ارتفاع الفائدة يهدّد الاستثمارات الأردنية ويرهق المواطنين

02 يوليو 2019
تفاقم معيشة الأردنيين دفعهم للاقتراض (فرانس برس)
+ الخط -
ارتفعت كلفة الإقراض المصرفي في الأردن، وشهدت أسعار الفائدة على كافة أنواع التسهيلات الائتمانية زيادات متفاوتة لدى البنوك المحلية وبنسبة تجاوزت 1%، وخاصة على القروض الشخصية، ومع الزيادة يتخوف قطاع الأعمال من زيادة كلفة الإنتاج وبالتالي استمرار ارتفاع الأسعار، إذ أن زيادة أسعار الفائدة يعد أحد الأسباب الرئيسية في تباطؤ الاستثمارات والنمو.

وكان البنك المركزي قد حرر أسعار الفائدة منذ التسعينيات بهدف تشجيع المنافسة بين البنوك، إلا أن النتائج جاءت عكسية بسبب الارتفاع الكبير على أسعارها، واتساع الهامش بين فائدتي الإيداع والإقراض.

وقال رئيس لجنة الاقتصاد في مجلس النواب الأردني النائب خيرو صعيليك لـ"العربي الجديد" إن أسعار الفائدة المرتفعة في البنوك تمثل عائقاً أمام زيادة معدلات الاستثمار والتوظيف الأمثل للمدخرات الوطنية، رغم وجود حجم كبير من الودائع في البنوك المحلية تعود غالبيتها لمواطنين.

وحسب صعيليك فإن الفائدة المرتفعة تحول دون قيام بعض الاستثمارات أو التوسع في المشاريع القائمة بسبب ارتفاع الكلف، وبالتالي كانت هناك مبادرات من قبل البنك المركزي بدعم التسهيلات المالية الممنوحة من قبل المصارف لعدد من القطاعات وبخاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والأفكار الريادية.

وأكد ضرورة توجيه البنك المركزي للبنوك المحلية لتخفيض أسعار الفائدة على الإقراض بما ينعكس على بيئة الأعمال وتنشيطها وضمان عائد مالي أفضل على الودائع سيما مع انخفاض أسعار الفائدة عليها، حسب ما أظهرت بيانات البنك المركزي.

ويمر الاقتصاد الأردني بأوضاع صعبة للغاية بسبب ظروف الإقليم وما نتج عنها من انحسار للصادرات الوطنية وتردد المستثمرين ورجال الأعمال في إقامة مشاريع بالأردن حسب صعيليك، إضافة إلى التحديات الناتجة عن ارتفاع فاتورة الطاقة وخسائر الحكومة من قطاع الكهرباء.

وللتعامل مع الأزمة يقترح رئيس لجنة الاقتصاد في مجلس النواب الأردني ضرورة أن تبادر البنوك المحلية إلى دعم الاقتصاد بمجالات أخرى إلى جانب الدور المهم الذي تقوم به حالياً، ومن ذلك العمل على تخفيض أسعار الفائدة وتحفيز رجال الأعمال والمستثمرين على إقامة مشاريعهم في الأردن وتخفيض كلف الإقراض.

وبلغ رصيد إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة في نهاية الربع الأول من العام الحالي ما مقداره 37.3 مليار دولار مقابل 37 مليار دولا مليار في نهاية العام الماضي.

كما بلغ رصيد إجمالي الودائع لدى البنوك المرخصة في نهاية الربع الأول من العام الحالي 48 مليار دولار مقابل 47.72 مليار دولار في نهاية العام الماضي.

من جانبه قال مدير عام غرفة صناعة الأردن ماهر المحروق، لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار الفائدة يعد عائقاً أساسياً أمام زيادة معدلات الاستثمار، لأن كثيراً من رجال الأعمال لم يتمكنوا من إتمام مشاريعهم لعدم توفر التسهيلات الائتمانية بحدود كلف إقراض معقولة.

وأضاف أن من الإخفاقات التي ارتكبت على المستوى الحكومي إلغاء بنك الإنماء الصناعي الذي كان يختص بتقديم القروض للمشاريع الصناعية بأسعار فائدة مخفضة، ما ساهم في إقامة العديد من المصانع داخل الأردن ولم يتم إيجاد البديل حتى الآن رغم الوعود الحكومية المتكررة للقطاع الصناعي.

وحسب المحروق فإن أسعار الفائدة المترتبة على المشاريع الصناعية كبيرة ومن باب المصلحة الاقتصادية، على الحكومة القيام بدعم أسعار الفائدة لهذا القطاع الذي يعد من أهم القطاعات الرافدة للاقتصاد الأردني من حيث مساهمته بما نسبته 25% تقريباً في الناتج المحلي الإجمالي وتشغيل عشرات الآلاف من المواطنين، مؤكداً أن أكثر من 90% من الصادرات هي عبارة عن سلع صناعية إضافة إلى توفير احتياجات السوق من العديد من السلع.

وفي سياق متصل يعاني الأفراد في الأردن من ارتفاع أسعار الفائدة على التسهيلات والقروض الشخصية والتي تتجاوز 11% بالنسبة لبعض البنوك ولا تقل عن 8% في بعض حالات التأجير التمويلي المتعلق بشراء المساكن والأراضي.

وما يزيد من الأعباء، قيام بنوك محلية بزيادة سعر الفائدة في أي وقت تشاء بما في ذلك القروض التي حصل عليها مواطنون سابقاً وأن المصارف تورد نصاً في العقود المبرمة مع العملاء يعطيها الحق في زيادة أسعار الفائدة دون الرجوع إلى العميل، حسب مواطنين لـ"العربي الجديد".

المواطن خالد شبول، قال إنه اضطر لشراء شقة بتمويل من أحد البنوك وكانت أسعار الفائدة مرتفعة جداً. وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه منذ عدة سنوات وهو يدفع فقط مبالغ الفوائد واليوم بدأ بتسديد ثمن الشقة الفعلي.

وتجاوزت ديون البنوك المترتبة على الأفراد في الأردن 14 مليار دولار بحسب آخر بيانات للبنك المركزي ومعظمها عبارة عن قروض شخصية لشراء المساكن والسيارات وتلبية حاجات أساسية.

وقال الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي، إن الفوائد البنكية المستحقة على القروض الشخصية ساهمت في زيادة الأعباء المعيشية على الأردنيين المدينين للبنوك بهدف الإنفاق على حاجات ضرورية مثل شراء المساكن أو السيارات أو القروض التعليمية والصحية.

وأضاف الزبيدي لـ"العربي الجديد" أن الحكومة من باب حماية المواطنين يفترض أن تحدد سقوفاً لتسهيلات الأفراد بحيث لا تترك لقرارات البنوك بحجة أن أسعار الفائدة "معومة" ما يجعلها ترفع أسعار الفائدة على العملاء في أي وقت شاءت من عمر القروض.

وحسب بيانات رسمية، يبلغ العجز التمويلي لموازنات الأسر الأردنية سنويا ما 1400 الى 2800 دولار، وهي تحتاج إلى هذ المبلغ لسد العجز المالي وتغطية التزاماتها المالية.

وتبلغ نسبة الفقر في الأردن، وفقاً لآخر مسح إحصائي أجري عام 2010، (14%)، بانتظار إعلان النسبة المحدثة للفقر بعد إجراء مسح إحصائي قبل أشهر، حيث يتوقع أن تكون النسبة قد ارتفعت إلى 20%. وفاقمت القرارات الحكومية التقشفية تحت ضغوط صندوق النقد الدولي من أعباء الأردنيين، ما دفعهم نحو زيادة الإقبال على القروض الشخصية.

واتخذت الحكومة قرارات سابقة تضمنت زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات ورفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، مثل الخبز والمحروقات والكهرباء، وإلغاء الإعفاءات الضريبية التي كانت ممنوحة للمواد التموينية وسلع أخرى، ما ساهم في رفع معدل التضخم واتساع الفجوة التمويلية بين دخل الأردنيين ونفقاتهم.

المساهمون