تسببت قفزة في مطالبات للزكاة بأثر رجعي تواجهها البنوك السعودية في إثارة بواعث قلق بشأن تضرر أرباح البنوك ودوافع الحكومة في المطالبة بتلك الأموال.
وبينما لا تسدّد البنوك السعودية وشركات أخرى بصفة عامة ضريبة على الشركات، فإنها تخضع للزكاة السنوية، التي تبلغ 2.5% على صافي ثروة كل بنك. ويقول محللون إن طريقة تقدير الزكاة يمكن أن تكون معقدة ومبهمة.
وفي الأسبوعين الماضيين، كشفت بضعة بنوك عن أن الهيئة العامة للزكاة والدخل تطالبها بمدفوعات زكاة إضافية عن سنوات تعود إلى عام 2002. وفي بعض الحالات تتجاوز المطالبات نصف صافي الربح السنوي للبنك.
وتطعن البنوك في هذه التقييمات، لكن محللين يقولون إن الأمر قد يؤثر سلباً على أسعار الأسهم في القطاع المصرفي، الذي من المتوقع أن يجذب استثماراً أجنبياً بمليارات الدولارات في الوقت الذي ستنضم فيه السعودية إلى مؤشرات عالمية للأسهم في العامين المقبلين.
وحتى الآن، فإن عدداً محدوداً من البنوك السعودية المدرجة بالبورصة والبالغ عددها 12 بنكاً، كشف عن مطالبات الزكاة، لكن المحللين يتوقعون أن تفعل مزيد من البنوك ذلك مع قيامها بنشر القوائم المالية الكاملة لعام 2017 في الأسابيع المقبلة.
وقال شبير مالك، المحلل لدى بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس إن "الزكاة الإضافية التي تطالب بها الهيئة العامة للزكاة والدخل ستؤثر على الأرجح على جميع البنوك... ما نفهمه هو أن الحكم النهائي بشأن مسألة الزكاة سيعرف في وقت لاحق من العام الحالي، وحينها ستكون لدينا فكرة أفضل عن نطاق التأثير".
ولم ترد الهيئة العامة للزكاة والدخل على رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها رويترز تطلب فيها تعقيباً. ويقول محللون إنه يبدو أن المطالبات الجديدة ترجع إلى استثمارات محددة طويلة الأجل، كانت معفاة من الزكاة في السابق، وتعتبر حالياً خاضعة للزكاة.
ويقول بعض المصرفيين على نحو غير معلن إنهم قلقون من أن المطالبات قد ترجع بشكل أساسي إلى سعي وراء المال من جانب الحكومة، التي ترغب في جمع إيرادات جديدة لتغطية عجز كبير في الميزانية ناتج عن انخفاض أسعار النفط.
ويقدر عجز الموازنة السعودية للعام الجاري 2018 بأكثر من 52 مليار دولار، ولعبت زيادة الإنفاق العسكري والأمني بالمملكة وتراجع أسعار النفط دوراً مهماً في تفاقم هذا العجز.
وفي الشهر الماضي، قالت الرياض إنها أبرمت تسويات مالية بقيمة 106 مليارات دولار مع محتجزين على ذمة قضايا فساد، أبرزهم رجل الأعمال الوليد بن طلال ووزراء حاليون وسابقون وأمراء، وهو إيراد ضخم مفاجئ للحكومة. ومطالبات الزكاة ربما تهدف إلى ضمان زيادة مساهمة الصناعة المصرفية في التنمية الوطنية.
وقال أحد العاملين بالاستثمار المصرفي في بنك محلي "لقد غيروا بشكل تعسفي الطريقة التي يقدرون بها قاعدة الضريبة (الزكاة)... إنها مجرد وسيلة من الحكومة للحصول على مزيد من المال".
ومن بين البنوك المتأثرة بالمطالبات مصرف الراجحي الذي قال في قوائمه المالية لعام 2017 إن الهيئة العامة للزكاة والدخل أصدرت "الربوط الزكوية" للفترة بين عامي 2002 و2009 بقيمة 723 مليون ريال (193 مليون دولار)، ويمثل ذلك نحو 8% من صافي ربح البنك لعام 2017.
وقال المصرف إن بعض العناصر التي قيّدت في السابق قيمة الزكاة المطلوبة من البنك أصبحت غير مستبعدة في الوقت الحالي. وأضاف البنك "ظهرت معظم هذه المطالب الإضافية نتيجة عدم استبعاد الهيئة الاستثمارات طويلة الأجل والوديعة النظامية والإيجار التمويلي من الوعاء الزكوي... من شأن ذلك أن يؤدي إلى تعرض المصرف لمبالغ زكاة إضافية".
وحسب مسؤولين بمصرف الراجحي فإنه اعترض على المطالبات، لكن الهيئة العامة للزكاة والدخل لم تصدر بعد تقييماً للفترة بين عامي 2010 و2015، وهو ما قد ينطوي على انكشاف كبير إضافي.
وقال مصرف الإنماء إن انكشافه الإضافي على الزكاة في الفترة بين عامي 2009 و2015 بلغ 1.66 مليار ريال أو نحو 82% من أرباحه في 2017. وقدم البنك استئنافاً للفترة بين عامي 2009 و2011.
وقال بنك الرياض إن المطالبات الإضافية للفترة بين 2008 و2013 جرى تقديرها عند 3.54 مليارات ريال، وهو ما يمثل نحو 89% من أرباح 2017. وأضاف البنك أنه يطعن في تلك التقييمات على مستويات مختلفة.
ولم يذكر البنك الأهلي التجاري، أكبر بنك مدرج في المملكة، الذي تملك فيه الحكومة حصة أغلبية، انكشافه على الزكاة في بيانه لعام 2017.
وقال المصرفي الاستثماري السعودي إن المبالغ المذكورة غير كافية لتهديد استقرار البنوك، وإن المطالبات قد يجرى تخفيضها في مباحثات مع السلطات.
وأضاف قائلاً "ما أفهمه هو أنه ستكون هناك مناقشات أخذ ورد مع الحكومة والبنوك، وأن قيمة الزكاة سيجرى خفضها في نهاية المطاف".
وقال المصرفي السعودي "لا يمكنك أن تقوم بهذا الأمر إذا كنت تريد جذب الاستثمار الأجنبي، تلك هي الأشياء التي تحبط الناس".
وحتى الآن فإن مطالبات الزكاة كان لها تأثير محدود على أسعار الأسهم. وانخفض سهم بنك الرياض 0.9% منذ الثامن من فبراير/ شباط مقارنة مع ارتفاع مؤشر الأسهم السعودي بنسبة 1%. وزاد سهم مصرف الراجحي 0.8%.
لكن محللين لدى جولدمان ساكس الأميركي قالوا في مذكرة للعملاء إن تلك المطالبات الإضافية لها علاقة سلبية بالبنوك السعودية بالنظر إلى الأثر المحتمل على رأس المال، ونحن نتوقع أن تؤثر تلك المطالبات سلباً في أداء سعر السهم.
(العربي الجديد، رويترز)