بالترافق مع تقدم اليمين المتطرف في ألمانيا، وتنامي النفوذ النازي الجديد في البلاد، لأسباب عديدة منها اقتصادية ومنها ما يتعلق بالهجرة، يخشى مناهضو النازية من تراجع دور دولة المؤسسات
كشف تسريب مذكرة توقيف متهمين مفترضين بقتل المواطن الألماني، دانيال (35 عاماً) في كيمنتس بشرق ألمانيا، ونشر اسميهما علناً (عراقي وسوري) بوثيقة رسمية وصحيحة، وفقاً لمحطة "آر دي" الألمانية، عن تجدد مخاوف سابقة حول نفوذ اليمين المتطرف في دوائر الأمن والشرطة الألمانية، ما يهدد دولة المؤسسات ودولة المجتمع المدني ذات الخلفية العريقة في البلاد.
الوثيقة الرسمية التي يفترض أن تكون سرية، وتخص الادعاء والشرطة لدى عرض المتهمين على قاضي التحقيق، سربها قيادي ومؤسس في الحركة اليمينية المتطرفة "بيغيدا"، بعد يومين فقط من اعتقال المتهمين المفترضين في حادثة القتل، وطعن شخصين آخرين. فعلى وقع تظاهرات شهدتها كيمنتس، وبروز شبان من التيار النازي الجديد في مطاردة بعض اللاجئين، نشر القيادي في "بيغيدا" لوتز باخمان، الوثيقة التي أثارت شكوكاً كبيرة حول "تسلمها من عناصر شرطة تتعاون مع معسكر التطرف في ولاية ساكسونيا". انتشرت الوثيقة بشكل واسع بين مجموعات التواصل الاجتماعي، خصوصاً في الجناح اليميني المتطرف، ولم تنفع كلّ عمليات شطبها عن الإنترنت لوقف استغلالها بشكل سلبي للتحريض على اللاجئين عموماً.
بيغيزاي
في ساكسونيا، بات البعض يتفاخر بتعاون الشرطة مع "بيغيدا" ويطلق هؤلاء على شرطة ساكسونيا اسم "بيغيزاي" كنوع من الدمج بين "بيغيدا" وبوليتزاي (الشرطة بالألمانية). هذا الاشتباه بالتعاون، سواء المباشر أو غير المباشر في دولة تعتبر في مقدمة دول القانون والابتعاد عن الفساد والمحسوبيات أو الخلط بين المهنية والمواقف الإيديولوجية، يتوج بسلسلة من الانتقادات والشكوك التي طاولت جهاز الشرطة الألماني (عدا عن تغلغل اليمين المتطرف على المستوى العسكري الذي تحدثت عنه التقارير في أكثر من مناسبة). ومن بين أحدث الانتقادات التي أثيرت بوجه شرطة كيمنتس كيف أنّ الشرطة سمحت بـ"سيطرة اليمين المتطرف على الشارع من دون فض تظاهرته التي حملت لوناً نازياً" وفقا لما تساءلت صحف "شبيغل" و"دي فيلت" و"بيلد"، والأخيرة عنونت على صفحتها الأولى "العار" في قراءتها مشهد ترك الشرطة الشارع لأنصار اليمين المتطرف.
اقــرأ أيضاً
الشرطة الألمانية في ساكسونيا بررت ما جرى بأنّها استندت إلى تقييم خاطئ حول قدرة اليمين على الحشد. وهي الانتقادات التي طاولتها أيضاً من اليمين المتطرف نفسه، إذ تحدثت عن مشاركة بضع مئات من المتظاهرين، فيما أظهرت حركات اليمين بمقاطع فيديو مشاركة الآلاف، خصوصاً من الشبان حليقي الرؤوس ومرتدي الأسود، ممن أطلقوا على أنفسهم "حركة المواطنين... مناصرو كيمنتس" وهم الذين استغلوا حادثة طعن السكاكين ليشاركوا بنحو "6 آلاف متظاهر وليس 800 كما قالت الشرطة" وفقاً لهذه الحركة الناشئة.
وبالرغم من إظهار الصور ومقاطع الفيديو الآلاف يتظاهرون وبعضهم يؤدي التحية النازية، فيما آخرون يصفقون للمنتمين للحركات المتطرفة، بقيت الشرطة متهمة بـ"تقدير مبسط لأعداد المشاركين وعدد من أوقفتهم الذين لم يبلغوا أكثر من عشرين شخصاً" وفقاً لمعارضي النازية.
سمعة سيئة
الأسئلة المثارة هذه الأيام حول دور الشرطة في ساكسونيا ترتبط أيضاً بقوة انتشار اليمين المتطرف في هذه الولاية، بحسب عدد من الخبراء، ما يؤثر بشكل مباشر على معظم أفراد مؤسسات حكومية، ومن بينها الأمن والشرطة والموظفون العموميون. وبحسب البروفسورة، سارة دي لانغ، من جامعة "أمستردام" فإنّ "الحركة الراديكالية اليمينية كانت دوماً أقوى في الأجزاء الشرقية لألمانيا، خصوصاً في المناطق التي شهدت بعض أعمال العنف التي ارتبطت بالهجرة واللجوء". دي لانغ الباحثة في قوة اليمين الشعبوي المتطرف، وعلاقته بتطور حركة اللجوء، ترى أيضاً أنّه "بالرغم من تراجع حركة اللجوء، ما زالت الأحداث العنيفة مرتفعة نسبياً، وثمة مؤشرات كثيرة على أنّ حركة التطرف تقوى أكثر بتقدم النازية الجديدة في هذه الولاية وتغلغلها في مستويات عديدة".
من ناحيته، يعتبر البروفسور، بيير أورغورد، الأستاذ الفخري في كلية إدارة الأعمال بجامعة "كوبنهاغن" أنّ "ساكسونيا كانت دائماً سيئة السمعة لأنّ الحكومات المتعاقبة تركت المشاكل والأزمات بعيدة عن الأضواء". يتابع أنّ "شبح التاريخ يعود، فعدد من ولايات شرق ألمانيا ما زالت متأخرة مقارنة بغرب البلاد، وهو أمر نلحظه في دراسة حركة الهجرة من تلك الولايات نحو غرب ألمانيا، ربما ليس هجرة هائلة، لكنّ ذلك خلق خللاً وتحيزاً اجتماعياً، فمن بقوا في هذا الجزء من البلاد باتوا يشعرون أنّهم مواطنون درجة ثانية". يبدو الربط بالنسبة لهذا الخبير في الشأن الألماني، بين عمق المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في شرق البلاد وارتفاع موجة العنصرية واكتساح اليمين المتطرف لكلّ مستويات مجتمعاتها المحلية، بما فيها المؤسسات الرسمية "يدفع بالشكوك الكبيرة إلى الظلّ حول أنّ جهاز الشرطة في تلك المناطق غير راغب في الواقع، بمواجهة الحركات الراديكالية اليمينية، بل تظهر الصورة وكأنّ أيادي تلك الأجهزة تحمي التطرف وممارساته التي يسكت عنها أو يجري شطبها من الشكاوى".
في ما يتعلق بالانتقادات التي طاولت الشرطة في ساكسونيا، فقد ذهبت الأخيرة إلى القول إنّها وقعت تحت "مفاجأة ما جرى" واستدعت تعزيزات من لايبزيغ ودريسدن. لكنّ الشرطة لم تستطع تبرير كيف تسرب أمر الاعتقال الرسمي، بالرغم من أنّ سلطة الادعاء في دريسدن أكدت فتحها تحقيقاً في عملية التسريب. وذهب أيضاً الموقع الرسمي الحكومي في ساكسونيا إلى التأكيد على أنّ السلطات طلبت من المدعين العامين في كيمنتس ودريسدن العمل على كشف من سرب أمر الاعتقال.
"دوتشه فيله" نقلت خبراً عن مصادر داخل "حركة المواطنين" في كيمنتس أنّ "الوثيقة سربت لهم بشكل خاص". فتسريب أمر الاعتقال أظهر أمام الشارع قوة اليمين المتطرف الذي استغل حادثة الطعن لتعزيز فكرة معارضة سياسة الهجرة واللجوء وجذب تيارات متشددة أخرى "لإحداث اصطفاف واسع تحت عنوان فضفاض باسم المواطنين، لكن في الواقع هذه الحركة الناشئة ليست سوى غطاء لحركات قائمة كحركة النازيين الجدد التي تضم متطرفين مولعين بالتدريب البدني على القتال" بحسب أورغورد.
تقدم النازية
في البحث عن أجوبة حول قوة ونفوذ وترسخ الحركة القومية المتطرفة في شرق ألمانيا يرى بعض الخبراء أنه يجب النظر إلى أسباب أخرى غير التطرف القومي "فأحد أهم الأسباب يكمن في اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي أخذ النقاش حول اللاجئين والمهاجرين كذريعة ووضع المسؤولية عليهم هو هروب من مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية" بحسب أورغورد. وعلى الرغم من أنّ التطرف منتشر أيضاً في غرب وشمال ألمانيا، إلا أنّ مشكلة شرق البلاد تظهر في قدرة اليمين المتطرف "بناء على تلك الظروف وعدم رضا المواطنين في الحشد سريعاً وإظهار الغضب المكتوم" بحسب ما يقول الناشط كريستيان كلينبيل لـ"العربي الجديد" في فليامسهافن. كلينبيل يسعى مع رفاق له لوقف زحف اليمين المتطرف في منطقته، بعد نمو حركة متشددة تطالب بوقف إسكان اللاجئين في عموم منطقة سالزغيتر في ساكسونيا السفلى بشمال ألمانيا. يحاجج اليمين المتشدد في تلك المنطقة أنّه "لم يعد بالإمكان استقبال المزيد من السكان اللاجئين بعدما استقبلت الآلاف منهم".
اقــرأ أيضاً
ما يخشاه معارضو الفاشية والنازية في ألمانيا أنّ "السياسيين الكبار يكررون رفضهم للتطرف، فيما يسابقون الحركة المتطرفة في تبني تشديدات صارمة، بدلاً من الانتباه للمشاكل الاجتماعية التي يعتاش عليها التطرف ويزيد نفوذه في البلاد" وفق ما يذكر الباحث في علم الاجتماع السياسي، أندرياس كريشمر، لـ"العربي الجديد". يشير كريشمر إلى أنّه "بينما لا يسمح للحركة النازية بامتلاك هامش كبير في غرب البلاد فإنّ حزب البديل لأجل ألمانيا، صاحب العلاقة الوثيقة بالحركة النازية، يتقدم، مثلما تقدم في ساكسونيا بواقع 27 في المائة". يبدي قلقه: "لسنا أمام حركة احتجاج سياسي، بل تحريك للشارع ضد بعضه، وبالرغم من أنّ ألمانيا دولة مجتمع مدني، إلا أنّ الخطر يبقى ماثلاً من فقدان كثيرين الثقة بدولة العدالة والمؤسسات".
كشف تسريب مذكرة توقيف متهمين مفترضين بقتل المواطن الألماني، دانيال (35 عاماً) في كيمنتس بشرق ألمانيا، ونشر اسميهما علناً (عراقي وسوري) بوثيقة رسمية وصحيحة، وفقاً لمحطة "آر دي" الألمانية، عن تجدد مخاوف سابقة حول نفوذ اليمين المتطرف في دوائر الأمن والشرطة الألمانية، ما يهدد دولة المؤسسات ودولة المجتمع المدني ذات الخلفية العريقة في البلاد.
الوثيقة الرسمية التي يفترض أن تكون سرية، وتخص الادعاء والشرطة لدى عرض المتهمين على قاضي التحقيق، سربها قيادي ومؤسس في الحركة اليمينية المتطرفة "بيغيدا"، بعد يومين فقط من اعتقال المتهمين المفترضين في حادثة القتل، وطعن شخصين آخرين. فعلى وقع تظاهرات شهدتها كيمنتس، وبروز شبان من التيار النازي الجديد في مطاردة بعض اللاجئين، نشر القيادي في "بيغيدا" لوتز باخمان، الوثيقة التي أثارت شكوكاً كبيرة حول "تسلمها من عناصر شرطة تتعاون مع معسكر التطرف في ولاية ساكسونيا". انتشرت الوثيقة بشكل واسع بين مجموعات التواصل الاجتماعي، خصوصاً في الجناح اليميني المتطرف، ولم تنفع كلّ عمليات شطبها عن الإنترنت لوقف استغلالها بشكل سلبي للتحريض على اللاجئين عموماً.
بيغيزاي
في ساكسونيا، بات البعض يتفاخر بتعاون الشرطة مع "بيغيدا" ويطلق هؤلاء على شرطة ساكسونيا اسم "بيغيزاي" كنوع من الدمج بين "بيغيدا" وبوليتزاي (الشرطة بالألمانية). هذا الاشتباه بالتعاون، سواء المباشر أو غير المباشر في دولة تعتبر في مقدمة دول القانون والابتعاد عن الفساد والمحسوبيات أو الخلط بين المهنية والمواقف الإيديولوجية، يتوج بسلسلة من الانتقادات والشكوك التي طاولت جهاز الشرطة الألماني (عدا عن تغلغل اليمين المتطرف على المستوى العسكري الذي تحدثت عنه التقارير في أكثر من مناسبة). ومن بين أحدث الانتقادات التي أثيرت بوجه شرطة كيمنتس كيف أنّ الشرطة سمحت بـ"سيطرة اليمين المتطرف على الشارع من دون فض تظاهرته التي حملت لوناً نازياً" وفقا لما تساءلت صحف "شبيغل" و"دي فيلت" و"بيلد"، والأخيرة عنونت على صفحتها الأولى "العار" في قراءتها مشهد ترك الشرطة الشارع لأنصار اليمين المتطرف.
الشرطة الألمانية في ساكسونيا بررت ما جرى بأنّها استندت إلى تقييم خاطئ حول قدرة اليمين على الحشد. وهي الانتقادات التي طاولتها أيضاً من اليمين المتطرف نفسه، إذ تحدثت عن مشاركة بضع مئات من المتظاهرين، فيما أظهرت حركات اليمين بمقاطع فيديو مشاركة الآلاف، خصوصاً من الشبان حليقي الرؤوس ومرتدي الأسود، ممن أطلقوا على أنفسهم "حركة المواطنين... مناصرو كيمنتس" وهم الذين استغلوا حادثة طعن السكاكين ليشاركوا بنحو "6 آلاف متظاهر وليس 800 كما قالت الشرطة" وفقاً لهذه الحركة الناشئة.
وبالرغم من إظهار الصور ومقاطع الفيديو الآلاف يتظاهرون وبعضهم يؤدي التحية النازية، فيما آخرون يصفقون للمنتمين للحركات المتطرفة، بقيت الشرطة متهمة بـ"تقدير مبسط لأعداد المشاركين وعدد من أوقفتهم الذين لم يبلغوا أكثر من عشرين شخصاً" وفقاً لمعارضي النازية.
سمعة سيئة
الأسئلة المثارة هذه الأيام حول دور الشرطة في ساكسونيا ترتبط أيضاً بقوة انتشار اليمين المتطرف في هذه الولاية، بحسب عدد من الخبراء، ما يؤثر بشكل مباشر على معظم أفراد مؤسسات حكومية، ومن بينها الأمن والشرطة والموظفون العموميون. وبحسب البروفسورة، سارة دي لانغ، من جامعة "أمستردام" فإنّ "الحركة الراديكالية اليمينية كانت دوماً أقوى في الأجزاء الشرقية لألمانيا، خصوصاً في المناطق التي شهدت بعض أعمال العنف التي ارتبطت بالهجرة واللجوء". دي لانغ الباحثة في قوة اليمين الشعبوي المتطرف، وعلاقته بتطور حركة اللجوء، ترى أيضاً أنّه "بالرغم من تراجع حركة اللجوء، ما زالت الأحداث العنيفة مرتفعة نسبياً، وثمة مؤشرات كثيرة على أنّ حركة التطرف تقوى أكثر بتقدم النازية الجديدة في هذه الولاية وتغلغلها في مستويات عديدة".
من ناحيته، يعتبر البروفسور، بيير أورغورد، الأستاذ الفخري في كلية إدارة الأعمال بجامعة "كوبنهاغن" أنّ "ساكسونيا كانت دائماً سيئة السمعة لأنّ الحكومات المتعاقبة تركت المشاكل والأزمات بعيدة عن الأضواء". يتابع أنّ "شبح التاريخ يعود، فعدد من ولايات شرق ألمانيا ما زالت متأخرة مقارنة بغرب البلاد، وهو أمر نلحظه في دراسة حركة الهجرة من تلك الولايات نحو غرب ألمانيا، ربما ليس هجرة هائلة، لكنّ ذلك خلق خللاً وتحيزاً اجتماعياً، فمن بقوا في هذا الجزء من البلاد باتوا يشعرون أنّهم مواطنون درجة ثانية". يبدو الربط بالنسبة لهذا الخبير في الشأن الألماني، بين عمق المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في شرق البلاد وارتفاع موجة العنصرية واكتساح اليمين المتطرف لكلّ مستويات مجتمعاتها المحلية، بما فيها المؤسسات الرسمية "يدفع بالشكوك الكبيرة إلى الظلّ حول أنّ جهاز الشرطة في تلك المناطق غير راغب في الواقع، بمواجهة الحركات الراديكالية اليمينية، بل تظهر الصورة وكأنّ أيادي تلك الأجهزة تحمي التطرف وممارساته التي يسكت عنها أو يجري شطبها من الشكاوى".
في ما يتعلق بالانتقادات التي طاولت الشرطة في ساكسونيا، فقد ذهبت الأخيرة إلى القول إنّها وقعت تحت "مفاجأة ما جرى" واستدعت تعزيزات من لايبزيغ ودريسدن. لكنّ الشرطة لم تستطع تبرير كيف تسرب أمر الاعتقال الرسمي، بالرغم من أنّ سلطة الادعاء في دريسدن أكدت فتحها تحقيقاً في عملية التسريب. وذهب أيضاً الموقع الرسمي الحكومي في ساكسونيا إلى التأكيد على أنّ السلطات طلبت من المدعين العامين في كيمنتس ودريسدن العمل على كشف من سرب أمر الاعتقال.
"دوتشه فيله" نقلت خبراً عن مصادر داخل "حركة المواطنين" في كيمنتس أنّ "الوثيقة سربت لهم بشكل خاص". فتسريب أمر الاعتقال أظهر أمام الشارع قوة اليمين المتطرف الذي استغل حادثة الطعن لتعزيز فكرة معارضة سياسة الهجرة واللجوء وجذب تيارات متشددة أخرى "لإحداث اصطفاف واسع تحت عنوان فضفاض باسم المواطنين، لكن في الواقع هذه الحركة الناشئة ليست سوى غطاء لحركات قائمة كحركة النازيين الجدد التي تضم متطرفين مولعين بالتدريب البدني على القتال" بحسب أورغورد.
تقدم النازية
في البحث عن أجوبة حول قوة ونفوذ وترسخ الحركة القومية المتطرفة في شرق ألمانيا يرى بعض الخبراء أنه يجب النظر إلى أسباب أخرى غير التطرف القومي "فأحد أهم الأسباب يكمن في اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي أخذ النقاش حول اللاجئين والمهاجرين كذريعة ووضع المسؤولية عليهم هو هروب من مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية" بحسب أورغورد. وعلى الرغم من أنّ التطرف منتشر أيضاً في غرب وشمال ألمانيا، إلا أنّ مشكلة شرق البلاد تظهر في قدرة اليمين المتطرف "بناء على تلك الظروف وعدم رضا المواطنين في الحشد سريعاً وإظهار الغضب المكتوم" بحسب ما يقول الناشط كريستيان كلينبيل لـ"العربي الجديد" في فليامسهافن. كلينبيل يسعى مع رفاق له لوقف زحف اليمين المتطرف في منطقته، بعد نمو حركة متشددة تطالب بوقف إسكان اللاجئين في عموم منطقة سالزغيتر في ساكسونيا السفلى بشمال ألمانيا. يحاجج اليمين المتشدد في تلك المنطقة أنّه "لم يعد بالإمكان استقبال المزيد من السكان اللاجئين بعدما استقبلت الآلاف منهم".
ما يخشاه معارضو الفاشية والنازية في ألمانيا أنّ "السياسيين الكبار يكررون رفضهم للتطرف، فيما يسابقون الحركة المتطرفة في تبني تشديدات صارمة، بدلاً من الانتباه للمشاكل الاجتماعية التي يعتاش عليها التطرف ويزيد نفوذه في البلاد" وفق ما يذكر الباحث في علم الاجتماع السياسي، أندرياس كريشمر، لـ"العربي الجديد". يشير كريشمر إلى أنّه "بينما لا يسمح للحركة النازية بامتلاك هامش كبير في غرب البلاد فإنّ حزب البديل لأجل ألمانيا، صاحب العلاقة الوثيقة بالحركة النازية، يتقدم، مثلما تقدم في ساكسونيا بواقع 27 في المائة". يبدي قلقه: "لسنا أمام حركة احتجاج سياسي، بل تحريك للشارع ضد بعضه، وبالرغم من أنّ ألمانيا دولة مجتمع مدني، إلا أنّ الخطر يبقى ماثلاً من فقدان كثيرين الثقة بدولة العدالة والمؤسسات".