استعراضان

03 أكتوبر 2015
غياب المصداقية الفلسطينية ينبع من غياب الإرادة لتطبيق التهديدات(Getty)
+ الخط -

الأول هو الاستعراض الذي قدمه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في الأمم المتحدة، وقد جاء مليئا بالتسويفات المشروطة بانصياع الاحتلال لمطالب سلطة باتت لا تملك تأييداً شعبياً، وتفتقر إلى المصداقية الوطنية، وهي أسيرة التهديدات التي تعيد إلى الأذهان مشاريع "المسؤول الحكومي" في مسرحية "كاسك يا وطن".
أما الاستعراض الآخر، فهو طبعاً الذي قدمه نتنياهو ببلاغته الخطابية التي توّجها بالصمت لنحو دقيقة، بديلاً عن رسوم القنبلة المستوحاة من أفلام الكرتون التي لجأ إليها قبل عامين. وإذا كان استعراض نتنياهو هو الآخر يفتقر إلى المصداقية الدولية من باب إدراك المجتمع الدولي أنه يكذب، فإن غياب المصداقية الفلسطينية ينبع من غياب الإرادة والقدرة على تطبيق التهديدات الجوفاء والمشروطة التي عددها أبو مازن، ليس قبل أن يبعث رسائل لكل العالم أنه لن يوقف التنسيق الأمني، ولن يلغي الاتفاقيات، ولكنه قد يوقف العمل فيها إذا وعندما... من دون تحديد هذه الـ"إذا" والـ"عندما"...

الاستعراضان المذكوران أعلاه هدفا في نهاية المطاف إلى تحقيق غاية واحدة تختلف دلالاتها لكل من الطرفين، لكنها تكرس نفس النتيجة: إبقاء الوضع على ما هو عليه، ويعني ذلك من وجهة نظر الاحتلال استمرار مشاريع ومخططات الاستيطان وتقسيم الأقصى. أما من وجهة نظر السلطة الفلسطينية فهو السعي للهروب من قرار فلسطيني واضح ومطلوب منذ مدة، بإلغاء التنسيق الأمني أولاً، والاتجاه إلى بناء وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية، ووضع استراتيجية تحرير، أو على الأقل "رمي صرة المفاتيح" في وجه الاحتلال.

عملياً، يمكن القول إن الاستعراضين، وإن تغيرت مفردات خطاب كل من عباس ونتنياهو، لا يخرجان عن دائرة التوقعات باعتبارهما لا يجددان شيئاً منذ 3 سنوات على الأقل. ففي كل عام، كان الجانب الفلسطيني يهدد "بخطوات قاسية" سرعان ما يتراجع عنها. في المقابل يكرر نتنياهو اللازمة نفسها: إيران وخطرها والالتزام بحل الدولتين، فيما يدرك الاثنان أن استعراضهما مشروخ ولا فائدة منه، وإن كان أبو مازن ذهب يطلب دولة، لكنه عاد بعلَم.