وجّهت إثيوبيا اتهامات رسمية لمصر بالسعي لـ"نسف استقرارها" عبر تقديم الدعم المالي والتدريب لعناصر وصفتها بالإرهابية، مؤكدة أنها تملك أدلة واضحة بهذا الخصوص.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، جيتاتو ردا، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة أديس أبابا، اليوم الإثنين، إن الحكومة "لديها أدلة واضحة تثبت تقديم مصر كافة أشكال الدعم المالي والتدريب للعناصر الإرهابية لنسف استقرار البلاد"، من دون أن يكشف عن ماهية هذه الأدلة.
وأضاف أن "العناصر المناوئة للسلام في إثيوبيا تتلقى دعما ماليا وتدريبا في القاهرة، وقيادات المعارضة المسلحة انتقلت من إريتريا إلى القاهرة لتلقّي الأوامر لزعزعة الاستقرار واستهداف أمن إثيوبيا القومي". ولفت إلى أن "ثمة اعتقادا في مصر بأنه يمكن إيقاف بناء سد النهضة من خلال زعزعة استقرار البلاد".
وأوضح المتحدث باسم الحكومة اتهامات بلاده للحكومة الإريترية بتقديم "دعم مباشر للعناصر الإرهابية التي تنتشر في إقليمي أمهرا (شمال غرب)، وأوروميا (جنوب)"، لافتا إلى أن "إريتريا أرسلت عناصر إرهابية إلى مدينة غندر (شمال) وإقليم عفار (شرق) لنسف استقرار إثيوبيا".
على الطرف الآخر، قال مصدر دبلوماسي مصري "فوجئنا برد الفعل الإثيوبي"، مشيراً إلى أن "القاهرة تستقبل المواطنين الأروموويين كلاجئين سياسيين بإشراف الأمم المتحدة ومكتبها في القاهرة". ولفت إلى أن هناك اجتماعات على مستوى عالٍ من التنسيق بين جهاز المخابرات المصري ووزارة الخارجية لبحث كيفية الرد على الخطوة الإثيوبية".
وعرض التلفزيون الإثيوبي مشاهد قال إنها لاجتماع معارضين من "جبهة تحرير الأورومو"، التي تحظرها سلطات أديس أبابا، عُقد في مصر، بهدف الاتفاق على زعزعة الاستقرار في إثيوبيا".
من جهته قال مصدر سياسي مصري قريب من دوائر صناعة القرار بالقاهرة لـ"العربي الجديد"، إن استخدام فصائل المعارضة في الصراع السياسي بين البلدين كان الطريقة التي يتبعها رئيس جهاز المخابرات الأسبق عمر سليمان في إطار إدارته لملف سد النهضة قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. واستغلت أديس أبابا، بحسب المصدر، انشغال القاهرة بأوضاعها الداخلية والاضطرابات السياسية وقتها وسعت لبناء السد بمواصفات أكبر، وفرض الأمر الواقع على القاهرة. وأضاف أن "القاهرة ربما تكون أبدت استسلاما في البداية، لكن نظرا لسعي النظام المصري لتحقيق إنجاز على المستوى السياسي يدعم موقفه الداخلي به في ظل ما يعانيه من أزمة شرعية.
وكان "العربي الجديد"، قد انفرد في مارس/آذار الماضي، في خبر احتضان القاهرة لزعيمة جبهة "تحرير الأورومو"، أومجيتا شارو، التي تقود المتمردين الإثيوبيين، آتية من العاصمة الإيرترية أسمرا.
ووفقا لمصادر سياسية مصرية تحدثت لـ"العربي الجديد" وقتها، فإن "أجهزة سيادية مصرية تدخلت في اللحظات الأخيرة لإنقاذ زعيمة المتمردين الإثيوبيين من عملية تصفية على أيدي النظام الحاكم في إثيوبيا حالياً، خلال وجودها على الأراضي الإريترية. ولفتت إلى أنه تم الاتفاق على انتقالها للقاهرة لتكون ورقة في يد السلطات المصرية في إطار الصراع الدائر بين القاهرة وأديس أبابا بسبب قضية سد النهضة".
وأشارت المصادر السياسية إلى أن أجهزة سيادية مصرية بدأت تضغط على أديس أبابا من خلال مشاكلها الداخلية المتعلقة بحقوق ما يسمى بطائفة الأورومو، إذ استقبلت قاعة مؤتمرات الأزهر في مدينة نصر، في مارس/آذار الماضي، مؤتمراً حاشداً لأبناء الطائفة الذين جاءوا من إثيوبيا وإريتريا، ومناطق أخرى، لبحث وتحديد إجراءاتهم خلال الفترة المقبلة. وأكدت أن زعماء الطائفة اتفقوا مع الجانب المصري على توفير إقامة دائمة لهم في مصر، نظراً لملاحقة معظمهم من جانب الحكومة الإثيوبية.
ويشكّل شعب الأورومو أحد أكبر المجموعات العرقية في إثيوبيا، بحوالي 34.49 في المائة من عدد السكان، وفقاً لتعداد عام 2007 في إثيوبيا. ويطالب قطاع من الأوروميين، نسبة إلى إقليم أوروميا، بحق تقرير المصير. وتقود جبهة تحرير الأورومو "النضال" لمواجهة حكومة أديس أبابا، وتستخدم السلاح، والضغوط السياسية، والحملات الإعلامية من الخارج في مواجهة النظام الحاكم في إثيوبيا، لكن أديس أبابا تلجأ إلى القمع تارة، وإلى الوعود بالتنمية تارة أخرى لامتصاص الغضب الشعبي.