استعادة بعلبكي.. ذاكرة الحرب والطقوس الشعبية

25 ديسمبر 2017
(من المعرض)
+ الخط -
تاريخ الناس العاديين في أعمالهم ومهنهم، وتجوالهم في المكان وحياتهم اليومية فيه، هو المحور الأساسي الذي تحرّكت فيه تجربة الفنان التشكيلي والشاعر اللبناني الراحل عبد الحميد بعلبكي (1940 – 2013)، وجرت استعادتها في معرض يتواصل في "غاليري صالح بركات" في بيروت حتى الثلاثين من الشهر الجاري.

المعرض الذي افتتح في السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تزامن مع صدور كتاب "مونوغراف" للباحث والفوتوغرافي غريغوري بوشاكجيان (1971) تتبّع فيه أعمالاً أنجزها الراحل منذ دراسته في الجامعة اللبنانية في ستينيات القرن الماضي، وصولاً إلى آخر لوحاته في منتصف الألفية الثانية.

تأثّر صاحب المجموعة الشعرية "لكيلا لا يكون الصمت" (1999) بالتيارات الواقعية والتعبيرية في الفن، حيث رصد التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، وتداعيات الحرب الأهلية اللبنانية ونزوح الناس من قراهم في الجنوب بسبب العدوان الإسرائيلي، كما في لوحته "هجرة/ خروج".

وشكّلت ميوله السياسية القريبة من اليسار انحيازاته في تصوير أحزمة الفقر والعشوائيات في المدن اللبنانية، وتمثيله رموز الذاكرة الجمعية في مجموعة جداريات حملت عناوين "الغربة"، و"الحطاب"، و"عاشوراء"، و"مزارع جنوبي"، إلى جانب تفاصيل حيّ الشياح البيروتي الذي سكن فيه، وكان أحد خطوط التماس بين الطرفين المتقاتلين في بيروت أثناء الحرب الأهلية.

استحضر بعلبكي شخصيات وأحداث من الواقع؛ القبضايات (الفتوات) وسيرهم، والباعة المتجوّلين، وجلسات المقاهي، وعمارات بيروت وشوارعها وقارئة الطالع، محاكياً في أعماله الطبيعة ويوميات الحرب ومقاومة الإنسان لاستلاب أنماط الاستهلاك التجارية، وربما يحضر في هذا السياق عزوفه عن إقامة المعارض مكتفياً بمعرضي رسم ونحت فرديين فقط طيلة حياته عامي 1983 و1998، وثالث فوتوغرافي عام 2008 في بيروت.

استحوذت مواكب الجنائز على عدد من أعماله التي عبّرت عن أحد أبرز الطقوس الشعبية لدى صاحب "ورود لمثواها" (2003) في تشخيص للنهايات وملامح الوجوه والحركات عنها، كما تحمل بعضها بعداً فانتازياً في التعبير عنها.

أحد الروافد التي أفاد منها الفنان كانت المنمنات العربية، وتحديداً في رسومات يحيى الواسطي على مقامات الحريري في القرن الثالث عشر، حيث تظهر الرخارف في عدد من لوحاته.

يُذكر أن عبد الحميد بعلبكي ولد في العديسة جنوب لبنان، وتخرّج من "معهد الفنون الجميلة" التابع لـ"الجامعة اللبنانية"، ثم تابع دراساته العليا في "كلية الفنون الجميلة" الفرنسية، ليعود إلى المعهد ويزاول التدريس قرابة خمس وثلاثين سنة. ترك أربع مجموعات شعرية ومؤلّفين في الحكاية الشعبية.

المساهمون