احتدام السباق الانتخابي في موريتانيا: 3 سيناريوهات محتملة

17 ابريل 2019
من مهرجان انتخابي في شنقيط (كارمن عبد علي/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش الساحة الموريتانية حراكاً سياسياً قبل نحو شهرين من تنظيم الانتخابات الرئاسية التي تُعتبر تحولاً كبيراً في المسار الديمقراطي، وتشكّل فرصة للانتقال السلمي للسلطة، وسط تنافس متصاعد بين عدد من المرشحين لمنصب الرئيس. ويتنافس على مقعد الرئاسة في موريتانيا حتى الآن سبعة مرشحين (مع احتمال زيادة عددهم)، أبرزهم مرشح السلطة وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني، ورئيس الحكومة السابق سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" (إسلامي)، وأحزاب قومية، وقوى سياسية وشخصيات مستقلة، إضافة إلى الحقوقي بيرام ولد أعبيدي، ورئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" محمد ولد مولود، المدعوم من أحزاب عدة، أبرزها "تكتل القوى الديمقراطية" الذي يتزعمه أحمد ولد داداه.

ويشي الحراك المتصاعد بمنافسة قوية في الانتخابات المقبلة، مع تعدّد السيناريوهات المحتملة، في ظل اندفاع قوى سياسية وشعبية وتطلّعها الكبير لتحقيق انتقال سلمي في السلطة، والوصول إلى انتخاب رئيس جديد عبر صناديق الاقتراع، في عملية انتخابية يمكن أن تكون مثالاً يحتذى به في دول المنطقة التي تأمل شعوبها في تحقيق الديمقراطية.

ويرى مراقبون أن التحوّل الديمقراطي المحتمل في موريتانيا خلال الانتخابات المقبلة، سيمر عبر عدة سيناريوهات محتملة، أبرزها تعويل القوى السياسية على تنظيم عملية انتخابية سلسة يتم التوافق قبلها على تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، والإجراءات المصاحبة لعمل هذه اللجنة، إضافة إلى السماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى البلاد، وتهيئة المناخ لانتخابات يتفق الجميع على أنها ديمقراطية شفافة ونزيهة. ويأمل الشارع الموريتاني في أن تتجاوز القوى السياسية خلافاتها الآنية وتسعى للتمهيد لتحوّل ديمقراطي في البلد من خلال تنظيم انتخابات يتم الاتفاق فيها على المسار الممهد لتنظيمها بمشاركة كافة القوى السياسية، سواء في السلطة أو المعارضة.


واستعرض المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية ثلاثة سيناريوهات رأى أنها محتملة للانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها في شهر يونيو/ حزيران المقبل، للتناوب السلمي على السلطة، الذي ينص عليه الدستور وتتطلع إليه القوى السياسية والشعبية. وحصر المركز في تقريره الاستراتيجي السنوي (تقرير يتناول الحالة العامة للبلاد في أبعادها السياسية والجيواستراتيجية والاقتصادية والأمنية)، هذه السيناريوهات في ثلاثة، هي الانتقال الكامل، الانتقال الجزئي، وتعثّر الانتقال.

في السيناريو الأول، رأى التقرير أن الانتقال الكامل يتوقف على عدة أمور، منها إجراء الانتخابات بإشراف لجنة انتخابية مستقلة تتمتع بالصلاحيات والإمكانات المطلوبة، مع تراضي الأطراف السياسية، وحياد الإدارة، وهو ما سيمكّن من تحصين نتيجة هذه الانتخابات من الطعن في شرعيتها. ويُرجح هذا السيناريو، وفق التقرير، "الآفاق الاقتصادية التي يعد بها اكتشاف الغاز"، لأنها ستدفع السياسيين، خصوصاً في معسكر النظام الذي يثق في كسب الانتخابات، إلى تلطيف الأجواء السياسية بإجراء انتخابات توافقية.

أما السيناريو الثاني، حسب التقرير، فهو انتقال جزئي يحقق بعض آمال الانتقال السلمي المؤمل، وهو ما سيتحقق "بإجراء انتخابات تشارك فيها المعارضة من دون ضمانات جديدة" تعزز شفافيتها. ورجح التقرير هذا السيناريو بحرص الأطراف الحاكمة على عدم النزول عن هذا الحد وعدم رغبتها في تجاوزه، لأن وثوقها في ضعف المعارضة "لا يصل إلى درجة تجعلها قادرة على الذهاب بعيداً في المنافسة الشفافة".

أما السيناريو الثالث الذي يتوقّعه معدو التقرير، فهو تعثّر الانتقال إذا لم تجرِ الانتخابات بصورة تُخرج البلاد من حالة الشك في الشرعية "التي عانت منها الأنظمة الوطنية طيلة تاريخها". ويعطي التقرير مثالاً على ذلك في حال نجاح الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، في تقديم مرشح يتحكّم فيه بطريقة تجعل مغادرته للرئاسة أمراً شكلياً.

المساهمون