وثيقة مشتركة
سيطلع الوزراء الأوروبيون، خلال اجتماعهم، على مقترح مشترك مقدّم من قبل المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية والأمنية، حول سبل قيام الاتحاد الأوروبي بدور أكثر أهمية للتوصل إلى حل سياسي دائم في سورية في إطار مقررات الأمم المتحدة. وتتطرق الورقة المشتركة إلى الوضع السياسي والأمني والإنساني في سورية مع تحديث للمعلومات عن المساعدات التي يقدّمها الاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة. وتحتوي على تقييم للمخاطر والتهديدات التي يشكّلها استمرار الحرب على المصالح الأساسية للاتحاد الأوروبي والاستقرار الإقليمي والعالمي، مع تحديد مجموعة من الأهداف الواضحة لسياسة الاتحاد الأوروبي في سورية وهي:
- إنهاء الحرب عن طريق الشروع في عملية انتقال تتفاوض عليها أطراف النزاع بدعم من مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية والجهات الدولية والإقليمية الرئيسية.
- دعم عملية انتقال بناءة وشاملة في سورية من خلال دعم وتعزيز المعارضة السياسية وفقاً للقرار 2254 لمجلس الأمن الدولي وإعلان جنيف.
- تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير من خلال دعم منظمات المجتمع المدني السوري.
- دعم عملية المصالحة الوطنية على أساس تعزيز جهود السلام ومكافحة التطرف والطائفية، بما في ذلك اعتماد نهج للعدالة الانتقالية والذي ينبغي أن يدرج المساءلة عن جرائم الحرب.
- إنقاذ الأرواح من خلال الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للسوريين الأكثر ضعفاً وضمان وصول المساعدات في الوقت المناسب وفعاليتها.
- دعم صمود الشعب السوري.
كما يتطرق المقترح أيضاً إلى الكيفية التي يمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها مواصلة تقديم المساعدة إلى أكثر من 13 مليون شخص، والعمل على إرساء الاستقرار في البلاد ودعم إعادة الإعمار بعد التوصل إلى اتفاق والعودة الطوعية للاجئين والنازحين إلى البلد مع احترام كرامتهم للمشاركة في انتقال سياسي ذي مصداقية، كما جاء في الوثيقة.
استراتيجية جديدة؟
وإذا كان من المتوقع أن يعتمد رؤساء الدبلوماسية الأوروبية في اجتماعهم، اليوم، هذه الوثيقة التي أُطلق عليها "نحو دور أكبر للاتحاد الأوروبي في سورية، وتعزيز جهود بناء السلام" وعزم الاتحاد الأوروبي على مواصلة دعمه للدول المجاورة لسورية، خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا، فضلاً عن العراق ومصر، التي أظهرت مرونة في استضافة الملايين من اللاجئين السوريين في السنوات الأخيرة، فإن اللقاء يُعدّ فرصة لتقييم ما أحرز حتى الآن من تقدّم في الملف السوري سياسياً، وذلك لتقييم الاستراتيجية الأوروبية للتعامل مع الملف السوري.
فقرار واشنطن، الذي صرحت به السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بأنّها لم تعد تركز على إسقاط رئيس النظام السوري بشار الأسد، والسعي إلى إيجاد سبل لإنهاء الحرب، جاء ليعيد خلط الأوراق أوروبياً. فعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يدعو إلى رحيل فوري للأسد، إلا أنه يستمر في التأكيد على أنه لا يمكنه أن يجسد مستقبل سورية. أما المعارضة السورية، فتواصل هي أيضاً التأكيد على أنها لن تقبل بأي دور لبشار الأسد في أي مرحلة من المراحل المقبلة.
غير أن تصريح وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت، الجمعة، بعدم التركيز على مصير الأسد للتوصل إلى اتفاق سلام في سورية، اعتبره العديد من المتابعين للشأن الأوروبي كخطوة أولى نحو إمكانية اعتماد التكتل الأوروبي أيضاً لعدم أولوية رحيل الأسد. فالوزير الفرنسي أكد على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل أنه "إذا كنا نريد سلاماً وأمناً دائمين في سورية، فيجب ألا يكون الخيار عسكرياً فقط، بل يجب أن يُطرح أيضاً الخيار السياسي، والخيار السياسي هو التفاوض على عملية انتقالية"، طبقاً للقرار الدولي 2254 الذي تبنّته الأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2015.
ويقول الخبير في الشؤون الأوروبية، كارلوس مارتوس، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يُنتظر أن يعلن الاتحاد الأوروبي في هذا الاجتماع عدم أولوية رحيل بشار الأسد. فالتوترات بين واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية تمنع التصريح بمثل هذا القرار، على الأقل حالياً"، مضيفاً: "لكن هذا لا يعني أن أوروبا تفكر بشكل مغاير. فالمسؤولون الأوروبيون أصبحوا يرددون، بشكل فردي، أن على السوريين اتخاذ القرار بشأن مصير بشار الأسد، وهذا يعني ضمنياً القبول بأي حل تطرحه المفاوضات".
وفي انتظار تغير رسمي في استراتيجية الاتحاد الأوروبي في سورية، سيواصل الاتحاد دوره كمساهم رئيسي في عمليات المساعدة للإنسانية. فمنذ اندلاع النزاع، خصص الاتحاد الأوروبي حوالي 10 مليارات يورو كمساعدات إنسانية للشعب السوري والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين. ويوجد حتى الآن 13.5 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في سورية، بما في ذلك 6.3 ملايين نازح داخل البلد. ويعيش 1.5 مليون سوري في مناطق محاصرة و4.9 ملايين لاجئ في الدول المجاورة لسورية وفي المنطقة بأسرها.