشارت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد" إلى أنّ القوات الموالية لـ"المجلس الانتقالي" سيطرت على معسكر لقوات الحماية الرئاسية ومقار أخرى في المدينة.
وتسيطر قوات الحماية الرئاسية وقوات حكومية أخرى على المناطق الشمالية والشرقية للمدينة، فضلاً عن منطقة كريتر التي تعد مركز مدينة عدن، بينما تسيطر قوات اللواء الأول مشاة، و"الحزام الأمني" المدعومة من دولة الإمارات على منطقة كالتكس وأجزاء من خور مكسر.
وجاءت الاشتباكات، فيما توافد متظاهرون موالون لـ"المجلس الانتقالي"، إلى ساحة العروض، في مديرية خور مكسر بعدن، بعد دعوته إلى تظاهرات مطالبة بإسقاط الحكومة.
وقام اللواء شلال علي شائع، مدير أمن عدن، والمقرّب من "المجلس الانتقالي"، بالقدوم إلى مكان التظاهرة، حيث هتف متظاهرون حوله بشعارات تدعو إلى إسقاط الحكومة.
ودعا "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المطالب بالانفصال والمدعوم إماراتياً، مؤخراً، أنصاره، إلى الاحتشاد من المحافظات المحررة إلى محافظة عدن، صباح الأحد، من أجل المطالبة بإقالة حكومة أحمد عبيد بن دغر، نتيجة "عدم توفير الخدمات".
وتنتهي، اليوم الأحد، المهلة التي فرضها حلفاء أبوظبي من الانفصاليين في الجنوب على الرئيس هادي، لإقالة حكومة بن دغر، تحت طائلة "اتخاذ الإجراءات اللازمة".
ويتعرّض هادي، في عدن، حالياً، لموقف شبيه بما تعرّض له بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2014 من قبل الحوثيين في صنعاء، فمطالب إسقاط حكومة محمد باسندوة يومها بذريعة الفساد تتكرر اليوم مع حكومة بن دغر في عدن، ولكن هذه المرة من قِبل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فيما يبدو أن دول التحالف الداعمة لهادي ستتركه وحيداً في مواجهة هذه العاصفة، أو أن العاصفة ذاتها من صنع التحالف.
بن دغر: انقلاب على الشرعية
واتهم رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، القوات الموالية لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بالتحرّك عسكرياً لاستهداف الشرعية في عدن، وقال إنّ "الإمارات هي صاحبة القرار الأول في المدينة".
جاء ذلك في مقال نشره، اليوم الأحد، على صفحته في موقع "فيسبوك"، حيث قال "اليوم يتحركون عسكرياً، باستحداث نقاط عسكرية جديدة، والهجوم على معسكرات الشرعية، وماكنة إعلام هائلة، هذا أمر خطير".
وأضاف بن دغر أنّ "على التحالف والعرب جميعاً أن يتحرّكوا لإنقاذ الموقف، فالأمر بيدهم دون غيرهم. والأمل، كما نراه نحن في الحكومة، معقود على الإمارات العربية المتحدة، صاحبة القرار اليوم في عدن العاصمة المؤقتة لليمن".
ودعا رئيس الحكومة اليمنية إلى "وقف الاشتباكات فوراً، وأن تعود القوات إلى ثكناتها، والعودة إلى حوار بين أطراف الحكم في عدن".
وقال إنّه "يجب ألا يقبل الحلفاء اليوم تصفية الشرعية التي رعت التحالف لخوض المعركة مع الحوثيين"، محذراً من أنّها "كارثة إذا حدثت. أما الحكومة، فإنّ أي إنسان عاقل ومحب لأهله لا يمكنه قبول منصب رئيس الوزراء أو البقاء فيه، على أشلاء اليمنيين أياً كانت انتماءاتهم، ووحداتهم، ومناطقهم، وشعاراتهم".
وحذّر بن دغر من أنّ "في صنعاء يجري تثبيت الانقلاب على الجمهورية، وفي عدن يجري الانقلاب على الشرعية".
د. احمد عبيد بن دغر Ahmed Bin Daghar Sunday, 28 January 2018" style="color:#fff;" class="facebook-post-link" target="_blank">Facebook Post |
"المجلس الانتقالي الجنوبي" يستجيب
ولاحقاً، أعلن "المجلس الانتقالي الجنوبي" استجابته لـ"مساعي" دول التحالف العربي بقيادة السعودية، لحل الأزمة في عدن، من دون توضيح ما هي هذه المساعي بالتحديد.
وأكد المجلس، في بيان، عصر اليوم الأحد، حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، "تفاعله الإيجابي واستجابته الكاملة مع جهود ومساعي دول التحالف"، داعياً "الجميع إلى الالتزام بالسلمية والحوار والبناء لغاية تصويب الاختلالات".
وتوجّه المجلس إلى التحالف والرئيس هادي بالقول "إنّنا ملتزمون بالنهج السلمي في المطالبة بتغيير الحكومة، والوقوف على الاختلالات في كافة المحافظات والوزارات"، مؤكداً أيضاً التزامه الكامل بالشراكة في محاربة الحوثيين الذين وصفهم بـ"العدو المشترك".
كذلك أكد "تجنّب الاحتكاك العسكري، وأية مظاهر مسلحة في الجنوب، مع الحرص على عدم المساس بمؤسسات الدولة"، وقال إنّه "يثق كل الثقة في أنّ التحالف العربي سيتدخل بكل إمكاناته لحل كافة الاختلالات جذرياً".
وثمّن المجلس، البيان الصادر عن التحالف، مساء السبت، الذي كان قد دعا إلى ضبط النفس، والحوار لحل الخلافات بين الأطراف اليمنية.
وأمس السبت، دعا التحالف، بقيادة السعودية في اليمن، إلى "التهدئة وضبط النفس"، وذلك قبيل مظاهرات مرتقبة لـ"الحراك الجنوبي" ضد الحكومة الشرعية، في محافظة عدن، احتجاجاً على عدم توفر الخدمات.
وشدّد التحالف، في بيان، على "أهمية أن يستشعر اليمنيون، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، المسؤولية الوطنية في توجيه دفة العمل المشترك مع تحالف دعم الشرعية، لاستكمال تحرير كافة الأراضي اليمنية".
وأشار التحالف إلى أنّه "يتابع مجمل الأحداث والمستجدات في العاصمة اليمنية المؤقتة (عدن)، وما يدور من سجال إعلامي في هذا الإطار، حول بعض المطالب الشعبية، إزاء تقويم بعض الاختلالات في القطاع الحكومي".
ودعا إلى اعتماد "لغة الحوار الهادئ، من أجل دحر الحوثيين، ووضع حد لسيطرتهم على موارد اليمنيين وحياتهم، وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين لشق الصف اليمني، أو إشغال اليمنيين عن معركتهم الرئيسيّة".
هادي يطلب وقف إطلاق النار
وبعيد استجابة المجلس، طلب الرئيس هادي من قواته، أيضاً، وقف إطلاق النار فوراً، في عدن. وأفاد بيان رسمي صادر عن رئاسة الوزراء، بأنّ طلب هادي يأتي بناء على محادثات أجراها مع قيادة التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية.
وجاء في البيان، أنّ على "جميع الوحدات العسكرية وقف إطلاق النار فوراً، وأن تعود جميع القوات إلى ثكناتها، وإخلاء المواقع التي تمت السيطرة عليها، صباح اليوم، من جميع الأطراف دون قيد أو شرط".
وكانت الحكومة اليمنية قد قالت، فجر اليوم الأحد، إنّ "هذه المرحلة تستوجب على بعض المقامرين عدم الرهان على أجندات خاسرة"، في إشارة إلى التظاهرات التي دعا إليها الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، للإطاحة بها.
ورحّبت الحكومة، من جهتها، بالبيان الصادر عن التحالف. ونقلت وكالة "سبأ" الرسمية، عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة، راجح بادي، أنّ ما دعت إليه قيادة التحالف "هو ما تؤكده الحكومة مراراً، من أهمية عدم حرف بوصلة المعركة المصيرية للشرعية والتحالف العربي، في مواجهة المشروع الإيراني الخطير، إلى صراع داخلي"، بحسب ما نقلت "الأناضول".
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، أمس السبت، منع أي مسيرات أو تظاهرات في عدن، قبل يوم من انتهاء مهلة "المجلس الانتقالي"، إلا أنّ الأخير واصل حشد أنصاره من مدن مختلفة إلى عدن.