وقال رئيس "مركز بغداد لحقوق الإنسان"، مهند العيساوي، إن "السلطات العراقية رفعت من وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام أو الإدانة بها، في ظلّ أجواء تفتقر إلى الشفافية ويغلب عليها طابع الانتقام". وأوضح العيساوي، لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب إيقاف تنفيذ عمليات الإعدام، لأنها تصدر عن محاكمات موجزة، وبعضها جائر، ما أدى إلى إزهاق أرواح عدد من الأبرياء".
ووفقاً للعيساوي، فإن "أغلب أحكام الإعدام تصدر استناداً إلى اعترافات المعتقلين التي تنتزع تحت التعذيب أو استناداً إلى إفادة مخبر سري. وللأسف، تستخدم بعض أحزاب السلطة في العراق حملات الإعدامات الآن من أجل الحصول على مكاسب انتخابية بسبب الشحن الطائفي في الشارع العراقي". وأضاف "نستغرب ونستنكر حضور وزير العدل لحملات الإعدام وحماسته لها، بينما لم يزر أي سجن من سجون وزارته ليرى ويسمع قصصاً فظيعة عن انتهاكات بشعة، خصوصاً في سجني الناصرية والتاجي".
من جانبه، قال النائب عن التحالف الكردستاني ماجد شنكالي، لـ"العربي الجديد"، إن "ارتفاع وتيرة عمليات الإعدام في العراق يأتي بسبب وجود ضغوط كبيرة على وزارة العدل لتطبيق أحكام الإعدام بحق المدانين بالإرهاب"، مضيفاً أنه "بسبب العمليات الإرهابية الكبيرة التي أزهقت بها أرواح العراقيين، فإن هناك أهالي أيضاً يطالبون بتنفيذ عقوبات الإعدام، لكن يجب على الوزارة ألّا تخضع للمطالبات العاطفية أو الضغوط السياسية وأن تمارس عملها وفقاً للشروط، وتتحقّق من الإجراءات والدلائل كافة قبل تنفيذ عقوبة الإعدام".
وأوضح شنكالي أنّ "العراق يعتبر من أكثر الدول التي تنفّذ عمليات الإعدام في العالم، ونحن مع عمليات الإعدام ضد الإرهابيين الحقيقيين المتورطين بقتل الناس، على أن تكون هناك محاكمة عادلة ودفاع عادل عن أي متهم، ولا تكون الاتهامات جاهزة وتنتزع تحت التعذيب وتؤخذ الأغلبية بجريرة المجرمين"، مضيفاً "لذلك نطلب من القضاء التأنّي في اتخاذ أي قرار ما لم تكن هناك دلائل واضحة، وأيضاً على وزارة العدل ألّا تنفذ أحكام الإعدام إلا بعد توفّر كل الإجراءات القانونية لكي تكون هذه الإجراءات صحيحة". وعبّر شنكالي عن تخوّفه من أن يكون هناك ظلم لبعض الأشخاص الذين يعدمون، متسائلاً "من سيعوّضهم، وهل ينفع تعويض عائلاتهم شيء، إذا تم إعدام الضحية؟".
بدوره، قال النائب عن تحالف "القوى العراقية"، أحمد المشهداني، لـ"العربي الجديد"، إن "المشكلة الحقيقية هي صيغة أو طريقة التحقيق الابتدائي، عندما يتم اعتقال المواطنين. ففي بعض الأحيان، تجري اعتقالات كيدية أو عشوائية، والتحقيق مع المعتقلين يتم بانتزاع الاعترافات إما بالإكراه قسراً، أو من خلال المخبر السري. والمشكلة الحقيقية عندما يتم تثبيت الاعترافات ورفعها للقاضي وإدانة المتهم على ضوئها من دون تثبّت". ووفقاً لمصادر حكومية عراقية، فإن عدداً كبيراً من الذين تمّ تنفيذ حكم الإعدام بحقهم العام الماضي تبيّنت براءتهم في ما بعد.
وفي هذا السياق، أوضح موظف في وزارة العدل أن "ما لا يقل عن 20 شخصاً ممن تم إعدامهم العام الماضي، تبيّن من خلال سير تحقيقات الشرطة أنهم ليسوا متورطين بأي عمليات قتل، وبعضهم متورط بأفعال لا تستوجب الإعدام، بل السجن بضع سنوات، وفقاً للقانون العراقي"، مؤكداً أنّ "أحدهم أعدم بسبب اعترافه بقتل أحد المواطنين، ليتبيّن في ما بعد أن هذا المواطن القتيل هو حيّ ويقيم في السويد، بينما تمّ انتزاع الاعترافات من الضحية تحت التعذيب في مركز شرطة الجادرية في بغداد، ليتم إعدامه بناءً على الاعترافات التي أدلى بها". وتابع الموظف "في الوقت نفسه، هناك إرهابيون كبار يفلتون من الإعدام والسجن، إما لأنهم تحملوا فصول التعذيب وأصروا على أنهم أبرياء، أو لأنهم دفعوا أموالاً أو لديهم معارف".
إلى ذلك، أشار عضو البرلمان العراقي عن مناطق حزام بغداد، عبد الكريم الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "وصول حالات لهم لضحايا أخذت اعترافات منهم تحت الإكراه، ولديهم تقارير طبية تؤكّد ذلك"، موضحاً أنه "تمت إحالة قسم من القضايا لمنظمات حقوق الإنسان، ونحن نأمل خيراً من القضاء العراقي في إعادة محاكمة من أدينوا بالسجن أو بالإعدام على ضوء الاعترافات بالإكراه، قبل تنفيذ الأحكام تلك".
من جهته، قال الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان، غالب رمضان، إن "العراق بحاجة إلى ضبط موضوع أحكام الإعدام وإخضاعه لضوابط أكثر احتراماً لقدسية الحياة، وتبتعد عن موضوع الثأر والانتقام"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اعتماد القضاء على اعترافات تمت تحت التعذيب أو التهم الكيدية من المخبر السري، والتغافل عن أنّ المحقق أو ضابط الشرطة يحاول الإسراع في إنجاز ملفات التحقيق التي لديه بالتخلص منها من خلال نسب التهم لأشخاص معتقلين لديه بأي طريقة، هو موضوع مقلق جداً".