وبحسب ما أورد التلفزيون الرسمي الإيراني، فقد سقط 14 قتيلا وأصيب 7 آخرون خلال اشتباكات وقعت أثناء احتجاجات الأيام القليلة الماضية.
ومنذ الخميس الماضي، سقط 6 في توسركان بهمدان، و4 في دورود في لرستان، و3 في شاهين شهر بأصفهان، وقتيل واحد في إيذه في خوزستان.
وفي السياق، أكد مسؤول سقوط قتيل وإصابة آخر خلال احتجاجات خرجت في منطقة إيذه، الواقعة جنوب غربي إيران.
وأوضح النائب في البرلمان الإيراني، هدايت الله خادمي، اليوم، أنه "تمت السيطرة على الأوضاع في منطقة إيذه وباتت الأجواء أكثر هدوءا"، ونفى أن يكون المحتجون قد اقتحموا مكاتب للحرس الثوري أو مكتب إمام صلاة الجمعة بحسب ما روجت بعض المواقع، مؤكدا أن "السلطات اعتقلت بعض المحتجين"، دون أن يحدد عددهم، قائلا إن "الأجهزة الأمنية تحاول التعرف على من كانوا يدعون لاحتجاجات تخريبية من هذا القبيل".
وتوقّع خادمي، وبحسب وكالة "برنا"، أن تنخفض حدة ووتيرة الاحتجاجات عقب التصريحات التي صدرت عن روحاني، قائلا إن "لدى الإيرانيين مشكلات معيشية حقيقية تحتاج إلى حلول عملية واقعية".
وفي منطقة دورود، التي شهدت احتجاجات وصفتها المواقع الرسمية بـ"التخريبية"، كونها ابتعدت عن ترديد الشعارات الاقتصادية وتحركت نحو أعمال شغب، سقط قتيلان آخران، أحدهما طفل.
وذكر والي المنطقة، ماشالله نعمتي، أن القتيلين سقطا "بشكل عرضي حين دهستهما سيارة إطفاء ضخمة سيطر عليها المحتجون وحركوها لترمى من فوق جسر "وحدت"".
وأضاف نعمتي أنه تم حرق وتخريب العديد من الأماكن العامة بسبب هذه التجمعات الاحتجاجية، منها مصارف وحتى أماكن دينية، وذكر أن قوات الأمن المتواجدة في المنطقة وأعضاء من القوات الخاصة أكدوا، بحسب مشاهداتهم، أن بعض المحتجين كانوا يطلقون أعيرة نارية نحو مقرات الشرطة.
وكانت دورود، الواقعة في محافظة لرستان جنوب غربي إيران، شهدت سقوط أولى قتلى الاحتجاجات التي بدأت قبل أيام، إذ سقط فيها قتيلان إثر إطلاق أعيرة نارية نحو مظاهرة شارك بها مدنيون، ونفت السلطات أن يكون رجال الأمن هم من فعلوا ذلك، مؤكدة أن "من أطلقوا الرصاص كانوا على دراجة نارية".
وفيما يتعلق بارتفاع عدد المعتقلين، أكد المدعي العام في كاشان، محمد تكبيرغو، اعتقال ما يقارب خمسين شخصا هناك "ممن ساهموا بأعمال شغب"، على حد وصفه، قائلا إن "السلطات ستتعامل مع المخربين بشكل قانوني وجاد".
واعتبر في تصريحاته أن "الإيرانيين واعون لما يجري، لكن بعضهم يتأثر بالدعاية الخارجية، والتعامل مع هؤلاء مختلف ولا يرتبط أصلا بمن لديهم مطالب اقتصادية حقيقية".
وأفادت بعض المواقع بأن مظاهرات ليلية متفرقة خرجت في مناطق إيرانية عدة، منها ما حمل شعارات اقتصادية، وبعضها الآخر ردد شعارات سياسية وتحول لأعمال شغب، الأمر الذي يقلق السلطات.
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليوم، إن حكومته لا تعتبر الاحتجاجات المستمرة منذ الخميس، "تهديدا للنظام".
وأوضح روحاني أن "الإيرانيين سيشاركون في مظاهرات مليونية لدعم النظام إذا لزم ذلك".
وأفاد مكتب الرئاسة الإيرانية، في وقت سابق الإثنين، بأن الرئيس الإيراني عقد اجتماعا مع رؤساء اللجان البرلمانية وصفه بـ"المفيد"، مشيرا إلى أنه سيتوجه بخطاب متلفز اليوم ليعلق على آخر المستجدات وعلى موضوع الموازنة الجديدة، التي أثارت الامتعاض الشعبي وحتى السياسي من قبل منتمين للتيار المحافظ.
وعلق روحاني، ليلة أمس الأحد، على ما يجري، ولا سيما أن الاحتجاجات بدأت من منطقتي مشهد ونيشابور اعتراضا على سياسات حكومته الاقتصادية وغلاء الأسعار، واعتبر أن "من حق الإيرانيين المطالبة بحقوقهم دون أن يؤدي ذلك إلى العنف"، وأشار إلى أن "حل المشكلات يتطلب وقتا"، وأن حكومته "ورثت مشكلات اقتصادية عديدة من حكومات سابقة".
ورأى أن "الإيرانيين لا يحتجون على الوضع المعيشي وحسب، بل يطالبون كذلك بالشفافية والتخلص من الفساد"، وانتقد موقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قائلا: "من وصفوا الإيرانيين بالإرهابيين لا يمكنهم أن يتعاطفوا مع شعبنا".
كما وجه كلامه لبعض الدول العربية التي تشجع "احتجاجات إيران السياسية"، فذكر أن "بعض الأطراف العربية التي لم تكن على علاقة طيبة مع إيران، تحتفل اليوم بما يجري فيها"، ووجه خطابه للشارع قائلا: "هل ما يحدث الآن بهذه الطريقة يصبّ في صالحنا أم في صالح الآخرين؟"، واعتبر أن "الإيرانيين على دراية ووعي كاملين بالظروف الحساسة في البلاد والمنطقة، وسيتخذون قرارات مناسبة لمصالحهم".
وتعليقا على ما يجري، قال وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، من جهته، إن "أعداء نظام الجمهورية الإسلامية يحاولون انتهاز أي فرصة لتحريك الأوضاع نحو إثارة البلبلة".
ونقلت وكالة "فارس" عن حاتمي قوله، خلال اجتماع مع مسؤولين وخبراء في وزارته، إن "الانسجام الداخلي ضروري في هذه المرحلة للوقوف بوجه الفتن والمؤامرات"، موضحا أن "من الممكن إيصال رسالة المطالب الشعبية، لكن مع التزام الهدوء ودون الخروج على القانون"، مؤكدا أن "الحكومة ستسعى لحل المشكلات التي اعترض عليها الشارع، لكن على المواطنين أن يحافظوا على هدوئهم".
وفي العاصمة طهران، حيث خرجت أولى المظاهرات التي قال عنها المسؤولون إنها لم تكن نهائيا ذات شعارات اقتصادية السبت، إذ احتج طلاب من جامعة طهران، من المقربين من قوات التعبئة، في مظاهرة مضادة أمس الأحد، مرددين شعارات تندد بمن وصفوهم بـ"الطبقة المترفة التي تحمل وتروج لشعارات سياسية، ولا يهمها أساسا المطالب المعيشية"، وفق ما قالوا.
وأفاد مسؤول مكتب قوات التعبئة في الجامعة (البسيج)، مهرداد نجفي، بأن "طلاب جامعة طهران يرون أن من حق الشارع الاعتراض على الوضع المعيشي وسياسات البلاد المرتبطة به، ولكنهم يرفضون استغلال هذا المطلب".
وكانت السلطات الإيرانية قد أكدت، في وقت سابق، اعتقال 200 شخص شاركوا في احتجاجات طهران السبت، وأطلق سراح معظمهم، بينما تم تحويل بعضهم إلى الجهاز القضائي، وهؤلاء هم من قاموا بـ"أعمال شغب وتخريب وإحراق الممتلكات العامة"، بحسب المساعد الأمني لمحافظ طهران، محسن همداني.