اختتمت الجولة الثالثة من أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف اليوم السبت، من دون إحراز تقدم. وقال عضو وفد المعارضة في اللجنة، يحيى العريضي، إن الجولة الثالثة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية ستنهي أعمالها اليوم من دون تحقيق تقدم يذكر بسبب مماطلة وفد النظام.
وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجولة بدأت "بتوافق على جدول أعمال، وجدية واضحة ومسؤولية من جانب وفد الهيئة والمجتمع المدني"، لكنّ ذلك جوبه بـ"محاولات مكشوفة سخيفة للتنصل من مهمة اللجنة من قبل "الوفد الوطني"، من خلال التذاكي بإقحام مفهوم مقدس ألا وهو الهوية الوطنية، الموضوع الذي يضيع في دهاليزه عتاة المفكرين، ولكن وفدنا أبلى بلاءً حسناً بذلك".
ووصف العريضي التصريحات "الكزبرية" (نسبة إلى رئيس وفد النظام أحمد الكزبري) بأنها "بائسة باتهام الآخر بما يرتكبه ووفده، ألا وهو "مخالفة القواعد الإجرائية والخروج عليها"، فقط لمجرد الدخول في المهمة الموكلة إلى اللجنة، وهي كتابة مسودة دستور لسورية". وأوضح أن تحديد موعد الجولة المقبلة، هو قيد النقاش حالياً مع المبعوث الدولي.
وقالت مصادر في وفد المعارضة السورية لـ"العربي الجديد"، إن وفد النظام حاول كسب الوقت من خلال طرح قضايا تتعلق بالمفاهيم التي تنظم علاقة الدولة بالسلطات والهويات الوطنية ومكافحة الإرهاب بغية تضييع الوقت، لافتة إلى أن وفد النظام رفض مقترح تمديد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية، تجنباً لبحث المزيد من المواضيع.
وكانت الجولة الثالثة لاجتماعات اللجنة المصغرة لمناقشة الدستور، المنبثقة من الهيئة الموسعة، قد استأنفت أعمالها أمس الأول الخميس بجلسة واحدة بعد تعليقها لمدة 3 أيام من قبل الأمم المتحدة، عقب اكتشاف وجود إصابات بفيروس كورونا ضمن الوفود المشاركة.
وقال رئيس اللجنة الدستورية عن طرف المعارضة هادي البحرة خلال مؤتمر صحافي عقده أمس الجمعة، إن ما يحدد "الهوية الوطنية" هو الدستور نفسه الذي يعرّفها في مقدمته وفي المبادئ السياسية والاقتصادية له، لأن العلاقات بين المواطن والدولة والوطن مرتبطة ببعضها.
وأوضح أن "بعض الأعضاء تحدث عن المبادئ الوطنية الأساسية التي لها علاقة بالهوية الوطنية، وبعضهم الآخر تحدثوا عن سيادة القانون واستقلال القضاء وضرورة الفصل بين السلطات، بينما تحدث آخرون عن العلاقة بين الدولة والوطن".
وقال البحرة إن الاجتماع المقبل للجنة الدستورية لم يُحدَّد بعد، و"نحن نتطلع لاجتماع قادم سريع بأقل من شهر".
من جهته، أكد رئيس وفد النظام إلى الاجتماع أحمد الكزبري "ضرورة التوافق على المبادئ الوطنية قبل الانطلاق إلى المبادئ الدستورية، وأهمها احترام سيادة ووحدة واستقلال أراضي الجمهورية العربية السورية، وهو مبدأ وطني سامٍ"، وفق تعبيره.
رفض وفد نظام النظام مقترح تمديد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة، تجنباً لبحث المزيد من المواضيع
ونقلت وكالة "سانا" الرسمية عن الكزبري قوله في مؤتمر صحافي أمس الجمعة: "نحن نتفق على وضع دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، ولذلك يجب أن يكون هنالك توافق أساسي على مبادئ وطنية، وهي تختلف عن المبادئ الدستورية المعمول بها. وعندما يتفق الأطراف على المبادئ الوطنية، ننطلق للعملية الثانية، وهي المبادئ الدستورية التي ستوضع على شكل نصوص ومواد تصاغ وفق الدستور ووفق هيكليته، التي تكون مقسّمة إلى فصول مختلفة، فهذا الدستور لأجيال قادمة، وهو مستقبل سورية".
واعتبر الكزبري أنه لا يمكن إنجاز الدستور في مدة زمنية قصيرة، وأن وفده "حريص على السير في هذه العملية وفق مراحل دقيقة ومنهجية، وليس القفز مباشرة إلى الصياغة"، موضحاً أن وفده "طرح، خلال الجولة الماضية، موضوع سيادة الدولة كمبدأ أول، إذ إن العملية السياسية كاملة تبدأ بالبند الأول، وهو احترام سيادة ووحدة واستقلال الأراضي السورية، وهذا شيء أساسي ومبدأ وطني سامٍ، وبذات الوقت هو شيء دستوري. فعندما نتحدث عن هذا الموضوع، نكون في صلب الدستور مباشرة، إضافة إلى مكافحة ورفض الإرهاب كمبدأ وطني".
واتهم الكزبري "بعض الأطراف" بالعمل على تعطيل المفاوضات، مشدداً على ضرورة الاتفاق على مبدأ وطني "كي نستطيع أن نصوغ منه مبدأ دستورياً، وبعده يمكن صياغة المواد التي تدخل في صلب الدستور".
ورأى الكزبري أن اللجنة هي "سورية بملكية سورية وقيادة سورية، والأمم المتحدة هي ميسر لهذه العملية، ولا يمكن القبول بأي تدخل خارجي في عملها"، مشيراً إلى أن اجتماعات المسؤول الأميركي جيمس جيفري مع المعارضة قبل انطلاق الجولة تدلّ على تدخل أميركي في عمل اللجنة، حسب تعبيره.
وكانت الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة المصغرة للجنة الدستورية السورية، قد انطلقت في جنيف الاثنين الماضي بمشاركة 45 عضواً موزعين بالتساوي بين وفود المعارضة السورية والمجتمع المدني والنظام السوري.
وتقول مصادر المعارضة السورية إن وفد النظام يحاول في كل جولة المماطلة، من خلال الحديث عن ضرورة التوافق على ما يسميه المبادئ الوطنية، تهرباًً من الخوض في تفاصيل مواد الدستور التي يُخشى أن تحدّ من سلطة رئيس النظام وأجهزته الأمنية وفترة ولايته.