أنهى الوفد الوزاري السعودي، الذي يزور بغداد منذ الأربعاء الماضي، تقديم حزمة من العروض الاستثمارية والتجارية، التي تصبّ في مجملها، بحسب مسؤولين عراقيين، في صالح العراق، وهو ما رحبت به الحكومة العراقية، وهاجمته قوى سياسية مختلفة أغلبها محسوبة على إيران، اعتبرته رداً على اتفاقيات سابقة وقّعتها بغداد مع طهران.
ويضمّ الوفد السعودي، كلاً من وزراء التجارة والاستثمار ماجد القصبي، والثقافة بدر بن عبد الله، والبيئة والمياه والزراعة عبد الرحمن الفضلي، والطاقة والصناعة خالد الفالح، والتعليم حمد آل الشيخ، والإعلام تركي الشبانة، والدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، بالإضافة إلى نحو 40 مستشاراً ووكيل وزير وعشرات المسؤولين الحكوميين.
وأكد مسؤول عراقي في بغداد تحدث مع "العربي الجديد"، على هامش اجتماع عقد صباح أمس الخميس في قصر الضيافة بالمنطقة الخضراء، أن الحراك السعودي داخل العراق يأتي "بدفع أميركي"، مبيناً أن "تقديم السعودية الكهرباء للعراق سيسحب الحجة العراقية الحكومية في مسألة الالتزام بتطبيق العقوبات الأميركية على إيران، إذ كانت الحكومة تقول إن وقف استيراد الكهرباء من إيران يعني أن مدن الجنوب ستغرق بالظلمة، وهذا بديل سعودي عن هذه الحجة وبسعر قد يصل إلى نصف ما كان العراق يدفعه لإيران". ولفت إلى أن "الزيارة مناكفة مع إيران، وكل الاتفاقيات أو مذكرات التفاهم التي تتعلق بالتبادل التجاري أو الاستثمار في مجال الطاقة، وإصدار التأشيرات وافتتاح القنصليات تصبّ في صالح العراق لا السعودية، وهي بطبيعة الحال تختلف عن الاتفاقيات التي وقعها العراق مع إيران، وكانت تصبّ في صالح الإيرانيين أكثر من العراقيين".
وحصلت "العربي الجديد" على معلومات، تؤكد أن عدداً من المسؤولين العراقيين طالبوا خلال لقاء مع الوفد السعودي الوزاري أمس، بعدم جعل الاتفاقيات الموقعة أو التوسع في العلاقات التجارية موجهاً ضد طرف ثالث، في إشارة إلى إيران. وقال عضو في لجنة العلاقات العراقية السعودية لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة وأطرافاً سياسية كثيرة متخوفة من أن يكون هناك أجندات سياسية توقع العراقيين بحرج مع إيران، وتؤدي إلى توتر إضافي على الساحة الداخلية العراقية". وأكد أن "العراق وقّع مذكرة تفاهم حيال عرض استيراد الكهرباء من السعودية، لكونه لا يوجد ما يوجب رفضه، وخصوصاً مع الأسعار المخفضة التي قدمتها الرياض والتي تعتبر أفضل بكثير من طهران"، معتبراً، في الوقت ذاته، أن مذكرة التفاهم لا تعني اتفاقية نهائية. وأوضح الرئيس العراقي برهم صالح، في بيان بعد اجتماع مع الوفد، أن "العراق يحرص على بناء علاقات مميزة مع السعودية وبقية أشقائه وجيرانه وفقاً للمصالح المشتركة"، مشيداً بما وصفها "مواقف السعودية، ملكاً وشعباً، الداعمة للشعب العراقي، ومساهمة المملكة في إعمار مدنه المحررة وإعانة اللاجئين والنازحين".
وأوضح عضو تحالف "سائرون" سلام الشمري، أن "الزيارة موفقة ونرحب بها ونجد فيها فائدة للعراق، بغضّ النظر عن باقي الأمور". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، "ستوظف الزيارة في تشغيل اليد العاملة والقضاء على البطالة وفتح تعاون مع الجوار بعد قطيعة دامت نحو 3 عقود". واعتبر عضو تحالف "المحور" فالح العيساوي، أن "السعودية تحاول أن تعوض فترة الفتور مع العراق"، موضحاً أن "العلاقة السعودية - العراقية متوقفة منذ نحو 30 سنة، وكانت متوترة نتيجة احتلال العراق للكويت"، مضيفاً أن "هذه العلاقة عادت للتوتر بشكل لافت جداً خلال تولّي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية". وتابع في تصريح صحافي، أن "التقارب السعودي - العراقي حصل عام 2017، خلال فترة تولّي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، فالعبادي كان منفتحاً كثيراً على المجتمع العربي والإقليمي". وأضاف العيساوي أن "زيارة الوفد السعودي لبغداد لم تكن مفاجئة، وهذه العلاقة لها أهداف وغايات لا تتوقف عند الاقتصاد والاستثمار، إنما تتعدى ذلك".