يؤمن شباب تونس أنّهم كما أسقطوا الدكتاتورية قبل سبع سنوات، سينجحون في احتجاجاتهم اليوم في إسقاط القوانين التي يرونها ظالمة وغير معبرة عنهم. "العربي الجديد" كانت أمس في قلب التظاهرات حيث رغب عدد من المشاركين في إيصال أصواتهم
بنبرة قوية لا تخلو من تحدٍّ وثقة بالنفس وبصوت مرتفع لا يتوقف عن ترديد عبارات "لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب" و"يا مواطن يا مقموع... زاد الفقر... زاد الجوع"، كانت طالبة الحقوق خلود التواتي (20 عاماً) تصرخ بين المحتجين وسط العاصمة التونسية تنديداً بغلاء الأسعار، والقوانين التي تصفها بالظالمة، ومنها قانون موازنة 2018.
تنحدر خلود من منطقة الكبارية، أحد الأحياء الشعبية المهمشة وسط العاصمة تونس. متقدة بالحيوية والنشاط، بعينيها البراقتين، وشعرها الأسود المنسدل على كتفيها، تقول خلود لـ"العربي الجديد": "نحن أبناء الأحياء الفقيرة والمهمشة. نحن أنجزنا الثورة عام 2011، لكنّنا من أكثر الفئات المتضررة منها. فالكبارية ليست استثناء في التهميش والفقر، على عكس الأحياء الراقية التي شهدت عدة تحسينات. مع ذلك، فالبعض لا يريدنا أن نحتج وندافع عن حقوقنا".
منذ عام 2012 تجوب خلود عشرات المسيرات وتهتف وسط المحتجين. تعتبر التظاهر السلمي حقاً دستورياً وطريقة تمكّن الشباب التونسي من إيصال صوته المقموع. ساعدها في كسب مزيد من الثقة بالنفس انتماؤها إلى "اتحاد الطلبة بتونس" وهي منظمة نقابية جامعية تتولى الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية والبيداغوجية للطلاب في الجامعات التونسية، كما تعمل على الإحاطة بهم وتأطيرهم وتأهيلهم للنضال والانتظام.
ما يحز في نفس خلود أنّ عدداً من أبناء حيها بالكبارية اقتيد إلى السجن على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في العاصمة، من بينهم الشاب أحمد ساسي الذي صدرت في حقه بطاقة إيداع في السجن. تقول خلود إنّ تهمتهم الوحيدة أنّهم أبناء شعب يزداد إفقاره، ويدافعون عن حقوقهم المشروعة، فهم يتظاهرون نهاراً وليسوا دعاة عنف وتخريب.
اقــرأ أيضاً
من جهته، يحتج الشاب كريم بن عربي بطريقة مختلفة إذ يرفع لافتة كبيرة كتب عليها: "لا للإرهاب الاجتماعي... ضد الحرق والنهب والمسّ بهيبة الدولة". كريم الذي غزا الشيب رأسه ويتضح عليه أنّه من الكادحين، ينحدر من منطقة سيدي حسين المهمشة بالعاصمة، أنهكه غلاء المعيشة وأتعبته قساوة الحياة والأعمال الهامشية التي ما فتئ يتولاها بعد عزله من الجيش الوطني إثر مظلمة تعرض لها منذ العهد البائد، لكن لم يجرِ إنصافه بعد الثورة، بحسب تعبيره. يؤكد كريم أنّه يساند أغلب الاحتجاجات التونسية، وتقريباً لا يفوت مسيرة إلا ويشارك فيها، فهو يرى أنّ أغلب احتجاجات الشباب التونسي تعبر عنه وعن واقعهم كفئات مقصية من المجتمع، كما أنّ الشعارات المرفوعة مؤخراً تمثله خصوصاً تلك التي تعلقت بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ما يحول دون تمكن الطبقات الكادحة من الصمود.
يقول كريم: "بحكم انتمائي سابقاً، إلى المؤسسة العسكرية فأنا ضد التخريب والعنف، وضد الأعمال التي تستهدف ممتلكات التونسيين. كلّ تونسي بإمكانه التعبير عن رأيه بسلمية بعيداً عن الشغب والفوضى اللذين لن ينتجا غير الخراب". ومن قلب ساحة الاحتجاجات يهدي كريم إلى المواطنين التونسيين والجيش التونسي أغنية تقول كلماتها: "أنا العزم والوقفة الصامدة وأنا تونس الخالدة، سنرعى علمنا... سنحمي الحدود... لتبقى بلادي بلاد سلام ... يا تونس الخضراء... يا أرض الوفاء".
وسط المحتجين كان بلال، وهو طالب من ولاية بن عروس، يحاول إيصال صوته بالرغم من مرضه وإعاقته، في محاولة منه للتعبير عن وضعه. يتحدث بعينين دامعتين عن عائلته الفقيرة، ووالده المريض، ووالدته التي تعمل في أعمال هامشية لإعالتهم والعناية به بصفة خاصة، مبيناً أنّه يستهلك مواد غذائية خاصة باهظة الثمن بسبب مرضه المزمن في المعدة.
بالكاد كان صوت بلال يصل، لكنّ رسالته واضحة وهي رسالة العديد من المهمشين خصوصاً من فئة الشباب. بالنسبة له، تحدى الوضع الاجتماعي الصعب وتحدى الفقر والإعاقة ليواصل تعليمه الجامعي. ينتقي بلال كلماته جيداً: "على الحكومة أن تستمع إلى أصوات المهمشين والعاطلين عن العمل، نحن ننتفض ضد قانون المالية وضد القانون الذي سيقود إلى انتفاضة جديدة شبيهة بانتفاضة 14 يناير/ كانون الثاني 2011". يضيف بلال أنّ الأمل الوحيد يكمن في الشباب فهم سيقودون إلى التغيير، وهم الأمل والمستقبل وليس من يمسكون الحكم حالياً".
يشير بلال إلى أنّه طالب على أبواب التخرج من الجامعة، لكنّه يعرف أنّه سيواجه البطالة كغيره من الشباب إن لم تبادر الحكومة إلى اعتماد استراتيجية متكاملة لتوظيفهم برؤية واضحة تشمل كلّ المجالات التربوية والثقافية.
بالرغم من الأمطار الغزيرة التي هطلت الجمعة على العاصمة، استمرت الطالبة العشرينية رحمة بن سالم تهتف وتردد "هانا جينا في النهار يا حكومة استعمار" و"الشعب يريد إسقاط الموازنة" كانت تتحدث بحماس تارة وبصوت خفيض طوراً، حاملة ورقة صغيرة صفراء تقول إنّها سترفعها في وجه حكومة يوسف الشاهد تنديداً بغلاء الأسعار وبموازنة 2018.
بملابسها الشبابية وشال صغير على العنق حماية من البرد، تقول رحمة: "ليست المرة الأولى التي أحتج فيها، بل شاركت في العديد من المسيرات منذ عام 2013". بكلّ ثقة في النفس تقدم رحمة هويتها ورقم بطاقة تعريفها وعنوانها في تحدٍّ للسلطة وتضيف: "جئنا بهويات معروفة وبوجوه مكشوفة للتعبير عن رأينا، إذ ليس لدينا ما نخشاه أو نخفيه، فنحن لا نسرق ولا نقوم بأعمال شغب مثلما يزعم البعض، وبالتالي نريد تكذيب حملات التشويه التي طاولت أعضاء حملة "فاش نستناو"، والتي تتكون من حقوقيين وشباب وأساتذة جامعيين وليس من مخربين".
تشدد رحمة على عدم فقدان الشباب الأمل في إيصال أصواتهم، فقد "نجحوا سابقاً في طرد الدكتاتورية من تونس وسينجحون في إسقاط القوانين التي يرونها ظالمة وغير معبرة عن المجتمع وأبناء الشعب التونسي". تعتبر أنّ الشعب اكتفى من الاتهامات الواهية والسياسات الفاشلة التي أوصلت بعض الشباب إلى السرقة ونهب وتخريب بلادهم. تقول إنّ رسالتهم واضحة وهي الاحتجاج السلمي وتكذيب الروايات التي تعتبر الشباب مجرد مخربين. وتقول إنّ على وزارة الداخلية القبض على المخربين وليس على من يحتجون بسلمية ويكتبون شعارات على الجدران.
بنبرة قوية لا تخلو من تحدٍّ وثقة بالنفس وبصوت مرتفع لا يتوقف عن ترديد عبارات "لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب" و"يا مواطن يا مقموع... زاد الفقر... زاد الجوع"، كانت طالبة الحقوق خلود التواتي (20 عاماً) تصرخ بين المحتجين وسط العاصمة التونسية تنديداً بغلاء الأسعار، والقوانين التي تصفها بالظالمة، ومنها قانون موازنة 2018.
تنحدر خلود من منطقة الكبارية، أحد الأحياء الشعبية المهمشة وسط العاصمة تونس. متقدة بالحيوية والنشاط، بعينيها البراقتين، وشعرها الأسود المنسدل على كتفيها، تقول خلود لـ"العربي الجديد": "نحن أبناء الأحياء الفقيرة والمهمشة. نحن أنجزنا الثورة عام 2011، لكنّنا من أكثر الفئات المتضررة منها. فالكبارية ليست استثناء في التهميش والفقر، على عكس الأحياء الراقية التي شهدت عدة تحسينات. مع ذلك، فالبعض لا يريدنا أن نحتج وندافع عن حقوقنا".
منذ عام 2012 تجوب خلود عشرات المسيرات وتهتف وسط المحتجين. تعتبر التظاهر السلمي حقاً دستورياً وطريقة تمكّن الشباب التونسي من إيصال صوته المقموع. ساعدها في كسب مزيد من الثقة بالنفس انتماؤها إلى "اتحاد الطلبة بتونس" وهي منظمة نقابية جامعية تتولى الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية والبيداغوجية للطلاب في الجامعات التونسية، كما تعمل على الإحاطة بهم وتأطيرهم وتأهيلهم للنضال والانتظام.
ما يحز في نفس خلود أنّ عدداً من أبناء حيها بالكبارية اقتيد إلى السجن على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في العاصمة، من بينهم الشاب أحمد ساسي الذي صدرت في حقه بطاقة إيداع في السجن. تقول خلود إنّ تهمتهم الوحيدة أنّهم أبناء شعب يزداد إفقاره، ويدافعون عن حقوقهم المشروعة، فهم يتظاهرون نهاراً وليسوا دعاة عنف وتخريب.
من جهته، يحتج الشاب كريم بن عربي بطريقة مختلفة إذ يرفع لافتة كبيرة كتب عليها: "لا للإرهاب الاجتماعي... ضد الحرق والنهب والمسّ بهيبة الدولة". كريم الذي غزا الشيب رأسه ويتضح عليه أنّه من الكادحين، ينحدر من منطقة سيدي حسين المهمشة بالعاصمة، أنهكه غلاء المعيشة وأتعبته قساوة الحياة والأعمال الهامشية التي ما فتئ يتولاها بعد عزله من الجيش الوطني إثر مظلمة تعرض لها منذ العهد البائد، لكن لم يجرِ إنصافه بعد الثورة، بحسب تعبيره. يؤكد كريم أنّه يساند أغلب الاحتجاجات التونسية، وتقريباً لا يفوت مسيرة إلا ويشارك فيها، فهو يرى أنّ أغلب احتجاجات الشباب التونسي تعبر عنه وعن واقعهم كفئات مقصية من المجتمع، كما أنّ الشعارات المرفوعة مؤخراً تمثله خصوصاً تلك التي تعلقت بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ما يحول دون تمكن الطبقات الكادحة من الصمود.
يقول كريم: "بحكم انتمائي سابقاً، إلى المؤسسة العسكرية فأنا ضد التخريب والعنف، وضد الأعمال التي تستهدف ممتلكات التونسيين. كلّ تونسي بإمكانه التعبير عن رأيه بسلمية بعيداً عن الشغب والفوضى اللذين لن ينتجا غير الخراب". ومن قلب ساحة الاحتجاجات يهدي كريم إلى المواطنين التونسيين والجيش التونسي أغنية تقول كلماتها: "أنا العزم والوقفة الصامدة وأنا تونس الخالدة، سنرعى علمنا... سنحمي الحدود... لتبقى بلادي بلاد سلام ... يا تونس الخضراء... يا أرض الوفاء".
وسط المحتجين كان بلال، وهو طالب من ولاية بن عروس، يحاول إيصال صوته بالرغم من مرضه وإعاقته، في محاولة منه للتعبير عن وضعه. يتحدث بعينين دامعتين عن عائلته الفقيرة، ووالده المريض، ووالدته التي تعمل في أعمال هامشية لإعالتهم والعناية به بصفة خاصة، مبيناً أنّه يستهلك مواد غذائية خاصة باهظة الثمن بسبب مرضه المزمن في المعدة.
بالكاد كان صوت بلال يصل، لكنّ رسالته واضحة وهي رسالة العديد من المهمشين خصوصاً من فئة الشباب. بالنسبة له، تحدى الوضع الاجتماعي الصعب وتحدى الفقر والإعاقة ليواصل تعليمه الجامعي. ينتقي بلال كلماته جيداً: "على الحكومة أن تستمع إلى أصوات المهمشين والعاطلين عن العمل، نحن ننتفض ضد قانون المالية وضد القانون الذي سيقود إلى انتفاضة جديدة شبيهة بانتفاضة 14 يناير/ كانون الثاني 2011". يضيف بلال أنّ الأمل الوحيد يكمن في الشباب فهم سيقودون إلى التغيير، وهم الأمل والمستقبل وليس من يمسكون الحكم حالياً".
يشير بلال إلى أنّه طالب على أبواب التخرج من الجامعة، لكنّه يعرف أنّه سيواجه البطالة كغيره من الشباب إن لم تبادر الحكومة إلى اعتماد استراتيجية متكاملة لتوظيفهم برؤية واضحة تشمل كلّ المجالات التربوية والثقافية.
بالرغم من الأمطار الغزيرة التي هطلت الجمعة على العاصمة، استمرت الطالبة العشرينية رحمة بن سالم تهتف وتردد "هانا جينا في النهار يا حكومة استعمار" و"الشعب يريد إسقاط الموازنة" كانت تتحدث بحماس تارة وبصوت خفيض طوراً، حاملة ورقة صغيرة صفراء تقول إنّها سترفعها في وجه حكومة يوسف الشاهد تنديداً بغلاء الأسعار وبموازنة 2018.
بملابسها الشبابية وشال صغير على العنق حماية من البرد، تقول رحمة: "ليست المرة الأولى التي أحتج فيها، بل شاركت في العديد من المسيرات منذ عام 2013". بكلّ ثقة في النفس تقدم رحمة هويتها ورقم بطاقة تعريفها وعنوانها في تحدٍّ للسلطة وتضيف: "جئنا بهويات معروفة وبوجوه مكشوفة للتعبير عن رأينا، إذ ليس لدينا ما نخشاه أو نخفيه، فنحن لا نسرق ولا نقوم بأعمال شغب مثلما يزعم البعض، وبالتالي نريد تكذيب حملات التشويه التي طاولت أعضاء حملة "فاش نستناو"، والتي تتكون من حقوقيين وشباب وأساتذة جامعيين وليس من مخربين".
تشدد رحمة على عدم فقدان الشباب الأمل في إيصال أصواتهم، فقد "نجحوا سابقاً في طرد الدكتاتورية من تونس وسينجحون في إسقاط القوانين التي يرونها ظالمة وغير معبرة عن المجتمع وأبناء الشعب التونسي". تعتبر أنّ الشعب اكتفى من الاتهامات الواهية والسياسات الفاشلة التي أوصلت بعض الشباب إلى السرقة ونهب وتخريب بلادهم. تقول إنّ رسالتهم واضحة وهي الاحتجاج السلمي وتكذيب الروايات التي تعتبر الشباب مجرد مخربين. وتقول إنّ على وزارة الداخلية القبض على المخربين وليس على من يحتجون بسلمية ويكتبون شعارات على الجدران.