لا تزال معظم محاور القتال في جنوب طرابلس تعرف "جمودا ميدانيا" منذ أيام، بعدما اتجه طرفا القتال، قوات حكومة الوفاق وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، للحفاظ على تمركز قواتهما والاتجاه للتركيز على الضربات الجوية.
وأكد المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، محمد قنونو، أنها صدت هجوما لقوات حفتر التي كانت تسعى للتوغل أكثر داخل العاصمة، فيما تمكنت محاور أخرى من تحقيق تقدم نسبي، لا سيما في سوق السبت، أول أحياء ترهونة المجاورة لطرابلس.
وقال قنونو في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "محاور القتال في وادي الربيع وقصر بن غشير تشهد معارك طاحنة حتى صباح اليوم، الثلاثاء"، لكن حديث قنونو لا يبدو أنه يشير إلى تقدم قواته في هذه المحاور أو تقهقرها لصالح قوات حفتر.
وفيما أكد قنونو أن قواته أسرت تسعة مقاتلين من قوات حفتر، أوضح أن سلاح الجو نفذ، أمس الاثنين، عشر طلعات جوية بعضها قتالية والأخرى استطلاعية.
وفي المقابل، أعلنت قوات حفتر عن استمرار غاراتها الليلية على مواقع قوات الحكومة داخل العاصمة وعلى أطرافها، نافية اتهامات حكومة الوفاق لها بالاستعانة بطيران أجنبي واستهداف أحياء المدينة.
ويعلق الخبير العسكري الليبي، محيي الدين زكري، على الأوضاع الميدانية، معتبرا أن قوات حفتر لا تزال عاجزة عن التوغل داخل العاصمة، ولذا حولت عملياتها القتالية لاستخدام الطائرات.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن "طرفا القتال يعرفان جيدا أن السيطرة على جنوب طرابلس وتحديدا مناطق الكر والفر الحالية، تعني السيطرة على القطاع الأمني فيها"، موضحا أن جنوب العاصمة يحتوي على القواعد والمواقع العسكرية الأهم في العاصمة.
لكن زكري لفت إلى أن "قوات حفتر تأكد لها عجزها عن السيطرة على المنطقة، فخلال ساعات نهار الأمس تبادلت القوتان السيطرة على معسكر اليرموك ثلاث مرات، وهو أحد المعسكرات المهمة، ولذا فهي تركز على التوفق في الضربات الجوية لإضعاف الخطوط الخلفية لقوات الحكومة".
وبشكل أكثر تفصيلا، قال زكري إن "قوات حفتر متفوقة الآن جويا، فهي تستخدم طائرات دون طيار وتمكنت من استهداف معسكرات مهمة لقوات الحكومة، وقد يمكنها ذلك من التقدم جزئيا باتجاه أحياء جديدة"، لكنه لفت إلى أن أسبابا أخرى تمثل صعوبة كبيرة في المراحل اللاحقة أمام قوات حفتر، وتتمثل في وصولها للأحياء السكنية الأكثر اكتظاظا بالسكان.
وتابع "أعتقد أن الوجه الحقيقي لقوات حفتر سيظهر إذا وصلت لأحياء طريق الشوك وما بعدها في اتجاه شمال العاصمة، فهي لن تتوانى عن اقتراف جرائم حرب بحق المدنيين"، مؤكدا أن حفتر عندها سيكرر سيناريو بنغازي الذي اعتمد فيه على سياسة الأرض المحروقة.
وحث زكري قوات الحكومة على استعادة مبادرة الهجوم مرة أخرى، معتبرا أن "القوات على الأرض تعاني من هزات وارتباك". وأشار إلى أن هدوء المحاور في الهيرة والساعدية، القريبة من غريان، واشتعالها في قصر بن غشير ووادي الربيع يعني أن قوات الحكومة عادت لموقف الدفاع وهو ما سيضعفها بشكل كبير.
ونقل زكري عن مصادر قولها إن قوات الحكومة تنتظر دعما عسكريا مهما خلال الفترة المقبلة، متمثلا في منظومة دفاع جوي متطورة لمواجهة القصف الجوي الليلي الذي تنفذه طائرات أجنبية موالية لحفتر.