رغم بعض مظاهر البهجة والزينة في شوارع القاهرة خلال شهر رمضان، إلا أن الملاحظ أنها بهجة منقوصة، ومشوبة بالحزن، فـ"موائد الرحمن" تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة بعد أن كانت تزاحم بعضها بعضاً في السنوات السابقة.
وبدا أن وراء اختفاء موائد الطعام التي اشتهر بها المصريون، سببين رئيسيين هما الأزمة الاقتصادية وحالة الركود التي لم تشهد لها البلاد مثيلا، والوضع السياسي المتأزم الذي أدى إلى تغييب الآلاف وراء أسوار السجون والمعتقلات، ومعظمهم من المتطوعين، في ظل أن الكثير منهم كانوا من المسؤولين عن ملف البر بجماعة الإخوان المسلمين.
يقول محمد الفاتح، المقيم بمنطقة المعمورة البلد بمحافظة الإسكندرية الساحلية، لـ"العربي الجديد" إنه "كان هناك مائدة مجاورة لمقر الشرطة العسكرية، وكانت تستوعب أكثر من 30 فردًا، واختفت هذا العام."
ويؤيده، أحمد فيروزي، الذي يقطن بمنطقة ميامي بالإسكندرية، ويقول بدوره إنه "كانت هناك مائدتان تستوعب كل واحدة منهما نحو 50 فردًا، واختفتا هذا العام دون معرفة السبب وراء ذلك".
أما في محافظة بورسعيد، فيقول أحمد علي إن البلدة أضحت خالية تقريبا من "موائد الرحمن" هذا العام، باستثناء موائد الجيش، ويرجع السبب لاختفاء أهل الخير "فهم إما قُتلوا أو في المعتقلات"، بحسب قوله.
وفي المنوفية، كانت هناك مائدة في قرية أشمون، وأخرى في البر الشرقي، وثالثة في منطقة "مليج" على الطريق، وكلها اختفت هذا العام، بحسب تامر سلطان.
وفي العاصمة القاهرة، يقول عبد الرحمن فكري، المقيم بمنطقة المعادي، إنه كان يوجد مائدة كبيرة في ميدان الحرية بالمعادي، وأخرى بشارع 104، وليس لهما أثر هذا العام، دون معرفة سبب اختفائهما.
وتشرح إيمان محمد التي تسكن في شرق القاهرة أن الأمر اللافت هذا العام، حذف تسمية "مائدة الرحمن" من على حديقة بدر بشارع جسر السويس الرئيسي، وإطلاق اسم "مائدة القوات المسلحة".
أما محمود فتحي، فيقول إنه كانت هناك مائدتان في شارع هدى شعراوي بوسط القاهرة، كان يراهما يوميا في طريقه إلى المنزل، وواحدة منهما كبيرة ملك لتاجر سيارات في هذه المنطقة، وتستوعب نحو 150 فردًا، ولكنهما اختفتا هذا العام، بسبب الحال الاقتصادي المتردي.
وتلفت شيرين عبد المجيد إلى أن جميع المساجد مكتفية هذا العام بوضع صناديق لجمع الصدقات لمائدة الإفطار، مع وجود كثيف للمحتاجين، دون انتشار الموائد بكثافة كما في السابق.