تعيش معظم المعاهد والمدارس الإعدادية في تونس حال فوضى واستياء بسبب إضراب الأساتذة خلال هذه الفترة المخصصة للأسبوع المغلق، أي الامتحانات. وإن مرّ الإضراب، اليوم الثلاثاء، بهدوء في بعض مؤسسات التعليم، إلا أن بعضها الآخر شهد حالة من الاحتقان والمناوشات بين الأساتذة والأولياء، وسط حيرة المدراء والمشرفين على المؤسسات التربوية.
وشهدت بعض المدارس في صفاقس وتونس العاصمة والقيروان وطبرقة وفرنانة، اليوم الثلاثاء، توترا واضحاً وبعض أحداث العنف والشغب، حتى أن بعض التلاميذ لجأوا إلى رشق الأساتذة بالبيض والحجارة تعبيرا عن احتجاجهم وغضبهم. وتصاعدت الأحداث في بعض المناطق إلى حدّ رشق الأقسام بالزجاج والحجارة وإشعال العجلات المطاطية، فزادت الفوضى والارتباك.
ورصد "العربي الجديد" المشهد، اليوم الثلاثاء، أمام عدد من المعاهد، بعضها بدا شبه فارغ، في حين تجمع الطلاب أمام بعضها الآخر، ومنهم من كان يتسكع في الشوارع القريبة. وتواجد أولياء تلاميذ حضروا للتعبير عن استيائهم من قرار الإضراب، والحيرة بادية على ملامحهم.
وأوضحت سعاد، لـ"العربي الجديد"، وهي أم لتلميذين يدرسان بالثانوي والإعدادي، أنها تريد كغيرها من الأهالي أن يكون الأبناء في أقسامهم ويجرون امتحاناتهم اليوم. وأعربت عن عدم معرفتها ما إذا كانت الدروس ستتوقف أم لا خلال أسبوع الامتحانات المعطل. وقالت: "مطالب الأساتذة لا تعني التلاميذ، وهي مسائل بينهم وبين الحكومة وسلطة الإشراف، فالأطفال لا ذنب لهم وعليهم أن يجروا امتحاناتهم وفق الروزنامة المحددة".
وأكدت سعاد أن ابنها يواجه مشكلة بسبب الإضراب بعد وقوع مناوشات أمام الإعدادية التي يدرس فيها، إذ إنه استغل ما يحصل ورشق الأستاذ بالبيض، موضحة أنه سيحال إلى مجلس التأديب. كما دعت الأساتذة إلى مراعاة الظرف الدقيق الذي تمر به تونس، وأبدت قلقها وخوفها من طرد ابنها، ما يجعله عرضة لمخاطر الشارع.
وأوضحت عزة بن علية، وهي تلميذة في إعدادية الفاضل بن عاشور، أنّ الإضراب أربك التلاميذ كثيراً بعد رفض الأساتذة إجراء الامتحانات، ما جعل بعض التلاميذ يغادرون صباحاً لتوقف الدروس، وهذا سبب حالة من الضبابية والارتباك.
وقال عمر، وهو تلميذ في المدرسة ذاتها، لـ"العربي الجديد": "أغلب الامتحانات توقفت. كانوا سيجرون لنا امتحان الفرنسية، ولكن الإضراب أجله وأجّل امتحان التاريخ والحساب والفروض أيضاً". وأوضح أن الأستاذة يقاطعون الامتحانات، مبينا أن التلاميذ ضد الإضراب، ويريدون إنهاء امتحاناتهم، لأن العطلة على الأبواب.
ورأت أميمة بحرون، وهي تلميذة بمعهد طه حسين، أن "الأساتذة لا يعرفون إن كانوا سيواصلون الإضراب أم لا، أو يجرون الامتحانات أم يقاطعونها، فما بالك بالتلاميذ الذين تبدو حيرتهم مضاعفة"، مشيرة إلى أنهم يقضون الليل في الحفظ والمراجعة، وفي الصباح يفاجأون بالإضراب الذي أضر بهم كثيرا، وأحدث إرباكاً كبيراً في معظم المعاهد.
وأضافت أميمة "الطلاب لا يعرفون متى سيجرون الامتحانات التي تعطلت أمس، ومتى سنعوضها بالتزامن مع العطلة أم بعدها"، مبينة أن الغموض يجعل من التلميذ الضحية. وأعربت عن أملها بفك الإضراب سريعاً، خصوصاً أن الامتحانات لا تزال في بدايتها.
أما آية الورغي، التلميذة بمدرسة المنجي سليم برادس الإعدادية، فقالت: "هناك حالة من الفوضى والمناوشات بين الأساتذة والتلاميذ. بقي تلاميذ في الأقسام وآخرون خارجها، والبعض أجروا الامتحانات والكثيرون غادروا المدرسة، وكل ما يجري يضر بالتلميذ"، مبينة أن ما يحدث أربكها كثيرا، لأنها لم تستعد كما يجب لبعض الامتحانات التي أجرتها، لأنها اعتبرت أن هناك مقاطعة، لكنها فوجئت بالأستاذة يجرونها.
وأكدت ملاك شريف، من المدرسة نفسها، لـ"العربي الجديد"، أنهم ضحية ما يحصل، ويدخلون القسم وهم لا يعرفون إن كانوا سيخضعون للامتحان أم لا، مضيفة أنهم ضحية المنظومة التعليمية التي تتلاعب بعقولهم وبمستقبلهم ثم في النهاية يلام التلميذ.
واعتبرت الجدة هاجر، ولديها حفيدتان بالإعدادي، أن ما يحصل "لا يخدم التلاميذ، فأغلبهم في الشارع ولا ذنب لهم في ما يحصل، ومثل هذه المسائل تربك التلاميذ". وقالت إنها قدمت برفقة حفيدتيها إلى المدرسة للتأكد مما إذا كانت الدروس والامتحانات ستتعطل، مبينة أن الأولياء أنفسهم مرتبكون فهم يراجعون مع أبنائهم ويفاجأون بمقاطعة الأساتذة للامتحانات.
وختمت: لا نعرف ما هو المطلوب، هل نتوسل الأساتذة لكي يدرسوا أبناءنا أم ماذا؟ مبينة أنه بعد التعب والدروس الخصوصية يجد التلميذ نفسه دون امتحان، وتوجهت إلى الأساتذة برسالة مفادها أن الأطفال لا ذنب لهم، ومسؤولية ما قد يحصل تقع على عاتقهم.