احتفالٌ لبناني بالمخرج جورج نصر... أفلام وكتب وتكريمات

يستكمل عام 2018 احتفالات متنوّعة بالمخرج اللبناني جورج نصر (1929)، شهدها عام 2017 في بيروت وطرابلس (لبنان)، بالإضافة إلى مهرجان "كانّ" السينمائيّ الدولي (فرنسا). فبعد ترميم نسخة قديمة من فيلمه الروائيّ الطويل الأول، "إلى أين؟"، وإصدار كتاب باللغة الفرنسية عنه (جامعة البلمند)، وإنتاج فيلم وثائقي يسرد فصولاً من سيرته الحياتية والمهنية، بارتكازه على لقاءات طويلة معه (أبّوط للإنتاج)؛ أعلنت إدارة سينما "متروبوليس"، في العاصمة اللبنانية، أنها ستعرض النسخة المرمَّمة تلك، بين 4 و10 يناير/ كانون الثاني 2018، إلى جانب الفيلم الوثائقي، "نصر" (65 دقيقة)، للثنائي أنطوان واكد وبديع مسعد.

يُعتبر "إلى أين؟" أول روائيّ طويل يُصنع في لبنان، ويُشارك في مهرجان دولي، هو مهرجان "كانّ"، في دورته الـ 10 (2 ـ 17 مايو/ أيار 1957). وقد احتفل المهرجان نفسه بذكرى مرور 60 عاماً على ذاك العرض الدولي الأول، فقدّمه إلى الجمهور، بنسخته المرمَّمة، في برنامج "كلاسيكيات كانّ"، في الدورة الـ 70 (17 ـ 28 مايو/ أيار 2017)، بحضور المخرج، في لقاء لم يخلُ من الانفعال والتأثّر الجميلين.

وقد تعاونت جهات لبنانية عديدة مع "أبّوط للإنتاج" لترميم تلك النسخة، كـ "مؤسّسة سينما لبنان" و"نادي لكل الناس". بينما شارك "نصر" في مسابقة "آفاق السينما العربية الجديدة"، في الدورة الـ 39 (21 ـ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017) لـ "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، وفاز بـ "جائزة صلاح أبو سيف لأفضل مساهمة فنية".

أما الكتاب، الذي يحمل عنوان "جورج نصر: السينما الداخلية"، فهو بإشراف غسان قطيط، ويتضمّن حواراً طويلاً مع المحتفى به، وشهادات وكتابات ووثائق وصُوَر، ومعطيات ومعلومات أرشيفية متنوّعة. وقد تمّ إطلاقه في الدورة الـ 4 (27 أبريل/ نيسان ـ 4 مايو/ أيار 2017) لـ "مهرجان طرابلس للأفلام" (شمال لبنان).

يُشكّل "إلى أين؟" محطة مهمّة في تاريخ السينما اللبنانية، إذْ تمّ إنجازه في مرحلة شهدت انطلاقة جديدة لهذه السينما، بعد ارتباكات المرحلة الأولى، الممتدة بين عامي 1929 (أول فيلم لبناني، بعنوان "مغامرات الياس مبروك" للإيطالي جوردانو بيدوتي) ومطلع خمسينيات القرن الـ 20، التي ظهر فيها اسم علي العريس كأحد أبرز مؤسّسيها اللبنانيين.

ويروي الفيلم ـ المرتكز على موضوع الهجرة، مُقدِّماً "نظرة صادقة إلى الطبقة العاملة" ـ حكاية عائلة تعيش حالةً من الفقر، في إحدى القرى اللبنانية، فيُقرِّر الأب أن يُهاجر إلى البرازيل، التي يعتبرها لبنانيون كثيرون، في تلك الفترة تحديداً (النصف الأول من القرن الفائت) "بلاد الخير والثروات". خلال 20 عاماً من غيابه عن عائلته وأهل قريته، تتولّى زوجته تربية أولادها، لكن بصعوبة كبيرة: البكر يُكوِّن عائلة، والأصغر سناً منه يستعد ـ بدوره ـ للهجرة إلى البرازيل. في أحد الأيّام، يصل إلى القرية رجل رثّ الثياب، لا يتعرّف إليه أحد، قبل أن يكتشف الجميع هويته، ويتساءلون معه عن معنى الهجرة والمنافي، وعن الانتماء والهوية والعلاقات.

أما الوثائقي، فيستعيد سيرة جورج نصر، الحياتية والمهنية، ويتوقّف عند التحدّيات التي واجهها في سياق عمله الدؤوب على تأسيس صناعة سينمائية في لبنان. كما أن "نصر" يربط قصّة حياة المخرج بحكاية ولادة السينما في لبنان وتطوّراتها المختلفة.

في هذا الإطار، دعت ميريام ساسين (أبّوط للإنتاج) الجمهور إلى مشاهدة "إلى أين؟"، الذي تعتبره "محطة مهمّة في تاريخ السينما اللبنانية"، مضيفة أن شركة الإنتاج "فخورة" بمساهمتها في "ترميم هذا الكنز الوطني"، و"في توثيق هذا الجزء من تاريخنا وحمايته، وتعريف الأجيال الجديدة عليه"، وفي تقديم "مخرج بالغ الأهمية، لا يعرف اللبنانيون تفاصيل سيرته، وقيمتها".