استقالة تيريزا ماي بعد الفشل في تمرير "بريكست"

24 مايو 2019
"بريكست" حمل ماي إلى رئاسة الحكومة وأخرجها منها(أوليفيير ماتيس/Getty)
+ الخط -
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الجمعة، استعدادها للاستقالة من منصبها في السابع من يونيو/حزيران المقبل، لتستجيب بذلك للضغوط المتزايدة من داخل حزبها الرافض لطريقة إدراتها لـ"بريكست".

وقالت ماي في كلمة ألقتها، صباح اليوم الجمعة، من أمام مقرّ رئاسة الوزراء "لقد فعلت كل ما بوسعي لإقناع النواب لدعم صفقة بريكست ... وللأسف لم أنجح في هذا المسعى".

وأتبعت ذلك بالقول إنّها ستستقيل من منصبها بعد أسبوعين، يوم الجمعة 7 يونيو/ حزيران المقبل، بعيد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المقررة بين 3 و5 من الشهر، لتبدأ عملية اختيار خليفتها في الأسبوع التالي.

ورغم فشلها في تمرير "بريكست"، عبرت عن "فخرها" لكونها "ثاني رئيسة وزراء" لبريطانيا "وحتماً ليس الأخيرة"، كما قالت.

وختمت ماي بالقول "أفعل ذلك وأنا لا أكن أي ضغينة، بل أحمل امتنانا هائلاً وراسخاً لأنّ الفرصة سنحت لي لأخدم البلد الذي أحبه".


وأصبحت تيريزا ماي (62 عاماً) ثاني رئيس وزراء بريطاني يستقيل على خلفية استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي صيف عام 2016، حيث خلفت رئيس الوزراء المستقيل ديفيد كاميرون في رئاسة الحزب والوزراء في يوليو/ تموز. 

وتأتي استقالة ماي بعد فشلها في حشد الدعم لاتفاقها المعدّل الذي يشمل عشر نقاط لـ"بريكست"، والذي أعلنت عنه، الثلاثاء، حيث جاءت ردود الفعل عكسية على مدى الطيف السياسي البريطاني.

وقد يتمّ الآن تأخير "بريكست" حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول، وهو الموعد الذي حدّده الاتحاد الأوروبي، أو حتى إلى ما بعد هذا التاريخ إذا منح القادة الأوروبيون بريطانيا تأجيلاً آخر.

وكانت ماي قد تولت وزارة الداخلية البريطانية في حكومات المحافظين منذ عام 2010، وحتى تسلمها رئاسة الوزراء 2016. وخلفت ماي إرثاً تسوده سياسات معادية للهجرة، ضيقت فيها فرص العمل على القادمين من خارج بريطانيا والاتحاد الأوروبي. 

وأعلن حزب المحافظين، في بيان، أنّ رئيس الوزراء البريطاني الذي سيخلف ماي، سيعين قبل بدء العطلة البرلمانية في 20 يوليو/تموز.

وسيجري حزب المحافظين الذي يتولى رئيسه عادة رئاسة الحكومة، سلسلة عمليات اقتراع لنواب الحزب لتحديد مرشحين اثنين يتم عرض اسميهما لاحقاً على تصويت أعضاء الحزب.


وعلّق وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، خليفة ماي المحتمل، على استقالتها بشكرها على خدمتها، قائلاً في تغريدة على "تويتر": "شكراً لخدماتك لبلدنا وحزب المحافظين. حان وقت الاستجابة لما دعت إليه: أن نتحد سوية ونطبق بريكست".


أما وزير الخارجية جيريمي هنت، فغرّد بالقول "أود أن أشكر رئيسة الوزراء اليوم. لقد كان تطبيق بريكست دائماً مهمة شاقة، ولكنها واجهتها كل يوم بتحد وشجاعة. كما ستكسب الخدمات الصحية الوطنية 20 مليار جنيه والشكر لدعمها في ذلك، كما أنها جعلت من البلاد أكثر أمناً وأماناً".

وفي ردود الفعل الداخلية دعا رئيس حزب "العمال" البريطاني المعارض جيريمي كوربن إلى انتخابات عامة مبكرة، عقب استقالة ماي.

وقال كوربن، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "تيريزا ماي محقة في الاستقالة. لقد قبلت الآن ما عرفته البلاد منذ شهور: إنها لا تستطيع الحكم، ولا حزبها المنقسم والمتفكك". وأضاف "يجب على من سيصبح زعيم حزب المحافظين الجديد أن يدع الناس يقررون مستقبل بلدنا، من خلال انتخابات عامة فورية".


ولن تتجه بريطانيا بالضرورة إلى انتخابات عامة، حيث يمكن لخليفة ماي أن يبقى في منصبه حتى نهاية الولاية الحالية، والتي تمتد حتى 2022. إلا أنّه قد يضطر عاجلاً أم آجلاً، تحت ضغوط أحزاب المعارضة، إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة للحصول على أغلبية برلمانية تدعم قرارات حكومته، وشرعية جديدة يكسبها من خلال صناديق الاقتراع.

الاتحاد الأوروبي: الاستقالة لن تغيّر شيئاً

وفي ردود الفعل على استقالة ماي، أعلنت المفوضية الأوروبية، اليوم الجمعة، أنّ هذه الخطوة "لا تغير شيئاً" في موقف الدول الـ27 الأعضاء بشأن الاتفاق المبرم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت المتحدثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية مينا أندريفا، بحسب ما ذكرت "فرانس برس"، "سنحترم رئيس الوزراء الجديد، لكن ذلك لا يغير شيئاً في الموقف الذي اعتمده المجلس الأوروبي حول اتفاق خروج" بريطانيا من الاتحاد.

ميركل "تحترم" قرار ماي

وفي برلين، أعلنت متحدثة باسم أنجيلا ميركل، اليوم الجمعة، أنّ المستشارة الألمانية "تحترم" قرار نظيرتها البريطانية بالاستقالة، إثر فشلها في إقناع النواب البريطانيين بالمصادقة على اتفاقها للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقالت المتحدثة مارتينا فيتز "في شكل عام، تحرص (المستشارة) على أن تحافظ الحكومة الألمانية على تعاونها الوثيق مع الحكومة البريطانية (...) وهذا الأمر سيبقى على هذا النحو"، رافضة التطرق إلى نتائج هذه الاستقالة على ملف "بريكست"، معتبرة أنّها تبقى "رهناً بتطورات السياسة الداخلية البريطانية".

ماكرون يطالب بـ"توضيح سريع"

وبدوره، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، بـ"العمل الشجاع" الذي قامت به ماي، لكنه دعا إلى "توضيح سريع" لملف "بريكست" إثر إعلان رئيسة الوزراء البريطانية استقالتها، وفق ما أفادت الرئاسة الفرنسية.

واعتبر ماكرون أنّ هذا القرار "ينبغي أيضاً أن يذكر، في لحظة خيار مهمة، بأنّ التصويت بالرفض من دون مشروع بديل يؤدي إلى مأزق"، في إشارة إلى الانتخابات الأوروبية، وإلى ملف "بريكست".

وأضاف، بحسب ما أوردت "فرانس برس"، أنّ ماي "قامت بعمل شجاع لتنفيذ بريكست لما فيه مصلحة بلادها واحترام شركائها الأوروبيين"، موجّهاً إليها "رسالة دعم وشكر شخصية".

وقالت الرئاسة الفرنسية "يعود إلى المملكة المتحدة، وفق آلياتها، أن تسمي رئيساً جديداً للوزراء. إن فرنسا مستعدة للعمل مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد حول كل الموضوعات الأوروبية والثنائية. إنّ علاقتنا مع المملكة المتحدة أساسية في كل المجالات".

وتابع ماكرون "من المبكر جداً التكهن بنتائج هذا القرار. سيستمر تنفيذ مبادئ الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً أولوية الحفاظ على حسن سير عمل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يتطلب توضيحاً سريعاً".

إسبانيا: منع بريكست بدون اتفاق "شبه مستحيل"

من جهتها، حذّرت إسبانيا، من أنّ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق يبدو أمراً لا يمكن تجنّبه، بعدما أعلنت ماي استقالتها.

وقالت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل سيلا، للصحافيين، بحسب ما أوردت "فرانس برس"، "في ظل هذه الظروف، يبدو حصول بريكست بدون اتفاق واقعاً منعه شبه مستحيل".

وأكدت أنّ الحكومة والبرلمان البريطانيين "سيتحملان وحدهما مسؤولية الخروج (من الاتحاد الأوروبي) بدون اتفاق وتداعيات ذلك". وتوقعت سيلا "صعوبات" مستقبلاً، مشيرة إلى أنّ "خروج (بريطانيا) غير المنظّم" من التكتل كما هو متوقع يعد "مثالاً واضحاً على ما يمكن أن يحدث في حال تركنا أنفسنا ننجر للمواقف المتطرفة".

إيرلندا: "مرحلة خطرة جداً" بعد استقالة ماي

كما حذر رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار، الجمعة، من أنّ استقالة ماي من رئاسة وزراء بريطانيا هو أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة لدبلن، إذ إنّ خلفها قد يخرج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.

وقال فارادكار لدى إدلائه بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي، وفق ما ذكرت "فرانس برس"، إنّ "بريكست ينهك السياسة البريطانية وسيستمر ذلك لفترة طويلة جداً. هذا الأمر يعني أننا ندخل الآن مرحلة جديدة في ما يتعلق ببريكست، وهي مرحلة قد تكون خطرة جداً بالنسبة لإيرلندا".

روسيا... "فترة صعبة جداً"

أما الرئاسة الروسية فاعتبرت أنّ رئاسة ماي للحكومة البريطانية "كانت فترة صعبة جداً" في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للصحافيين، إنّ "رئاسة ماي للحكومة جاءت خلال فترة صعبة جداً في علاقاتنا الثنائية".

المساهمون