منذ مطلع شهر يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، بلغ عدد المسلّحين الذين سلّموا أنفسهم لقوات الجيش الجزائري 23 مسلّحاً. وهي حصيلة مهمة مقارنة مع حصيلة السنوات الأخيرة، إذ سلّم 30 مسلّحاً أنفسهم لقوات الجيش العام الماضي، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع الجزائرية في 6 يناير الماضي. وتواصل السلطات الجزائرية تطبيق تدابير العفو المقررة في قانون المصالحة الوطنية الصادر عام 2005، رغم انتهاء الآجال القانونية لتنفيذه في مارس/ آذار 2006.
فخلال أسبوع واحد سلّم ستة مسلحين منتمين إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة تمنراست أنفسهم بشكل متتال، كان آخرهم العضو البارز في كتيبة الصحراء التابعة للقاعدة سيدي مختار، المعروف بـ"مبارك"، الذي سلم نفسه لقوات الجيش في 7 إبريل/ نيسان الحالي، وقبله في 5 إبريل سلّم ك. منير، المعروف بـ"جندل"، المنتمي لصفوف الكتيبة عينها، نفسه إلى قوات الجيش في تمنراست، علماً أنه التحق بالجماعات المسلّحة عام 2013. وفي 6 إبريل الحالي سلّم م. سيد عمر، المدعو "أبو حميد"، الذي التحق بالجماعات المسلّحة سنة 2013، نفسه لقوات الجيش وكان بحوزته مسدس رشاش وذخيرة. وفي 4 إبريل سّلم م. خاطري، المدعو "أبو عائشة"، نفسه وسلاحه وذخيرة كانت بحوزته لقوات الجيش، بعدما كان قد التحق بالجماعات المسلّحة سنة 2012. وفي 26 مارس/ آذار الماضي، سلم ص. سيدي محمد، المدعو "يوسف"، الذي التحق بالجماعات المسلّحة عام 2012، نفسه لوحدة من الجيش في تمنراست، جنوبي الجزائر، إضافة إلى عنصر كان يعمل ضمن شبكة لدعم وتمويل المجموعات المسلّحة في المنطقة الصحراوية. ويسلم هؤلاء الناشطون السابقون في تنظيم "القاعدة" في العادة قطع أسلحة وكمية من الذخيرة وأغراضاً أخرى تكون بحوزتهم. واعتبرت وزارة الدفاع الجزائرية في بيانها الأخير، أن "هذه النجاحات الأمنية في عمليات مكافحة الإرهاب، ستسمح بمزيد التصدي لكل محاولات المساس بأمن البلاد، منذ إطلاق الجيش لعملية اجتثاث الإرهاب في أكتوبر/ تشرين الأول 2015".
وإذا كان ثمّة عدد من المسلّحين الذين يسلمون أنفسهم لقوات الجيش في الفترة الأخيرة، يعود التحاقهم بصفوف الجماعات المسلّحة لأكثر من 20 عاماً، أي إلى الفترات الأولى التي تشكلت فيها الجماعات المسلحة بعد توقيف المسار الانتخابي في الجزائر من قبل الجيش، بعد فوز الإسلاميين بالدور الأول للانتخابات البرلمانية التي جرت في 26 ديسمبر/ كانون الأول 1992، فإنه من اللافت وجود عدد من المسلّحين الذين سلموا أنفسهم بعدما كانوا قد التحقوا بصفوف الجماعات المسلّحة في السنوات الأخيرة بين عامي 2012 و2015.
ورجّح العقيد المتقاعد من الجيش رمضان حملات، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "يكون هؤلاء المسلحون يمثلون الموجة الأخيرة من العناصر التي نجحت التنظيمات الإرهابية، بما فيها القاعدة أو خلايا داعش، في استقطابها وتجنيدها، واستغلال تأثرهم بالزخم الإعلامي الكبير الذي أحدثه داعش. بالإضافة إلى احتمال أن يكون عدد منهم من عناصر شبكات التمويل ودعم الإرهاب، والذين أدى سقوط قيادات في القاعدة واعتقال الجيش لإرهابيين كانوا على صلة بهم الدافع وراء هروبهم إلى الجبال للالتحاق بالمجموعات المسلحة، ثم العودة مجدداً للاستسلام، بسبب الظروف الطبيعية القاسية في مراكز ومخابئ المجموعات المسلّحة في الجبال، بعد فقدانها للدعم اللوجيستي، تحديداً منذ الحصار المطبق الذي يضربه الجيش على مناطق تمركزها وعمليات التمشيط التي يقوم بها بشكل يومي في محاور بومرداس وتيزي وزو والبويرة، قرب العاصمة الجزائرية، وسكيكدة وجيجل وباتنة، شرقي الجزائر، وأليزي وأدرار وتمنراست، جنوبي الجزائر.
اقــرأ أيضاً
ويقرّ مسؤولون في جهاز الاستخبارات الجزائرية يعملون على ملف مكافحة الإرهاب في منطقة الصحراء، بأن "الجهاز يشرف بالتنسيق مع القيادات العسكرية الميدانية في منطقة الجنوب على أربع ممرات، توصف بالآمنة، في تملغيغ وتيماوين وبرج باجي مختار وتين زواتين، قرب الحدود مع مالي والنيجر، لتسهيل عملية استسلام المسلحين، سواء الذين كانوا ينشطون في صفوف الجماعات المسلّحة المتمركزة في شمال مالي والنيجر، أو الذين ينشطون في صفوف مجموعات صغيرة ما زالت تتمركز في أقصى الحدود الجزائرية". وتتعاون أجهزة الاستخبارات مع زعامات قبلية في المنطقة لإقناع المسلحين بوقف النشاط المسلح.
في هذا السياق، قال مسؤول أمني لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر بدأت منذ فترة تنفيذ خطة تتعلق بتحجيم المخاطر، عبر استقطاب معاكس للمسلحين وتقديم ضمانات لهم بأن يشملهم العفو المقرر في قانون المصالحة الوطنية الصادر عام 2005". ويضاف إلى ذلك سعي الجزائر لتطهير كامل منطقة الحدود، سواء بالحل الأمني والعسكري أو بواسطة تفاهمات مع المسلحين لضمان عودتهم إلى الحاضنة الاجتماعية لدرء مخاطر متعاظمة من التهديدات بعد التزايد اللافت لنشاط تنظيمي "نصر الإسلام" المؤيد لـ"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"داعش" الذي أسّس له عدنان أبو الوليد الصحراوي فرعاً في منطقة الساحل، ونفّذ سلسلة عمليات في الفترة الأخيرة. بالإضافة إلى جملة المعطيات والمعلومات التي يمكن للأجهزة الأمنية تحصيلها من المسلحين في اعترافاتهم عن مخابئ الأسلحة وتركيبة التنظيمات والمجموعات وطرق التمون والتمويل وشبكات الإسناد والامتدادات الخارجية.
وفي سياق الموجة الأخيرة من المسلحين، برز تساؤل عن الكيفية والإطار القانوني الذي ستتعاطى به السلطات الجزائرية مع هؤلاء المسلحين الذين يسلمون أنفسهم للجيش تباعاً، خصوصاً أن قانون السلم والمصالحة الوطنية الصادر عام 2005، منح مهلة ستة أشهر للمسلحين لإعلان التوبة وتسليم أنفسهم ووقف العمل المسلح، لكن السلطات تتعامل بهذا القانون وتطبّق إجراءات العفو على المسلحين، حتى بعد أكثر من عشر سنوات من انتهاء مهلته القانونية. واستفادت قيادات بارزة في تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، قبل تحوّلها إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، من تدابير العفو، كالقيادي في التنظيم حسان حطاب، عام 2007. كما استفاد عشرات المسلحين من هذه التدابير، ونقلت تقارير قبل أسبوعين تعليمات حكومية من أجل شمول العفو المسلحين التائبين.
وأكد المحلل بوعلام غمراسة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الآجال القانونية انتهت فعلاً، لكن السلطات ما زالت تتعامل مع المسلحين الذين يسلمون أنفسهم بطريقة محو كل أثر للمتابعة ضد بعضهم، فيستفيدون من تدابير المصالحة، وتلغى الأحكام القضائية التي صدرت بحقهم، لكن بعضهم الآخر تم الإبقاء على المتابعة ضدهم من دون أن يتعرضوا لمضايقات".
وفسّر المحامي عبد الغني بادي التعاطي القانوني مع المسلحين التائبين بالقول لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن التعامل معهم يتمّ بحسب الحالة، فإذا كان قد التحق بالجماعات قبل صدور القانون، فإنه سيستفيد منه، إما إذا كان بعد صدور القانون، فالقانون لا يسري عليه ويُحال للمحاكمة"، مضيفاً أن "المادة السادسة من قانون المصالحة منحت 6 أشهر للمثول ووضع السلاح، لكن حالات التمديد استمرت، فالمتعارف عليه هو أن العفو يسري على من يسلم نفسه لكن بعد تحقيق وإجراءات، على أن تُدرس كل حالة على حدة".
اقــرأ أيضاً
فخلال أسبوع واحد سلّم ستة مسلحين منتمين إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة تمنراست أنفسهم بشكل متتال، كان آخرهم العضو البارز في كتيبة الصحراء التابعة للقاعدة سيدي مختار، المعروف بـ"مبارك"، الذي سلم نفسه لقوات الجيش في 7 إبريل/ نيسان الحالي، وقبله في 5 إبريل سلّم ك. منير، المعروف بـ"جندل"، المنتمي لصفوف الكتيبة عينها، نفسه إلى قوات الجيش في تمنراست، علماً أنه التحق بالجماعات المسلّحة عام 2013. وفي 6 إبريل الحالي سلّم م. سيد عمر، المدعو "أبو حميد"، الذي التحق بالجماعات المسلّحة سنة 2013، نفسه لقوات الجيش وكان بحوزته مسدس رشاش وذخيرة. وفي 4 إبريل سّلم م. خاطري، المدعو "أبو عائشة"، نفسه وسلاحه وذخيرة كانت بحوزته لقوات الجيش، بعدما كان قد التحق بالجماعات المسلّحة سنة 2012. وفي 26 مارس/ آذار الماضي، سلم ص. سيدي محمد، المدعو "يوسف"، الذي التحق بالجماعات المسلّحة عام 2012، نفسه لوحدة من الجيش في تمنراست، جنوبي الجزائر، إضافة إلى عنصر كان يعمل ضمن شبكة لدعم وتمويل المجموعات المسلّحة في المنطقة الصحراوية. ويسلم هؤلاء الناشطون السابقون في تنظيم "القاعدة" في العادة قطع أسلحة وكمية من الذخيرة وأغراضاً أخرى تكون بحوزتهم. واعتبرت وزارة الدفاع الجزائرية في بيانها الأخير، أن "هذه النجاحات الأمنية في عمليات مكافحة الإرهاب، ستسمح بمزيد التصدي لكل محاولات المساس بأمن البلاد، منذ إطلاق الجيش لعملية اجتثاث الإرهاب في أكتوبر/ تشرين الأول 2015".
ورجّح العقيد المتقاعد من الجيش رمضان حملات، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "يكون هؤلاء المسلحون يمثلون الموجة الأخيرة من العناصر التي نجحت التنظيمات الإرهابية، بما فيها القاعدة أو خلايا داعش، في استقطابها وتجنيدها، واستغلال تأثرهم بالزخم الإعلامي الكبير الذي أحدثه داعش. بالإضافة إلى احتمال أن يكون عدد منهم من عناصر شبكات التمويل ودعم الإرهاب، والذين أدى سقوط قيادات في القاعدة واعتقال الجيش لإرهابيين كانوا على صلة بهم الدافع وراء هروبهم إلى الجبال للالتحاق بالمجموعات المسلحة، ثم العودة مجدداً للاستسلام، بسبب الظروف الطبيعية القاسية في مراكز ومخابئ المجموعات المسلّحة في الجبال، بعد فقدانها للدعم اللوجيستي، تحديداً منذ الحصار المطبق الذي يضربه الجيش على مناطق تمركزها وعمليات التمشيط التي يقوم بها بشكل يومي في محاور بومرداس وتيزي وزو والبويرة، قرب العاصمة الجزائرية، وسكيكدة وجيجل وباتنة، شرقي الجزائر، وأليزي وأدرار وتمنراست، جنوبي الجزائر.
ويقرّ مسؤولون في جهاز الاستخبارات الجزائرية يعملون على ملف مكافحة الإرهاب في منطقة الصحراء، بأن "الجهاز يشرف بالتنسيق مع القيادات العسكرية الميدانية في منطقة الجنوب على أربع ممرات، توصف بالآمنة، في تملغيغ وتيماوين وبرج باجي مختار وتين زواتين، قرب الحدود مع مالي والنيجر، لتسهيل عملية استسلام المسلحين، سواء الذين كانوا ينشطون في صفوف الجماعات المسلّحة المتمركزة في شمال مالي والنيجر، أو الذين ينشطون في صفوف مجموعات صغيرة ما زالت تتمركز في أقصى الحدود الجزائرية". وتتعاون أجهزة الاستخبارات مع زعامات قبلية في المنطقة لإقناع المسلحين بوقف النشاط المسلح.
في هذا السياق، قال مسؤول أمني لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر بدأت منذ فترة تنفيذ خطة تتعلق بتحجيم المخاطر، عبر استقطاب معاكس للمسلحين وتقديم ضمانات لهم بأن يشملهم العفو المقرر في قانون المصالحة الوطنية الصادر عام 2005". ويضاف إلى ذلك سعي الجزائر لتطهير كامل منطقة الحدود، سواء بالحل الأمني والعسكري أو بواسطة تفاهمات مع المسلحين لضمان عودتهم إلى الحاضنة الاجتماعية لدرء مخاطر متعاظمة من التهديدات بعد التزايد اللافت لنشاط تنظيمي "نصر الإسلام" المؤيد لـ"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"داعش" الذي أسّس له عدنان أبو الوليد الصحراوي فرعاً في منطقة الساحل، ونفّذ سلسلة عمليات في الفترة الأخيرة. بالإضافة إلى جملة المعطيات والمعلومات التي يمكن للأجهزة الأمنية تحصيلها من المسلحين في اعترافاتهم عن مخابئ الأسلحة وتركيبة التنظيمات والمجموعات وطرق التمون والتمويل وشبكات الإسناد والامتدادات الخارجية.
وأكد المحلل بوعلام غمراسة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الآجال القانونية انتهت فعلاً، لكن السلطات ما زالت تتعامل مع المسلحين الذين يسلمون أنفسهم بطريقة محو كل أثر للمتابعة ضد بعضهم، فيستفيدون من تدابير المصالحة، وتلغى الأحكام القضائية التي صدرت بحقهم، لكن بعضهم الآخر تم الإبقاء على المتابعة ضدهم من دون أن يتعرضوا لمضايقات".
وفسّر المحامي عبد الغني بادي التعاطي القانوني مع المسلحين التائبين بالقول لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن التعامل معهم يتمّ بحسب الحالة، فإذا كان قد التحق بالجماعات قبل صدور القانون، فإنه سيستفيد منه، إما إذا كان بعد صدور القانون، فالقانون لا يسري عليه ويُحال للمحاكمة"، مضيفاً أن "المادة السادسة من قانون المصالحة منحت 6 أشهر للمثول ووضع السلاح، لكن حالات التمديد استمرت، فالمتعارف عليه هو أن العفو يسري على من يسلم نفسه لكن بعد تحقيق وإجراءات، على أن تُدرس كل حالة على حدة".