تواصل أوروبا محاولاتها لإنقاذ الاتفاق النووي الموقع مع إيران في العام 2015، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة، في ظل غياب خطة واضحة تسمح للشركات الأوروبية بالنفاذ من العقوبات التي تهددها إذا تعاملت مع طهران.
في هذه الأثناء، أحدثت استقالة رئيس فريق التفتيش في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تيرو فارجورانتا، ضجةً، رغم عدم وضوح الأسباب التي تقف وراءها، إذ أنها تأتي مباشرة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، الذي تحيط به الكثير من الأسباب السياسية، أكثر منها التقنية.
وفي الإطار الأوروبي، قال مسؤولون فرنسيون وألمان أمس الجمعة إنهم يبحثون السبل لمساعدة شركات بلادهم على تخطي تبعات إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران بعد قرار الانسحاب الأميركي، في وقت اتفقت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ضرورة إجراء محادثات، لمعرفة كيف ستؤثر العقوبات الأميركية في الشركات العاملة بإيران.
وكان ترامب أكد أنه سيعيد فرض العقوبات الأميركية التي ستشمل أيضاً الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إيران، وذلك بعد إعلانه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
وقالت متحدثة باسم ماي "تحدثت رئيسة الوزراء عن التأثير المحتمل للعقوبات الأميركية في تلك الشركات التي تقوم حاليا بأعمال في إيران"، موضحة أنه تم الاتفاق "على إجراء محادثات بين فرقنا".
وأشارت المتحدثة إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية شددت خلال الاتصال الهاتفي الذي أجرته مع ترامب، على "استمرار تمسك الشركاء الأوروبيين بالاتفاق النووي مع إيران، والتزامهم به كأفضل طريقة لمنع إيران من تطوير السلاح النووي".
لكن مع إعادة فرض عقوبات أميركية، تبدو بريطانيا غير قادرة حتى الآن، ومعها بقية الدول الأوروبية على حماية شركاتها من عواقب العقوبات التي ستلاحقها من قبل واشنطن إذا ما واصلت التعامل مع إيران. وكان متحدث باسم ماي رأى يوم الأربعاء الماضي أن الشركات في المملكة المتحدة "ربما ترغب في دراسة التداعيات على أنشطتها للأعمال في إيران، وتسعى حيثما يكون ضرورياً للحصول على المشورة القانونية المناسبة".
من جهته، قال البيت الأبيض، أمس الجمعة، إن "الأعمال الطائشة" التي ترتكبها إيران تمثل تهديداً للأمن الإقليمي، داعياً دولاً أخرى إلى الضغط على طهران لتغيير سلوكها. وأضاف البيت الأبيض في بيان: "حان الوقت كي تضغط الدول المسؤولة على إيران لتغيير هذا السلوك الخطير".
يذكر أنه من المتوقع أن تلتقي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني يوم الثلاثاء المقبل نظراءها من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في بروكسل، على أن ينضم إليهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لاحقاً.
وكانت موغيريني شددت على أن الاتحاد الأوروبي "مصمم على الحفاظ" على الاتفاق النووي، الذي وصفته بأنه "أحد أهم النجاحات الدبلوماسية على الإطلاق".
استقالة "ذرية"
إلى ذلك، قدم رئيس فريق التفتيش في الوكالة الدولية للطاقة الذرية استقالته أمس الجمعة، بحسب ما أعلن متحدث باسم الوكالة.
ولم يعط أي سبب لاستقالة تيرو فارجورانتا المفاجئة، بعد أيام من انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، علماً أن الوكالة تقوم بعمليات تفتيش في إيران للتحقق من الالتزام بشروط الاتفاق.
وقال المتحدث إن "الوكالة ستستمر بممارسة أنشطة الرقابة التي تتولاها بمهنية عالية" بعد تعيين مساعد المدير العام للوكالة، المكلف بأنشطة التحقق في إيران، ماسيمو أبارو، بديلاً مؤقتاً لفارجورانتا الذي تولى منصبه أواخر العام 2013، على أن يتم تعيين بديل دائم "في أقرب وقت ممكن".
من جهتهم، قال مسؤولون أميركيون إنهم يريدون استمرار أنشطة التحقق في إيران رغم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
وقال مسؤول في بعثة الولايات المتحدة لدى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" إن "الولايات المتحدة مستمرة في دعم عمليات التفتيش الصارمة التي تجريها الوكالة في إيران تطبيقاً لكامل صلاحياتها".
ويفرض الاتفاق الموقع مع إيران على طهران فتح أي موقع أمام الوكالة خلال 24 يوماً حداً أقصى، كما يفرض مراقبة عن بعد على مدار الساعة في بعض المواقع.
إلا أن هناك خشية من انهيار الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، ما قد يدفع طهران لإنهاء تعاونها مع عمليات التحقق التي تجريها "الوكالة الذرية".
ومنذ توقيع الاتفاق النووي مع طهران تصدر الوكالة تقارير فصلية تؤكد فيها أن إيران تحترم "التزاماتها النووية".
(العربي الجديد)