اختتمت السودان ومصر، ظهر اليوم الخميس، اجتماعات اللجنة التشاورية السياسية المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين إبراهيم غندور، وسامح شكري، دون حسم القضايا الخلافية، حيث اتفقا على الاستمرار في اجتماعات اللجان المشتركة لحل القضايا، وعمد كل طرف إلى طرح تحفظاته من تحركات الطرف الآخر، سواء داخليا أو إقليميا.
ويعد هذا الاجتماع الثالث من نوعه، ولم يتم حتى الآن حسم الملف الأساسي والمتصل بحظر المنتجات الزراعية والصناعية من الدخول إلى السودان.
وقال غندور في تصريحات صحافية عقب المباحثات اليوم، "إن الاجتماعات تطرقت لشواغل السودان، فيما يلي وقف الدعم للحركات المسلحة الدارفورية، كما تناقشنا معاً في كيفية وقف أي دعم لهم من قبل الطرف الليبي".
وأكد أنه "لمس حرصاً مصرياً على عدم تأذي السودان من أية مواقف تصدر عن الأطراف الليبية"، مبيناً أن "الاجتماعات ناقشت جملة من القضايا، ووصلت لحزمة من الاتفاقات بينها تبادل التدريب الدبلوماسي بين البلدين والتنسيق السياسي والبرلماني وتقويته، فضلا عن التعاون الأمني والعسكري".
وأشار الوزير السوداني إلى زيارة مرتقبة لوزير الدفاع المصري للسودان، لمناقشة حزمة ملفات مع الجانب السوداني، بالنظر لتكامل المسارات السياسية والعسكرية والأمنية.
وذكر أن الاجتماع تطرق لمواقف البلدين في اليمن وسورية وجنوب السودان وليبيا، لافتاً إلى توافق وجهات النظر في بعض الملفات وتباينها في البعض الآخر، وفي ما يتعلق بملف سد النهضة أكد غندور أن الطرفين اتفقا على المضي قدما لحل الإشكالات".
من جهته، طالب شكري بالالتزام بتنفيذ وثيقة المبادئ الخاصة بسد النهضة التي وقعها رؤساء السودان ومصر ورئيس الوزراء الإثيوبي في الخرطوم قبل نحو عامين، وأكد أن أي محاولة لتطبيق سياسة الأمر أو الاستفادة من إطالة تنفيذ بنود الوثيقة، لا يصب في مصلحة البلدان الثلاثة وبناء الثقة.
وأوضح أن "التنفيذ السليم والكامل لما توصل له من اتفاق، يبني العلاقة على أسس سليمة متسقة مع القانون الدولي، ومع مبادئ الدولية وهو المسار لتحقيق مصالح الدول الثلاث".
وقال "نعمل على هذا الأساس ونضغط في تنفيذ الالتزامات القائمة على الدول ومراعاة مبادئ القانون الدولي"، مشيراً إلى "ضرورة تكثيف التواصل بين الدول الثلاث لتنفيذ الوثيقة وعدم اللجوء لسياسة الأمر الواقع أو الاستفادة من إطالة أمد التنفيذ". وأضاف "كلما أسرعنا في تنفيذ ما توافقنا عليه، كان لذلك أثر في بناء الثقة وتحقيق المصالح المشتركة.
وذكر وزير الخارجية المصري أنه تم طرح نقاط عدة، وجرى الاتفاق على العمل من أجل إزالة كل ما من شأنه أن يعيق المسار الطبيعي للعلاقات نحو التقدم، مشيراً إلى أن "المنطقة تواجه هجمة شرسة من التنظيمات الإرهابية، ولا بد من التصدي لها، من خلال التعاون والتنسيق الوثيق على المستوى الأمني". وشدد على ضرورة التعامل مع تلك التنظيمات بشكل شمولي، لمواجهتها في كافة جوانبها.
وكان شكري قد أكد لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية لاجتماعات لجنة التشاور السياسي، "أن الاجتماعات المستمرة بين البلدين من شأنها أن تعمل على إزالة كل العقبات التي تواجه علاقة الخرطوم والقاهرة، ووضعها في المسار الصحيح".
وأشار إلى ضرورة تكريس ما يجمع بين البلدين وترسيخ الود والمصالح على أسس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بجانب احترام خيارات وإرادة الشعبين في مسيرتهما نحو تحقيق الازدهار، مؤكداً قدرة البلدين على تعزيز المصالح المشتركة والتغلب على العقبات.
وأكد الوزير المصري تطلع بلاده للتعاون مع السودان في كافة المجالات، بينها تعزيز التعاون التجاري، وإزالة كافة المعوقات التي تعترض طريقها، فضلاً عن ترسيخ قنوات الاتصال رفيعة المستوى بين المسؤولين في البلدين بمجالات الدفاع والأمن، إلى جانب تفعيل المشروعات التكاملية التي تم التوافق عليها بين رئيسي البلدين عمر البشير، وعبد الفتاح السيسي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بدوره، لفت غندور في افتتاح الاجتماع، إلى تجاوز البلدين لكافة الخلافات التي أثارت الرأي العام أخيرا، والمتصلة بملفات الإقامة والغرامات والإيقافات المتصلة بالمواطنين.
وأعلن وزير الخارجية السوداني استعداد بلاده لتقديم كل ما من شأنه تحقيق التكامل بين البلدين، عبر إقامة حزمة من المشاريع الاستراتيجية الاقتصادية المشتركة.
وطالب بتعزيز التعاون الثنائي بين السودان ومصر، لتحقيق أمن استراتيجي شامل ومشترك، يسهم في استدامة مصالح البلدين، دون إغفال ما يواجه الدولتين من مضايقات وتقاطعات إقليمية وعالمية تسعى لتعكير صفو العلاقة، على حد قوله، للوصول إلى تفاهمات وتقارب يعمل على حل ما سمّاه بالعقد البينية بتقديرات تساعد وتعظم المصالح المشتركة.
وشدد على ضرورة العمل لتفاعل المنافع بين البلدين، من خلال إنشاء مشروعات ضخمة ومدروسة ومحددة وفقا لجدول زمني، كما أكد ضرورة أن تحظى بالدعم والرعاية على مستويات عالية لتصبح لبنة حقيقية لتجاوز المواقف والمحطات التي تعترض علاقة البلدين، وصولاً إلى تكامل وتعاون اقتصادي يسهم في إنعاش واستقرار شعبي البلدين. ولفت إلى جاهزية بلاده لتقديم ما عليها لإنجاح تلك المشروعات في أقرب وقت.
وأكد غندور عزم بلاده على إنجاح اجتماعات اللجنة للخروج بنتائج إيجابية، فضلا عن استعدادها لتجاوز العقبات والتحديات في علاقة البلدين، داعياً لإعادة تقييم الآليات المشتركة ومراجعة مضامينها ومواقيتها، وتحديد مواقع نجاحها وإخفاقها لتفعيلها بشكل أكبر.