توافد مئات الإعلاميين من جميع أنحاء العالم، في الأيّام الأخيرة الى بريطانيا واسكتلندا. كلٌ له أسبابه الخاصة ورؤيته في متابعة تطوّرات الاستفتاء الأسكتلندي على الانفصال عن المملكة المتحدة، وما سيُسفر عنه من نتيجة.
ورغم تباين وجهات نظر وسائل الإعلام العالمي وتوجّهاتها، لكنّها توافقت على أهميّة هذا الحدث وتاريخيته، وخصوصاً أنّ تداعياته لن تنحصر في حدود المملكة المتحدة. وأعربت بعض وسائل الإعلام العالمية عن خشيتها من أن يثير انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، حركات الاستقلال في البلدان الصغيرة، في أماكن أخرى من العالم، في حين أبدت وسائل إعلام أخرى مخاوفها على مصير بريطانيا العظمى، في حال نجاح الانفصال.
وبدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأكثر قلقاً على مصير المملكة المتحدة، وقالت إنه في حال حدث الانفصال بين اسكتلندا وبريطانيا، فلن تبقى هناك "مملكة متحدة". وسألت: "كيف يمكن أن يكون هناك بريطانيا العظمى بعد اليوم؟ هل ستضطر بريطانيا العظمى إلى تغيير اسمها؟ ربّما".
من جهته، رأى مراسل راديو فرنسا الدولية، مرييل ديلاكروس، أنّ جميع القادة السياسيين في "ويستمنستر" (المربّع السياسي في لندن)، سيخسرون في حال نالت اسكتلندا استقلالها. وأشار إلى أنّ البعض يعتقد أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، سيستقيل ويدخل التاريخ كزعيم خاسر فقد الاتّحاد البريطاني. أما حزب العمال، فسيخسر في حال انفصال اسكتلندا، قاعدة انتخابية مهمة قد تُخرجه من اللعبة السياسية في بريطانيا إلى وقت طويل، وكذلك هو حال حزب الأحرار الديمقراطي.
أما المعلّق السياسي الايطالي، ماركو نيادا، فقد اعتبر أن انفصال اسكتلندا سيكون ضربة سياسية قاصمة لإنجلترا، وسيخلّف أزمة في الهويّة الوطنيّة لباقي مكونات المملكة المتحدة.
وفي ألمانيا، حمل الكاتب في صحيفة يسار الوسط اليومية "سودويتشه تسايتونج"، كريستيان زاشيك، على الأوساط السياسيّة البريطانيّة، تركيزها على الآثار الماليّة والاقتصاديّة لانفصال اسكتلندا، بدلاً من تسليط الضوء على "مزايا الاتّحاد الذي كان قائماً مدّة 300 سنة".
وقال الكاتب إنّ "المؤسّسة السياسية في لندن، صُدمت عندما أدركت متأخرة أنّه كان عليها أن تقدّم حججها بطريقة مختلفة تماماً، إيجابية، عاطفية، لكن يبدو أنه فات الأوان".
أما صحيفة برشلونة اليومية "لا فانغارديا"، فشبّهت ما يجري في اسكتلندا بما يجري في إقليم كتالونيا، قائلة إنه "واقع متطابق"، فيما حذّر موقع "المجر الاقتصادي" الإخباري، من انهيار أحجار الدومينو في أوروبا.
وقال الموقع: "إذا نجح استفتاء استقلال اسكتلندا، فإنّ الحركات الانفصالية الأخرى في كتالونيا وبلاد الباسك، وحتى في البندقيّة، تراقب عن كثب التطورات التي ستبرّر تطلعاتها الخاصة في الحكم الذاتي".
من جهتها، حذرت صحيفة "اديفريال" اليوميّة الرومانية، من "عواقب" انقسام اسكتلندا على الدول الصغيرة الأخرى في جميع أنحاء أوروبا. وقالت الصحيفة: "في الواقع، يمكن أن تكون العواقب على المدى الطويل مثيرة... قد يكون استقلال اسكتلندا مجرد بداية ولا يمكن لأحد أن يتنبّأ بالعواقب التي يمكن أن تحدث إذا ما تشرذمت أوروبا إلى دول صغيرة جديدة تقوم على أساس العرق فقط".
من جهتها، تتابع وسائل الإعلام الروسية احتمال انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة بكثير من الاهتمام، واعتبر تلفزيون "روسيا 1" أنّ هناك القليل من الوقت "لإنقاذ المملكة المتحدة".
ورأت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" اليوميّة، أنّ استقلال اسكتلندا جعل موقف كاميرون ضعيفاً لا يمكن الدفاع عنه. وأضافت: "كاميرون لن يفقد منصبه وحسب، ولكن العار سيلحقه كونه الرجل الذي قسّم البلاد".
وكتب إيغور خولموغروف، في صحيفة "إزفستيا"، أنّ "انفصال اسكتلندا، إذا جرى، ربّما يعني بداية انقلاب في الإمبراطوريّة البريطانيّة، وقد تحذو إيرلندا الشماليّة حذو اسكتلندا".
كما لفتت صحيفة "نوفوي فريميا" الأوكرانيّة الأسبوعيّة، إلى أنّ الانفصال السلس لإسكتلندا سيشجّع حركات الاستقلال الأخرى، معتبرة أنّه "إذا نجح الإنجليز والإسكتلنديون في بناء علاقة طبيعية، بينما يعيشون في بلدين مختلفة، فلا شك أن الحركات الاستقلالية في أجزاء أخرى من أوروبا لن تهدأ وستتبع خطى أدنبرة بالتأكيد".
وركّزت وسائل الإعلام الحكوميّة الصينيّة، على الجوانب السلبيّة لاستقلال اسكتلندا، في ضوء مخاوف بكين من أن يشجّع انفصال اسكتلندا النزعات الانفصاليّة في تايوان والتيبت.
وقالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، إنّ المملكة المتحدة ستصبح دولة من "الدرجة الثانية"، إذا انفصلت عنها اسكتلندا. كما اتّهمت صحيفة "بكين ديلي"، المملكة المتحدة بانتهاج "معايير مزدوجة" لأنها تدعو الى مبدأ الوحدة داخل بريطانيا، وبالمقابل تشجع النزعات الانفصاليّة في الدول الأخرى.
وبدت وسائل الإعلام الإيرانية المحافظة غير مساندة لحملة "نعم" الانفصاليّة، واكتفت بنقل ما وصفته بالذعر الذي تشهده السياسة البريطانية. وكتبت وكالة "أنباء فارس": "بما أنّ احتمال انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة يتزايد، فإن المسؤولين في لندن والذين يعارضون بشدّة تفكّك المملكة المتحدة، يتبنّون سياسات موازية تقوم على الترغيب والترهيب لدفع المؤيّدين للاستقلال إلى تغيير مواقفهم".
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "رسالت" الايرانية إن "كاميرون على استعداد لمنح تنازلات لشعب اسكتلندا، تنازلات كانت تُعتبر في وقت سابق، خطاً أحمر بالنسبة إلى السياسيين والمسؤولين البريطانيين".