وحسب السلطات، فقد تم العثور على جثة أوزغيجان، يوم الجمعة الماضي، طالبة علم النفس في جامعة طرسوس، محروقة بعد أن قُتلت بينما كانت تقاوم سائق إحدى الحافلات الصغيرة الذي حاول اغتصابها، بعد أن ركبت معه لتذهب إلى منزلها، يوم الأربعاء الماضي.
واعتقلت السلطات التركية ثلاثة أشخاص مشتبه بهم في العملية، وأكد أحد المتهمين أنه حاول اغتصاب أوزغيجان التي لم تسمح له بذلك، فقام بطعنها عدة مرات بالسكين. ولإخفاء الجثة طلب مساعدة أبيه وأخيه، حيث تم إحراق الجثة ورميها بالقرب من أحد الجداول على أطراف مدينة مرسين.
وخرجت الآلاف من النساء الغاضبات في اليومين التاليين على اكتشاف الجريمة في احتجاجات كبيرة في المدن التركية، واشتعلت حملات كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ SEN DE ANLAT أي أنتِ أيضا تحدّثي، حيث تمت مشاركة هذا الهاشتاغ على نطاق واسع، قامت الفتيات عبره بالحديث عن حوادث التحرش اللاتي تعرضن لها، سواء باللفظ أو الفعل.
وأدانت جميع قيادات الأحزاب السياسية الجريمة، وقامت الحكومة التركية بافتتاح مركز للشباب في مدينة أنطاليا وأطلقت عليه اسم أوزغيجان، وذلك بعد أن اتصل كل من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بوالدي أوزغيجان، كما زار عدة وزراء منزلها للتعزية، حتى إنه بدأ يُطرح في تركيا فكرة إعادة عقوبة الإعدام في مثل هذه الحالات. كما أعلن حزب الشعب الجمهوري بعد ذلك أن مرشحي الصف الأول للانتخابات البرلمانية المقبلة عنه في كل من دوائر إسطنبول وأنقرة وإزمير سيكونون من النساء.
وتؤكد الناشطة سلمى أوزتورك لـ"العربي الجديد" أن هذه الجريمة ليست الأولى، فقبل شهر وقعت جريمة أخرى، إذ قتل رجل زوجته طعنا بالسكين وسط الشارع في إحدى البلدات شرق تركيا، فقط لأنها طلبت الطلاق، ولم تحرك هذه الجريمة الساسة الأتراك.
وتشير أوزتورك إلى أن اهتمام الساسة الآن ليس سوى مزايدات سياسية تشتد مع تصاعد الحملات الانتخابية تحضيراً للانتخابات البرلمانية، وللتغطية على الذكرى السادسة عشرة لاعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان.
ويؤكد الكثير من الناشطين في مجال حقوق المرأة أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أعداد جرائم العنف ضد المرأة منذ وصول "العدالة والتنمية" إلى الحكم، إذ سجلت السلطات التركية عام 2002 أقل من 100 حالة عنف ضد المرأة، ليرتفع إلى 300 حالة عام 2014.
لا يختلف المجتمع التركي، باستثناء بعض المدن الكبرى، عن المجتمعات الشرق أوسطية، فكثير من جرائم العنف بحق النساء تمر من دون أن تقوم المرأة بتقديم أي شكوى للشرطة التركية، خوفاً من انتقام الرجل الذي سيقوم بإبعادها عن أولادها، أو لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد.
وكانت الحكومة التركية في يونيو/حزيران من العام الماضي، قد مررت تشريعات جديدة، في محاولة لإعطاء حقوق للمرأة تتماشى مع المعايير الأوروبية، ومنها تشديد العقوبات على الاعتداء الجنسي.
ويشير المسؤولون الحكوميون إلى تضاعف عدد الملاجئ الخاصة بالنساء في السنوات الثلاث الماضية، حيث تضاعفت من 48 ملجأ عام 2011 إلى 92 ملجأ عام 2014، كما تم إنشاء العديد من مراكز الدعم لضحايا العنف من النساء، مما يسمح لهن بتلقي الحماية والبقاء مع أطفالهن.
لكن يؤكد محامون وناشطون في مجال حقوق المرأة أن هذه الجهود غير كافية، وهناك حاجة ماسة للعمل على حملات واسعة النطاق، لرفع الوعي الاجتماعي. لكن كل هذا يصطدم بالتصريحات المحافظة لبعض مسؤولي الحكومة، ومنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان قد أكد في وقت سابق أنه لا يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، بل ويرى مهمة المرأة في البقاء بالمنزل والاهتمام بتربية الأطفال، ما أثار موجة غضب واسعة بين الناشطين في هذا المجال.
واحتلت تركيا المرتبة الـ120 بين 136 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2013، متراجعة 15 مرتبة عما كانت عليه عام 2006، في حين أشار تقرير للأمم المتحدة عام 2011 إلى أن معدل العنف المنزلي في تركيا هو ضعف ذلك الموجود في الولايات المتحدة، وأعلى عشر مرات مما كان عليه في بعض البلدان الأوروبية.