استرجاع الباقورة والغمر بانتظار نتائج المواجهة الأردنية الإسرائيلية

24 أكتوبر 2019
يصر الأردن على استعادة الباقورة والغمر(جلاء مرعي/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال الصورة غير واضحة حول عودة أراضي منطقتي الباقورة والغمر لسيادة الأردن بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي وربع قرن من تأجيرها، فالمفاوضات بين الطرفين يلفها الغموض، في ظل علاقات تمرّ بأصعب أوقاتها منذ توقيع الأردن على اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل عام 1994.

وزارة الخارجية الأردنية تحدثت عن مفاوضات ومشاورات حول المرحلة المقبلة لإنهاء الوضع القائم، لكنها لم تقدم أي تفاصيل أو آلية محددة لإعادة بسط السيطرة على هذه الأراضي اعتباراً من تاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهي التي تواجه صعوبات جمة بالتعامل مع الطرف الاسرائيلي ومنها حتى القضايا الانسانية المتعلقة بالأسرى.

ولا يمكن استبعاد محاولات إسرائيل الالتفاف على الجانب الأردني في قضية عودة الباقورة والغمر في الفترة المقبلة، وهي التي دائماً ما كانت تفرض سياسات الأمر الواقع على الأطراف الأخرى على الرغم من جلوسها على طاولة المفاوضات. ولا يزال الأردن يصطدم دبلوماسياً بإسرائيل حول قضايا مثل القدس وقناة "البحرين" (بناء قناة مياه تربط البحر الأحمر بالبحر الميت)، والأسرى في سجون الاحتلال، في وقت لا تبدو فيه العلاقات الأردنية الأميركية في أحسن أحوالها أيضاً.

وقال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية، ليث نصراوين، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه مع اقتراب موعد انتهاء العمل بملحقي معاهدة السلام، الكل ينتظر ما ستسفر عنه المفاوضات الأردنية الاسرائيلية بخصوص الوضع النهائي لمنطقتي الباقورة والغمر، في ظل إصرار عمّان على عدم تمديد فترة الاستفادة من هذه الأراضي.

ورجّح نصراوين، أن تنقضي المدة القانونية بدون التوصل لاتفاق نهائي بين الطرفين. وفي هذه الحالة، سيتعين على الدولة الأردنية اللجوء إلى التحكيم الدولي لاستصدار قرار ملزم بتمكينها من أراضي الباقورة والغمر، ذلك على اعتبار أن التحكيم هو الإجراء الأخير لحل أي نزاع لا يمكن تسويته بواسطة التفاوض أو التوفيق وذلك عملاً بأحكام المادة (29) من معاهدة السلام.

وتوقع نصراوين أن أي معركة قضائية من خلال التحكيم الدولي ستكون الغلبة فيها للجانب الأردني، ذلك على اعتبار أن إسرائيل لا تنازع في ملكية أراضي الباقورة والغمر، وبأن السيادة الأردنية على تلك المنطقتين مثبتة صراحة في معاهدة السلام وباعتراف الجانب الإسرائيلي.

وبرأيه فإنه بمجرد أن يصدر قرار التحكيم الدولي بتأكيد سيادة الأردن الكاملة على هاتين المنطقتين، سيصبحان كأي منطقة أردنية أخرى، يحق للمملكة أن تطبق قوانينها الوطنية الضريبية والجمركية على جميع الأشخاص المقيمين في هذه المناطق. ولفت إلى أنه تبقى السلبية الأساسية أن الوضع القانوني لمنطقتي الباقورة والغمر سيبقى على حاله كما هو مقرر في ملحقي معاهدة السلام وذلك طيلة فترة إجراءات التحكيم الدولي، والتي من المتوقع أن تطول بسبب غياب النصوص القانونية الناظمة لإجراءات التحكيم الدولي في معاهدة السلام، حيث لم تتضمن المادة (29) من المعاهدة أية أحكام تتعلق بعدد المحكمين، ومكان التحكيم، والقانون الواجب تطبيقه على إجراءات التحكيم.

من جهته، قال المحلل السياسي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية أيمن الحنيطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الاتفاقية ستنتهي في موعدها المحدد، لكن أيا من الطرفين لم يعلن عن آلية عودة هذه الأراضي وإدارتها من قبل الأردن. ولفت إلى أن من الواضح أن انتهاء العمل بملحق "الباقورة والغمر" أدى الى تراجع العلاقات بين عمان وتل أبيب إلى أدنى مستوياتها، مشيراً إلى أن الجهات الرسمية الإسرائيلية لن تحتفل بذكرى مرور 25 عاماً على توقيع اتفاقية السلام.

ووفقاً للحنيطي فإن الإسرائيليين يتعاملون مع الأمر الواقع، مشيراً إلى أن الموقف الإسرائيلي معلن، مذكراً بتصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، قبل شهر والتي قال فيها إن منطقتي الباقورة والغمر، ستعادان إلى الأردن، مع انتهاء موعد اتفاقية الضمان.

من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، سفيان القضاة، أخيراً، أن الجانب الإسرائيلي طلب التشاور وفقاً لما نصت عليه المعاهدة، لافتاً إلى أنه تم الدخول في مباحثات حول إنهاء التواجد الإسرائيلي ولم تكن حول التجديد، بل للانتقال من المرحلة السابقة والترتيبات السابقة إلى المحطة المقبلة. وشدد على أن قرار الأردن، والذي اتخذ بتاريخ  12 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 والقاضي بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بالباقورة والغمر نهائي وقطعي، وأنه بانتهاء النظامين الخاصين بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام) لن يكون هناك أي تجديد أو تمديد.

وأعلن الأردن بوضوح أن أي مشاورات محتملة تعني بالنسبة له أمراً واحداً أساسياً يتمثل في ترتيب تنفيذ القرار بإنهاء متطلبات الملحقين والنظام الخاص، وفق ما نصت عليه معاهدة وادي عربة، وأنه سيتم تطبيق نصوص ملحقي معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل الخاصتين بمنطقتي الباقورة والغمر، والقوانين بشأن المنشآت الزراعية، بما فيها ما يتعلق باحترام الملكيات الخاصة.

يُذكر أن إسرائيل احتلت منطقة الباقورة، شمال المملكة، في العام 1950، والغمر في الجنوب عام 1967. وتبلغ مساحة الباقورة 6 آلاف دونم، استعاد الأردن منها 850 دونماً فقط في عام 1994، ضمن اتفاقية السلام. أما منطقة الغمر، الواقعة بالقرب من طريق البحر الميت القديم داخل الأراضي الأردنية بشكل طولي، فتبلغ مساحتها 4 آلاف دونم، وكلها مناطق زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية.

المساهمون