وجاء الاحتفال، الذي أقيم في ميدان عام، وبالقرب من قبر الأب الروحي لجنوب السودان، جون قرنق، وسط أجواء صاخبة، تخللتها أغاني للسلام ورقصات شعبية لمجموعات ارتدت الأزياء التقليدية في الجنوب.
وتوصل طرفا النزاع في الدولة الوليدة، الحكومة والمتمردون، لاتفاق سلام في الخرطوم، بعد مفاوضات انطلقت في 25 يونيو/ حزيران الماضي، توسط فيها الرئيس السوداني عمر البشير، ورعتها منظمة التنمية الحكومية (إيغاد)، ووُقّع في نسخته النهائية في أديس أبابا.
وشكل حضور زعيم المعارضة المسلحة، رياك مشار، حدثاً خاصاً، بعد أن غادر المدينة قبل أكثر من عامين، عقب محاولة اغتيال اتهم بها خصمه السابق الرئيس سلفاكير ميارديت.
كذلك، شارك في الاحتفال الرئيس السوداني، واليوغندي يوري موسفيني، والصومالي محمد عبد الله، ورئيسة أثيوبيا ساهلي زويدي، ورئيس الوزراء المصري محمد عبد الله، وممثلون للمنظمات الإقليمية والدولية.
وفي كلمته أمام الحشود الشعبية، جدد مشار مطالبه للرئيس سلفا كير برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين، والسماح بالنشاط السياسي وحرية التنقل بين المدن في جنوب السودان.
وقال زعيم المعارضة إن حضورهم لجوبا تأكيد منهم على حرصهم على عملية السلام، مشيراً إلى أنه حضر برفقة 50 من قيادة حركته المسلحة، وأنه حرص على الدفع بالعملية السلمية حتى أثناء إقامته الجبرية في جنوب أفريقيا، و"لم تكن تهمني الإقامة الجبرية بقدر ما كان يهمني إنهاء معاناة شعبي"، على حد قوله.
وأشاد مشار بالجهود التي بذلها الرئيس البشير من أجل السلام في الجنوب، وقبل ذلك موافقته على إقرار تقرير المصير لجنوب السودان، وقبوله بنتيجة الاستفتاء الذي جرى في العام 2011.
وأضاف أن اتفاقية السلام "ستصنع جيشا موحدا لا تسيطر عليه قبيلة واحدة، وستنهي مظاهر الفساد في إدارة الاقتصاد، وستذهب الموارد المالية بعد اليوم للتنمية والخدمات".
وبموجب اتفاق السلام، سيتولى مشار، في مايو/أيار المقبل، منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية خلال فترة انتقالية تستمر لمدة 3 سنوات، تُجرى بعدها انتخابات عامة.
وخلال الاحتفال، قررت جامعة جوبا، كبرى جامعات جنوب السودان، منح الرئيس البشير درجة الدكتوراه الفخرية في السلم والدبلوماسية، تقديراً لـ"جهوده في تحقيق السلام في الجنوب"، كما كُرّم من قبل نساء جنوب السودان.
وقال البشير، في كلمة خلال الاحتفال، إن "اتفاقية السلام يجب أن لا تكون ملكاً للقيادات السياسية، بل لكل شعب جنوب السودان"، متعهداً بوقوف بلاده مع الجنوب "حتى يكتمل السلام وتزال آثار الحرب، وتحقق المصالحة، ويرجع النازحون إلى قراهم، ويكتمل بناء السودان الجديد".
من جهته، تقدم رئيس جنوب السودان بـ"اعتذار علني للشعب" عن المعاناة التي سببتها الحرب بين الحكومة والمعارضة، وذكر أن اليوم "سيكون بداية لانتهاء مظاهر الاقتتال"، موجهاً أمراً للجيش والشرطة والأمن بالسماح بحركة المواطنين عبر الطرق البرية والنهرية.
وأضاف أنه ومشار، وبقية القادة، تعاهدوا على قيادة البلاد نحو التعافي وتجاوز الخلافات الشخصية، وأعلن عن إطلاق سراح السجناء السياسيين، منهم جيمس قاديت، أحد زعماء التمرد، المحكوم عليه بالإعدام، كما أعلن عن إطلاق سراح من اعتبره "مرتزقاً" من جنوب أفريقيا، وذكر أنه سيطلق سراحه ويرحل لبلاده.