لم يجد المهجرون قسراً من ديارهم في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، إلى ريف حلب الشمالي، ما كانوا يتوقعونه من الأمان، حيث يعانون مع سكان المنطقة الأصليين من فوضى انتشار السلاح، وصراع الفصائل المنضوية تحت عملية (درع الفرات) التي باتت الاشتباكات بينها شبه يومية.
الحاج أبو عمر مهجر من ريف دمشق إلى مدينة الباب، ويقول لـ"العربي الجديد": "الحياة لا تطاق هنا، ننام على أصوات الرصاص ونستيقظ عليها. الأحرى بهذه الذخيرة أن تهدر في معارك ضد النظام لتحرير أرضنا علنا نعود إلى ديارنا، لا أن يقتل الشباب بها بعضهم بعضاً".
تركت أم عبدالله وأطفالها الأربعة منزلها الواقع في مناطق سيطرة النظام، ظنّاً أن مناطق شمال سورية محررة، تقول: "ما نراه يثير العجب، فلا أتخيل أن يقوم ثائر باقتحام منزل أو أن يهاجم مستشفى كما تفعل هذه العصابات".
وأضافت: "هذا اليوم الرابع الذي لا أرسل فيه أولادي إلى المدرسة خشية وقوع اشتباكات كالتي حدثت قبل يومين. بقاؤهم بجانبي أفضل من أن يقتلوا برصاصة طائشة".
ويتساءل محمد الحاج محمود عن دور الجيش التركي في المنطقة، قائلا: "الواقع أن شمال حلب منطقة محسوبة على الأتراك، وتأمينها مفروض أن يكون من مسؤولياتهم. سبب الواقع المرير الذي نعيشه تحت سيطرة الفصائل غير المنضبطة، هو غياب المحاسبة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وهذه المجموعات تدرك أنه لا حساب".
بدوره، أوضح أحد قادة "درع الفرات"، والذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنه "من حق المدنيين أن ينتقدوا الأوضاع، فهم إلى الآن لم يروا من أغلب المجموعات المسلحة إلا الغطرسة والاستعراضات العسكرية والتجاوزات التي بات السكوت عنها معيبا، وقد يسبب انفجارا شعبيا قريبا".
ولفت إلى أن "الناس انتفضت من أجل كرامتها عام 2011، وحامل السلاح من المفروض أنّه حمله لحماية هؤلاء الناس، لا ليصبح سيدا عليهم. الأتراك يحاولون الابتعاد من خلافات الفصائل، فلديهم جنود على الأرض ولا يريدون خطرا عليهم، لكن هذا ليس صحيحا، وعليهم مكافحة الفاسدين قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة".
وتشهد مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل درع الفرات، اشتباكات متكررة بين تلك الفصائل تتسبب بقتلى بين العسكريين والمدنيين، وآخر الاشتباكات كانت بين فصيلي صقور الجبل والسلطان مراد تسببت بمقتل خمسة أفراد من الطرفين وجرح عشرات وذلك بعد يوم واحد من اقتتال في مدينة الباب بين فصيل أحرار الشرقية وعائلة "الواكي" إحدى عوائل الباب تسبب بمقتل سبعة أشخاص بينهم طفل وجرح 57 آخرين.
يذكر أن منطقة ريف حلب الشمالي، تخضع لسيطرة مجموعة من الفصائل المدعومة تركياً والتي شاركت خلال عامي 2016 و2017 بتحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، بمساندة من الجيش التركي.