استطلاع: الأميركيون لا يرغبون بتعلم الأرقام العربية...ولا يعرفون أنهم يستخدمونها!

05 يونيو 2019
تحمل الهواتف المحمولة الأرقام العربية (getty)
+ الخط -
"هل يجب أن يتعلم الأميركيون الأرقام العربية، كجزء من مناهجهم المدرسية؟".

طرحت شركة CivicScience البحثية في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا الأميركية، هذا السؤال على حوالي 3200 أميركي، أخيرا، في استطلاع يدور بشكل ظاهري عن الرياضيات، فكانت نتائجه مقياسًا خطيرًا لمواقف الطلاب الأميركيين تجاه العالم العربي.

وقال حوالي 56% من الذين وجه لهم السؤال، إنهم لا يرغبون بدراسة الأرقام العربية، في حين أوضح 15% منهم أن ليس لديهم رأي، مما ألهم آلاف المغردين على "تويتر"، للحديث عن الأمر، خاصة وأن النتائج كانت لتتغير لو أوضح المستطلعون أن "الأرقام العربية"، هي ذاتها التي تستخدم عالميًا باعتبارها أحرفًا إنكليزية!

ودفعت هذه الحقيقة جون ديك، الرئيس التنفيذي لشركة الاستطلاعات، لوصف النتائج بأنها "أتعس وأطرف دليل على التعصب الأميركي"، إذ كان معارضو تدريس الأرقام العربية (أغلبهم من الجمهوريين)، يفتقرون للمعرفة الأساسية بأنهم يدرسونها أساسًا، وكان دافعهم الوحيد للرفض هو نفورهم من أي شيء يوصف أنه "عربي"، وفقًا لموقع "نيويورك بوست".

 

لماذا يطلق على النظام العددي الأكثر كفاءة في العالم اسم "الأرقام العربية"؟

يعود الجواب إلى الهند في القرن الـ 17، حيث ابتكر النظام العددي واخترع الصفر، ثم انتقل بعد قرنين من الزمن إلى العالم الإسلامي، الذي كانت عاصمته بغداد المعروفة آنذاك بأنها أفضل مدينة للفكر في العالم، وهناك أسس العالم المسلم الفارسي محمد بن موسى الخوارزمي، علم الجبر.

واكتشف عالم الرياضيات الإيطالي فيبوناتشي، الذي درس الحساب مع سيد عربي في شمال أفريقيا المسلمة، أن الأرقام العربية ونظامها العشري أكثر كفاءة وعملية من النظام الروماني، فنشرها في أوروبا، وصارت تعرف بـ "الأرقام العربية".

وترجع أصول الكثير من الكلمات الإنكليزية إلى جذور عربية، مثل الخوارزمية algorithm، المشتقة من اسم الخوارزمي، و algebra وهي علم الجبر، و alchemy وهي الكيمياء، و sugar وهي سكر، و syrup وهي الشراب، و tariff وهو الطريف أو النادر.

وكان العالم العربي بين القرنين الـ 8 والـ 12، أكثر إبداعًا من أوروبا المسيحية، التي كانت في ذلك الوقت مثقلة بالعصور الوسطى، في حين كان المسلمون روادًا في الرياضيات والفيزياء والفلك والطب وعلم الأحياء والتجارة والهندسة المعمارية والفلسفة، ولا شك أنهم ورثوا هذه المعارف من ثقافات أخرى، مثل الإغريق القدماء والمسيحيين الشرقيين واليهود والهندوس، إلا أنهم طوروها بابتكاراتهم الخاصة، ونقلوها لأوروبا، وهذا هو سبب انتقال بعض المصطلحات العربية بدورها إلى اللغة الإنكليزية.

 

لماذا الخوض في هذا التاريخ المنسي؟

لا بد أن الحضارة الغربية لديها إنجازات عظيمة يجب الحفاظ عليها، مثل حرية الفكر والدين، إلغاء العبودية، المساواة أمام القانون والديمقراطية، لكن المحافظين الغربيين يعرفونها على أنها "مسيحية ويهودية"، وينكرون دور المصادر الحضارية الأخرى، مثل الإسلام، الذي كان له دور في صنع العالم الحديث، وتكريم ذلك الإرث سيساعد على بناء حوار فعال مع المسلمين.

لماذا فقدت الحضارة الإسلامية عصرها الذهبي؟

يدعي البعض أن السبب يعزى لافتقار مسلمي اليوم للتقوى، في حين يفترض آخرون أن اللوم يلقى على غياب القادة الأقوياء، أو على نظرية المؤامرة ضدهم من الداخل والخارج، لكن التفسير الأكثر واقعية بسيط، إذ كانت الحضارة الإسلامية المبكرة مبدعة، لأنها كانت أكثر انفتاحًا، بحسب كاتب التقرير.

وكانت الحضارة الإسلامية المبكرة تتميز بحرية التعبير، والرغبة بالتعلم من الثقافات الأخرى، وهذا ما سمح بترجمة ومناقشة أعمال فلاسفة يونانيين كثيرين، مثل أرسطو، كما كان علماء اللاهوت يتمكنون من الإفصاح عن وجهات نظرهم، وكان العلماء مستقلين، قبل أن يبدأ فرض الاستبداد من قبل السلاطين في وقت لاحق، ليصبح "الفكر الإسلامي" أقل عقلانية، ومنعزلًا أكثر.

ويواجه مسلمو اليوم مشكلة كيفية قلب هذا الانغلاق المأساوي عن الحضارات الأخرى، لكن هذا لا يعني أن على الآخرين الإجحاف بحق حضارتهم العظيمة، التي قدمت إسهامات كبيرة للبشرية، وبفضلها تدرس الرياضيات، وتحمل الهواتف المحمولة والآلات الحاسبة "الأرقام العربية".

المساهمون