اجتماعات اللجنة المشتركة بجنيف... سحب البساط العسكري تمهيداً لحل سياسي بليبيا؟

04 فبراير 2020
حفتر عازم على استئناف القتال (Getty)
+ الخط -
أعلنت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، أمس الاثنين، عن بدء أعمال اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف، من دون تفاصيل أخرى بشأن هوية الضباط الممثلين لكلا الطرفين: حكومة "الوفاق" وقيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أو الأولويات والقضايا التي ستبحثها اللجنة، في وقت اعتبرت أوساط ليبية أنّ اللجنة سحبت البساط من تحت أرجل حفتر وخصومه، وأنها نقطة بداية نهاية وجود قادة الطرفين في المشهد.
وجاء إعلان البعثة عن بدء أعمال اللجنة العسكرية، بعد أقل من 24 ساعة على لقاء رئيسها غسان سلامة بحفتر في بنغازي، الذي أعقبه إعلان مقتضب، أكدت فيه خضوع حفتر لترتيبات جنيف، بالإضافة لتناول لقائهما المسارَين السياسي والاقتصادي.
وبينما أشار دبلوماسي رفيع مقرب من حكومة "الوفاق" إلى وجود تكتم كبير من قبل البعثة بشأن الجلسات، التي بدأت أمس الإثنين في جنيف، وأن أياً من العسكريين الممثلين لحكومة "الوفاق" لم يتواصلوا حتى الآن مع طرابلس، شدد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في كلمة نقلها المكتب الإعلامي للمجلس، على "ضرورة تصحيح المسار العسكري والأمني، من خلال لجنة 5+5 المنعقدة في جنيف، قبل المضي في المسار السياسي"، مؤكداً أن مخرجات المسار العسكري ستنبني عليها "نوعية المشاركة في الحوار السياسي".
وبينما لم يوضح المشري كيفية "تصحيح المسارين العسكري والأمني" من خلال اللجنة العسكرية المجتمعة في جنيف، تؤكد مصادر متطابقة على صلة بطرفي الصراع، وجود مخاوف لديهما بشأن إمكانية فرض المجتمع الدولي نتائج غير مرغوب فيها للطرفين من خلال اللجنة العسكرية، على رأسها مخاوف من جانب حفتر، تتمثل في تكليف الأمم المتحدة للجنة العسكرية لرئاسة المؤسسة العسكرية، وبدء اقتراح هياكل جديدة بهدف توحيدها، ولا سيما أنّ توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية من الصلاحيات التي منحها اتفاق برلين المعلَن عنه، في 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم، للجنة.
وتتألف اللجنة العسكرية من خمسة من كبار الضباط عن كلّ من طرفَي النزاع، وتُكلَّف بتحديد شروط وقف إطلاق نار مستدام، والانسحاب من المواقع العسكرية في مناطق التوتر والقتال، قبل المضي في مهامها الأخرى، وعلى رأسها بحث توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد.
وتعهد قادة 16 دولة ومنظمة شاركت في مؤتمر برلين، في 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم، بالعمل على تنفيذ مخرجات المؤتمر المتمثلة في وقف التدخل في ليبيا، واحترام حظر إرسال الأسلحة إليها للمساهمة في إنهاء الحرب الأهلية الليبية.

سحب البساط العسكري
لكن المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، يذهب إلى أنّ المجتمع الدولي يسعى لسحب البساط من تحت أرجل كلّ من في المشهد الحالي، وإفراز قادة جدد للمشهد المقبل، مفصّلاً رأيه، لـ"العربي الجديد"، بالقول إنّ "المشكلة التي يطمح لحلّها المجتمع الدولي ليست في المؤسسة العسكرية، بل في الهيمنة على قرارها، واحتكار قيادتها، سواء من قبل حفتر أو من قبل قادة مجموعات مسلحة موالية لحكومة الوفاق تأبى إلا البقاء في المشهد، ولذا سيكون من أهم سبل حلّ مشكلة السلاح إزاحة من يحاول احتكار قراره لصالحه"، مضيفاً أنّ "شخصيات مثل حفتر وقيادات عسكرية تعمل بشكل مليشياوي في غرب البلاد، تمثل العرقلة الأساسية لأي مشروع للتسوية".
ويشرح ذويب "قادة البرلمان ومجلس الدولة باتوا يمثلون واجهة سياسية للأطراف المسلحة المتشبثة برأيها ومراكزها، ولذا فمن المرجح بشكل كبير أن يكون المسار السياسي يستهدف وجودهما، وأن اللجنة السياسية ستختطف صلاحيات كلا المجلسين"، مشيراً إلى أنّ المسار الاقتصادي يذهب في الاتجاه ذاته، لعزل المتشبثين بكراسيهم في المؤسسات السيادية الاقتصادية، والذين باتوا أذرعاً سياسية لأطراف النزاع".

التصريحات التي تلت انتهاء الجلسة التي عقدها أعضاء مجلس النواب الموالين لحفتر في بنغازي، مساء أمس الإثنين، تشير إلى هذا الرأي، خصوصاً تصريحات عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، لقناة "218" الليبية، الممولة من الإمارات، ليلة البارحة، والتي أكد فيها أنّ "النائب الثاني بمجلس النواب احميد حومة ذكر في إحاطته لجلسة النواب، اليوم، أن نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا ستيفاني وليامز عرضت أن تكون اللجنة المكلفة للتشاور في جنيف بديلة عن مجلس النواب"، وعلى الرغم من تأكيد الدرسي رفض النواب لهذا المقترح الذي أكد أنه "أثار تخوفات أعضاء البرلمان"، إلا أن أحد النواب المشاركين في الجلسة أكد أن المقترح لم يُجمع النواب على رفضه.
وقال النائب الذي طلب عدم التعريف باسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "قطاعاً كبيراً من النواب بات على قناعة بأن المجلس لم يعد يؤدي دوره، وحتى عدد النواب الداعمين لحفتر علناً، باتوا في تناقص، بسبب ما يتسرب من حديث عن وجود خلافات بين ضباط موالين لحفتر، بشأن رفضهم للمشاركة في محادثات جنيف ووقف إطلاق النار".
ويؤكد البرلماني المقرب من حفتر أن "الأخير عازم على استئناف القتال، على الرغم من كل الضغوط التي مورست عليه للموافقة على وقف إطلاق النار"، لافتاً إلى أنه أعاد ترتيب غرفة عمليات مدينة الزاوية (30 كيلومتراً غرب طرابلس)، وكلّف ضابطاً يُدعى عبد الله الهمالي آمراً جديداً لها، ليكون قائداً لقوات المحور القتالي الجديد الذي يعتزم حفتر فتحه في المناطق المتاخمة لطرابلس غرباً.
مماطلة حفتر
وكان المتحدث باسم قيادة قوات حفتر أحمد المسماري قد أكد، في العديد من المناسبات، أنّ المشاركة في اللقاءات الدولية "ليست للبحث عن حلّ، فنحن مقتنعون تماماً بأن الحل في البندقية ومخزن الذخيرة"، بل إنه قال في تصريحات أثناء انعقاد مؤتمر برلين، إن "معركة طرابلس لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها وتحرير العاصمة من هيمنة المليشيات"، حسب قوله.
وهو ما يؤكده الباحث الليبي في الشؤون السياسية بلقاسم كشادة، بالقول إن "هدف حفتر من إرسال ممثليه إلى جنيف هو المماطلة، وقد تكون هناك أهداف من رعاة حوار جنيف لمحاصرة حفتر بنتائج اللجنة العسكرية، وخصوصاً أنه من اختار ممثليه فيها"، لكنه يشدد على أن مسار تعامل حفتر مع كل التسويات والمبادرات الدولية يتجه في النهاية لرفض نتائجها.
ويرى كشادة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر يعاني من أصوات رافضة للاستمرار في الحرب داخل معسكر حلفائه، ولا سيما القاهرة، التي تبدو ميالة للحلّ السياسي، واستضافتها لمسار الحوار الاقتصادي دليل على ذلك، وبالتالي فإنّ قبوله بذهاب ممثليه إلى جنيف سعي لعدم إحراجهم، فيما يُعدّ قواته ويجهزها لانتهاز أي فرصة للعودة للقتال، وحتى لا يظهر للمجتمع الدولي أنه معارض لأي تسوية سلمية".
المساهمون