وتظاهر مئات التونسيين، أمس الخميس، في تسع محافظات غالبيتها داخلية وعلى الحدود الجزائرية - الليبية، بسبب استفحال البطالة وضعف التنمية وتردي أوضاعهم الاجتماعية والمالية، وتوقف العمل خلال فترة الحجر الصحي منعا لانتشار وباء كورونا.
وشهدت العاصمة تونس ومحافظات القيروان (وسط غربي)، وباجة (شمال غربي)، وتوزر وسيدي بوزيد وقفصة (جنوب غربي)، وتطاوين (أقصى الجنوب)، ومدنين وصفاقس، جنوب شرقي، وسوسة (وسط شرقي)، احتجاجات ومسيرات قادها أهالي وعاطلون من العمل ومهنيون وعمال غاضبون.
ودخل العاملون في قطاع الصحة، أمس، في احتجاح تحت عنوان "يوم الغضب" بسبب الظروف الصعبة التي يعانون منها والتي عززها انتشار وباء كورونا.
وأكد عثمان الجلولي، الكاتب العام للجامعة العامة للصحة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه لاعتبارات الوضع الاستثنائي الذي تمر به تونس، فقد تم تفادي التجمعات أمام مقر وزارة الصحة في إطار الوقاية من فيروس كورونا وفي محاولة منهم للمحافظة على الإنجازات التي تحققت في مقاومة الجائحة، مبينا أنّ ما حصل هو رسالة غضب واحتجاج من قبل أغلب العاملين في قطاع الصحة بمختلف أسلاكهم ورتبهم ووظائفهم، نظرا لما شعروا به من نكران لجهودهم في مقاومة الوباء.
وشهدت محافظة سوسة وقفة احتجاجية نفذها أعوان السجون والإصلاح التابعون لوزارة العدل للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، ووقفة ثانية في الجهة نفسها للعاملين في قطاع السياحة المتضررين بسبب توقف إقبال السياح وطردهم من قبل أرباب النزل والفنادق والمطاعم وعدم تمتيعهم بمنحة 200 دينار من الدولة، ووقفة ثالثة أمام مقر محافظة سوسة نفذها شبان عاطلون من العمل من منتسبي تنسيقية المعطلين عن العمل مطالبين بتمرير قانون انتداب من طالت بطالتهم بعد سنوات من العطالة والتهميش.
كما نظمت تنسيقية المعطلين عن العمل وقفة احتجاجية في محافظات سيدي بوزيد ومدنين وقفصة والعاصمة تونس، طالبوا خلالها الحكومة والبرلمان بالتسريع في انتدابهم وإيجاد حلول لعطالتهم التي تجاوزت عشر سنوات.
وقال محمد بشير ضاوي، عضو تنسيقية المعطلين بقفصة في تصريح صحافي، إن هذه الوقفة تأتي بعد تواصل تسويف الحكومات المتعاقبة لمطالب المعطلين عن العمل وخاصة الذين تجاوزوا عشر سنوات من البطالة وبعد القرار الأخير لرئيس الحكومة تجميد الانتدابات.
ودعا المحتجون إلى المصادقة على المبادرة الخاصة بانتدابهم والتي وقّع عليها عدد من النواب وتم تبنيها من مجلس الشعب في انتظار النظر فيها خلال جلسة عامة والمصادقة عليها.
وفي سياق متصل، نظمت الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب سيارات الأجرة "لواج"، والهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة والاتحاد العام للمكونين في السياقة ثلاث وقفات احتجاجية أمام مقر البرلمان تعبيرا منهم عن غضبهم إزاء الوضعية الصعبة للقطاعات التي ينتمون إليها ولتضررهم جراء تدعيات وباء كورونا.
وأكد المحتجون ضرورة تفعيل تأجيل سداد أقساط قروض شركات الإيجار المالي لمدة ستة أشهر وتنفيذ القرارات المتخذة من قبل الحكومة في الغرض، وتوقيف فاعلية آجال عقود التأمين وما ترتب عن ذلك من أقساط خلال مدة الحجر الصحي. وأشاروا إلى أهمية تمكين أصحاب سيارات الأجرة من حرية التصرف في القرض المسند من قبل البنك الوطني للتضامن، والترفيع فيه، إضافة إلى تمكين سائقي سيارات الأجرة من المنحة الاجتماعية الظرفية المسندة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية التي لم تشملهم.
وأكد معز بلحاج رحومة، رئيس لجنة الفلاحة والتجارة والخدمات إثر لقائه المحتجين، في حديث لـ"العربي الجديد"، تفهمه لمطالب المحتجين من مختلف القطاعات والمهنيين في مختلف الاختصاصات بسبب الضرر الذي لحقهم جرّاء تأثيرات جائحة كورونا.
ووعد بلحاج رحومة بإبلاغ مطالب للمحتجين إلى رئاسة الحكومة وإلى وزارة النقل واللوجستيك لبحث حلول لها، مشددا على الأهمية التي تكتسيها هذه القطاعات الحيوية الهامة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني.
وفي سياق متصل، نفذ عشرات الشبان من محافظة تطاوين وقفة احتجاجية بساحة الشعب انتهت بمسيرة جابت شوارع المدينة رددوا خلالها شعارات تطالب الحكومة بالإيفاء بوعودها تجاه الجهة وتنفيذ إتفاق الكامور القاضي بتشغيل أبناء الجهة وتمويل صندوق التنمية.
وطالب المحتجون بعقد مجلس وزاري خاص بالجهة، داعين بالمناسبة لإيجاد حلول عاجلة وسريعة لإشكالية التزود بالماء الصالح للشرب، مهددين بالتصعيد في حال تم تسويف مطالبهم.
واعتبر المحلل عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك تنسيقا واضحا بين عدد من المحتجين في بعض الجهات، خصوصا في قطاع الصحة وتنسيقيات المعطلين عن العمل، مشيرا إلى أن هذه الاحتجاجات ربما تقف وراء عدد منها جهات تحاول استغلال الوضع السياسي الهش، برغم مشروعية المطالب وحق الاحتجاج.
ولفت المؤدب إلى أن العديد من النقابات سطرت برنامجا واسعا للاحتجاجات، على غرار نقابات محافظة صفاقس، التي أعلنت الحرب على الحكومة من خلال 8 إضرابات واحتجاجات تغطي جميع القطاعات خلال الأسبوعين القادمين.
وأضاف أن حكومة الفخفاخ ينتظرها صيف حامي الوطيس بتزايد المطالب الاجتماعية والتحركات، معتبرا أن الفترة المقبلة ستكون الأصعب في تاريخ تونس وربما ستمر البلاد بانكماش اقتصادي وتفجر اجتماعي لم تعرفه حتى أيام الثورة وعند سقوط النظام.