شهدت مدينة السويداء في الجنوب السوري، ليل الأحد ــ الإثنين، توتراً أمنياً على خلفية اختطاف ناشط معارض للنظام، حمّلت فصائل محلية مسلحة فرعَ "الأمن العسكري" في السويداء مسؤولية اختطافه، وقامت باحتجاز عدد من عناصر الأجهزة الأمنية وسيارة أمنية في المدينة، مطالبين بإطلاق سراح الناشط فوراً. وأفادت مصادر في السويداء "العربي الجديد"، بأن "مجموعة من المسلحين كانوا يستقلون (فان) أبيض، قاموا بخطف الناشط مهند شهاب الدين بالقوة، من أمام مكان عمله في مدينة السويداء ليل الأحد ــ الإثنين"، مضيفة أنه "تجمّع عدد من عناصر الفصائل المحلية المسلحة في منزل شهاب الدين، موجهين اتهامات لفرع الأمن العسكري في السويداء بالوقوف وراء العملية". ولفتت المصادر إلى أن "الفصائل انتشرت خلال الليل في أحياء المدينة، واحتجزت عدداً من الأمنيين مع سياراتهم، ويُعتقد بأن عددهم تجاوز الـ10 عناصر، في حين وقع اشتباك بالأسلحة الخفيفة في محيط فرع الأمن العسكري بين عناصر من الفصائل المحلية وعناصر الفرع، يرجح أنه أدى إلى وقوع إصابات، إذ شوهدت سيارات الإسعاف تتجه إلى المنطقة، قبل أن يغادر عناصر الفصائل، بعد منحهم مهلة 24 ساعة لإطلاق سراح شهاب الدين".
وكشفت المصادر أن "المدينة تشهد حالياً نوعاً من الترقب في ظل غياب تام للدوريات الأمنية من شوارعها، وقدوم تعزيزات إلى الأفرع الأمنية وقيادة الفرقة الـ15 التابعة لقوات النظام". وذكر مصدر مقرّب من الأمن العسكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الفرع نفى أن يكون له أي علاقة بعملية خطف شهاب الدين".
وهذا الاتهام ليس الأول من نوعه الذي يوجّه لفرع "الأمن العسكري" في السويداء، إذ سبق أن اتُهم الفرع باغتيال القيادي في فصيل "قوات شيخ الكرامة" وسام العيد، مطلع الشهر الماضي. وردّ الفصيل بإعدام ثلاثة أشخاص، قال إنهم تورّطوا بتنفيذ عملية الاغتيال. كما اتُهم فرع "الأمن العسكري" بتهريب مشتقات النفط بين البادية ودرعا عبر السويداء، قبل سيطرة قوات النظام عليها، إضافة إلى رعايته شبكات من الخارجين عن القانون يعملون بتجارة السلاح والمخدرات والخطف مقابل الفدية، واغتيال مؤسس "حركة رجال الكرامة" وحيد البلعوس. كما أن بعض الاتهامات عادت بالزمن إلى عام 2000 حين قتلت قوات الأسد نحو 20 شاباً من أبناء السويداء في المستشفى الوطني، على خلفية أحداث عنف وقعت بين الدروز والبدو.
ويبدو أن اختطاف شهاب الدين ليس بعيداً عن التحركات الأمنية والتصعيد الذي تشهده السويداء، المرتبط بالصراع الروسي ــ الإيراني في سياق فرض السيطرة على المحافظة، في ظلّ توجه الفرقة الرابعة التابعة للنظام وفرع "الأمن العسكري"، الموالين للإيرانيين، لوضع حواجز تابعة لها. وكانت المحاولة الأولى للفرقة قد تمّت في وقت سابق من الشهر الحالي، بوضع حاجز على مدخل المدينة الشمالي، عند دوار العنقود على طريق دمشق ــ السويداء، مقابل قسم المخابرات الجوية، إلا أن الفصائل المسلحة توجهت إلى المكان وطلبت من العناصر الانسحاب مباشرة.
وعقب تدخل بعض الوجهاء المحليين، تم سحب الحاجز إلى داخل قسم المخابرات الجوية، وبعد تلك الحادثة بأيام عدة، كررت الفرقة الرابعة محاولتها وضع حاجز بالقرب من المستشفى الوطني على الطريق الواصل بين مدينة السويداء والريف الجنوبي، فانتشر عشرات الجنود على جانبي الطريق، قبل سحبهم بعد نحو ساعتين.
وأفادت المعلومات الواردة من مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي، إحدى مراكز فصيل "قوات شيخ الكرامة"، أن "معسكر سد العين لتدريب الأغرار، التابع للفرقة الـ15، يقوم بإنشاء تحصينات تمهيداً لوضع حاجز عسكري على طريق السويداء ــ صلخد، ترافق مع رفع تحصينات المعسكر، وتدعيم نقاط الحراسة بأسلحة متوسطة، في ظل تهديدات من الفصائل المحلية باقتلاع الحاجز والمعسكر في حال تم وضع الحاجز".
أما في مدينة السويداء، فقد شهد الأسبوعان الماضيان، استهداف فرع "الأمن العسكري" وفرع "الأمن السياسي" في المدينة، بقذيفتي مضاد دروع "أر بي جي"، تسببتا بأضرار مادية فقط. وذكرت معلومات لـ"العربي الجديد"، أن "الأجهزة الأمنية وجّهت الاتهام إلى قوات شيخ الكرامة"، في حين نُقل عن قيادات من الأخير، اتهام الأجهزة الأمنية "بافتعال هذه الاستهدافات بهدف دفع قوات النظام إلى الدخول للمحافظة، بحجة وجود إرهاب أو تهديد على مؤسسات الدولة"، محذّرين من "جرّ قوات النظام وزجها باقتتال مع أهالي السويداء".
وذكر ناشطون من المحافظة، أن "من الإجراءات التي تنفذها قوات النظام وعلى رأسها الفرقة الـ15، التي تقع قيادتها في مدينة السويداء وتنتشر في المنطقة الجنوبية من سورية، بما فيها درعا والقنيطرة، والتي تثير الريبة لدى أهالي المحافظة، سحب معظم أبناء السويداء من على الحواجز العسكرية التابعة للفرقة داخل المحافظة. وتم جمع أبناء المحافظة في أحد الأفواج التابع للفرقة والمتمركز في الريف الغربي للمحافظة، وتم إبلاغهم بأنه سيتم توزيعهم بين نقاط عسكرية في درعا، والبادية شرق السويداء، ما تسبب بفرار جزء كبير منهم".
وأضافوا أن "هناك تذمراً عاماً من أبناء السويداء جراء المعاملة في كثير من القطع العسكرية، التي يتلقونها من قبل بعض الضباط، خصوصاً الذين التحقوا على أساس العفو الرئاسي الصادر نهاية العام الماضي، الذين يُقدّر عددهم بنحو 7 آلاف شاب، غالبيتهم عسكريون فرّوا في وقت سابق من الخدمة الاحتياطية والإلزامية، أملاً في صدور قرارات تسريح جديدة كان قد وعد بها ضباط كبار من النظام، إلا أن هؤلاء يتذرعون اليوم بالعمليات التي تدور في ريفي إدلب وحماة لعدم صدور قرارات تسريح جديدة، وهذا ما يدفع كثيراً من الشباب للفرار من جديد من الخدمة".