استعدادات التدخل البرّي باليمن: 700 جندي مصري إلى السعودية

14 ابريل 2015
استمرار المواجهات في عدن مع محاولة الحوثيين التقدّم (الأناضول)
+ الخط -

لم تتغير كثيراً المعطيات على الأرض في اليوم التاسع عشر لعملية "عاصفة الحزم" في اليمن، مع استمرار الاشتباكات في الجنوب بين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة، والحراك الجنوبي واللجان الشعبية من جهة أخرى. وتواصل استهداف مواقع الحوثيين وحلفائهم في صنعاء ومأرب من طائرات "العاصفة". ووسط هذا المشهد، تزداد مؤشرات التدخل العسكري البري، مع توجّه مصر لإرسال عدد من قواتها إلى السعودية.
فقد علمت "العربي الجديد"، من مصادر مصرية مطلعة، أن "نحو 700 عنصر مقاتل من قوات التدخل السريع، يستعدون للتوجّه إلى الأراضي السعودية، تمهيداً للمشاركة في العمليات البرية داخل اليمن متى تقرر ذلك". وقالت المصادر إن "قرار البدء بالمرحلة الثانية، من عاصفة الحزم، لم يتم إبلاغ الجانب المصري به، حتى الآن، وربما تكون المهام المطلوبة من طلائع قوات التدخل السريع، المقرر سفرها إلى الأراضي السعودية، هي الاستطلاع والتمهيد للتدخل البري، في حالة إقراره بصورة نهائية"، مضيفة أن "طلائع القوات لم تغادر الأراضي المصرية، حتى الآن". كما أوضحت مصادر مصرية رسمية لـ"العربي الجديد"، أن "مصر كانت تأمل إصدار قرار دولي يتيح دخول قوات دولية، أو عربية لحفظ السلام، للأراضي اليمنية، تتضمن مشاركة مصرية واسعة، لكنها ستكون ملتزمة بحماية أمن دول الخليج العربي، مهما كانت الظروف".

ميدانياً، تواصلت ضربات "عاصفة الحزم"، واستهدفت العديد من الأهداف العسكرية في أكثر من محافظة، وفي مقدمتها مأرب المشتعلة بالمواجهات، بالتزامن مع أداء نائب الرئيس اليمني خالد بحاح اليمين الدستورية، في العاصمة السعودية الرياض، بعد يوم من تعيينه.

وتركّزت ضربات التحالف أمس الإثنين على محافظة مأرب، واستهدفت مواقع الحوثيين الذين حاولوا السيطرة على مدينة صرواح بعد مواجهات مع القبائل. كما استهدف التحالف بنحو ثماني غارات معسكر "ماس" الذي يسيطر عليه الحوثيون في مديرية مجزر. وشهدت منطقة صرواح ومناطق أخرى في مأرب مواجهات مسلحة سقط فيه العديد من القتلى والجرحى من الطرفين، فيما دخلت العديد من المدن اليمنية في الظلام، جراء تعرض خطوط نقل الطاقة الكهربائية لأعمال تخريبية، أخرجت محطة مأرب الغازية، عن الخدمة.

واستهدف التحالف أيضاً مواقع في صنعاء وعمران، بعد هدوء الليلة السابقة. وبحسب مصادر تابعة للحوثيين فقد استهدفت الغارات معسكر "قوات العمليات الخاصة" غربي العاصمة، والذي تعرض لأكثر من 18 غارة سابقة منذ بدء "عاصفة الحزم"، كما استهدفت الضربات بالتزامن عصر الاثنين محطات الإرسال الإذاعي والتلفزيوني الحكومي في جبل عيبان القريب من المعسكر. واستهدف التحالف أيضاً بغارات مواقع مختلفة في عمران شمال صنعاء.

وشن التحالف غارات في محافظة إب، استهدفت أماكن تجمعات للحوثيين ومقار أمنية، وكان من أبرز الأهداف "الملعب الرياضي"، الذي اتخذه الحوثيون مقراً لهم. وأعلن المتحدث باسم "الجيش" المعيّن من الحوثيين، العميد شرف غالب لقمان، أن عدد ضحايا "عاصفة الحزم"، وصل إلى 2571 قتيلاً من المدنيين، فيما بلغ عدد الجرحى 3897 جريحاً.

اقرأ أيضاً: مواجهات بين الحوثيين والقبائل في مأرب وغارات في صنعاء

جنوباً، استهدفت طائرات "الحزم" مواقع للحوثيين وحلفائهم، وخصوصاً في شبوة وعدن. وقصفت الطائرات فجر أمس المجمع الرئاسي الذي يسيطر عليه الحوثيون بحسب وكالة "فرانس برس".

واستمرت المواجهات أمس بين الحوثيين ومسلحي "المقاومة الشعبية" في عدن. وقالت مصادر لوكالة "الاناضول" إن مسلحي "المقاومة" تصدوا لهجوم نفذه الحوثيون في مدينتي المعلا والقلوعة التابعتين لمحافظة عدن.

وفي مأرب، دارت اشتباكات بين مسلحين قبليين وآخرين حوثيين في منطقة مدغل شمالي مأرب، كما أفاد مصدر قبلي لوكالة "الأناضول"، مشيراً إلى أن "القبائل تضيّق الخناق على مسلحي الحوثي من ثلاث جهات، وأنهم يحاصرون نقطة للحوثيين على خط صنعاء مأرب".

كل هذه التطورات ترفع الحديث عن إمكان حصول تدخل بري لطرد الحوثيين من الجنوب خصوصاً، ويدخل التحرّك المصري بإرسال 700 عنصر مقاتل إلى السعودية في هذا الإطار. وكانت مصر أعلنت تأييدها ومشاركتها في "عاصفة الحزم"، وعبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن دعمه "العاصفة" وتأكيده أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر، وهذه التصريحات جاءت بعد أنباء متعددة تعكس تردداً مصرياً واضحاً. ومنذ إعلان تشكيل تحالف "عاصفة الحزم"، اقتصرت مشاركة مصر على وجود بوارج بحرية عسكرية أمام مضيق باب المندب.

ومع تضارب الأنباء حول قرب التدخّل العسكري البري لمصر في اليمن، تبرز تساؤلات حول ما إذا ستكون تلك الحرب البرية شبيهة بحرب اليمن في ستينيات القرن الماضي، حين حارب الجيش المصري عام 1962 في صفوف المشير عبد الله السلال بعد انقلابه على الإمام محمد البدر حميد الدين وإعلانه قيام الجمهورية في اليمن. وفي هذا الصدد، يقول الخبير العسكري ومدير مركز الحوار الاستراتيجي اللواء عادل سليمان، إنه لا يمكن المقارنة بين حربي عام 1962 وحرب 2015 نظراً لأن الظروف السياسية والعسكرية مختلفة تماماً بين الفترتين.

ويوضح سليمان في حديث لـ"العربي الجديد" أن "نقاط الاختلاف بين الحربين متعددة، أهمها على الإطلاق كيفية التدخل البري في الأساس، ففي الحرب السابقة كانت قيادة الثورة اليمنية بقيادة السلال هي من طلبت من مصر التدخّل، وكانت مطارات اليمن الجوية والبحرية في عدن والحديدة تحت سيطرة الثورة، ما أعطى فرصة للسفن المصرية والطائرات الحربية للنزول في تلك المطارات ونشر الجنود على الأرض، وكانت السفن تخرج من ميناء السويس في مصر لتصل مباشرة إلى ميناء الحديدة، من دون عائق، أما الآن فليس هناك موطئ قدم مؤمّن لنشر قوات على الأرض، فالمطارات في يد الحوثيين، فكيف ستدخل هذه القوات إلى اليمن".

ويضيف سليمان "لا يمكن أن نتوقع دخولاً برياً عبر حدود عمان، فهي دولة أعلنت حيادها في هذه الحرب منذ البدء وبالتالي لن تقبل بدخول جنود إلى اليمن عبر أراضيها"، معتبراً أن "هذا الأمر من بين أسباب تأخّر الإعلان عن تدخّل عسكري بري". ويلفت إلى أن "هذه الأسباب هي ما تصعّب التكهن بنتيجة الحرب إذا ما حصلت براً"، معتبراً "أن من يؤيد أو يعارض دخول مصر بجيشها إلى اليمن عليه الإجابة أولاً عن كيفية الوصول إلى اليمن".

اقرأ أيضاً: عرض جزائري لاستضافة حوار بين أطراف الأزمة اليمنية

المساهمون