اتهمت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، اليوم الثلاثاء، السلطات العراقية باستخدام "القوة المفرطة" ضد "متظاهرين سلميين"، ما أسقط أكثر من 400 قتيل وما يزيد عن 19 ألف مصاب، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق، في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في حين نفى السفير العراقي للأمم المتحدة في نيويورك، محمد حسين بحر العلوم، أن تكون القوات الأمنية العراقية مسؤولة عن مقتل وجرح المدنيين العراقيين.
واستمع مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة حول "الحالة في العراق"، إلى مداخلات سفراء عدد من الدول، كما استمع إلى مداخلة السفير العراقي، بالإضافة إلى مداخلة مطران الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في أربيل، المطران بشار وردة.
وقالت جينين هينيس-بلاسخارت، في إفادة لأعضاء المجلس عبر دائرة تلفزيونية من بغداد، إن السلطات المعنية في بغداد "تستخدم القوة المفرطة ضد متظاهرين سلميين خرجوا للمطالبة بحياة أفضل لبلدهم".
وتابعت أن "المتظاهرين في العراق، الذين يطالبون بالحرية والمساواة، يدفعون ثمناً باهظاً وإن مسؤولية حمايتهم تقع على عاتق الدولة العراقية. وأكدت أنه ومنذ بداية الاحتجاجات قتل 400 عراقي وجرح 19 ألفاً آخرين.
وأضافت هينيس-بلاسخارت أنّ "الحكومة العراقية راجعت، بعد الموجة الأولى من الاحتجاجات، قواعد الاشتباك لتقليل استخدام القوة المميتة. ولكن على الرغم من ذلك فإن الممارسات على أرض الواقع تشير إلى أنه لم يتم التخلي عن استخدام الرصاص الحي وأنه يتم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل يؤدي إلى إصابات ووفاة عدد من المتظاهرين".
وتابعت أن "الاعتقالات والاحتجازات غير القانونية وعمليات الاختطاف والتهديد والترهيب مستمرة والأحداث الأخيرة في الناصرية والنجف خير دليل على ذلك".
وأكدت كذلك أن "إغلاق وسائل إعلامية، وقطع شبكة الإنترنت، وحجب وسائل التواصل الاجتماعي تترك الانطباع العام بأن السلطات المسؤولة لديها ما تخفيه".
وتطرقت إلى حزمة الإصلاحات التي أعلنت عنها السلطات العراقية قائلة "إن حزمة الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة العراقية والمتعلقة بإصلاحات اقتصادية وفي مجال التعليم والسكن والبطالة وغيرها استقبلت على أنها إما غير كافية أو غير واقعية أو قليلة".
وحول تحقيقات الحكومة في مقتل المحتجين بداية أكتوبر/ تشرين الأول طرحت أسئلة عدّة في هذا السياق قائلة: "من الذي يغلق وسائل الإعلام؟ من يقتل المتظاهرين السلميين؟ من يختطف الناشطين المدنيين؟ من هم هؤلاء الرجال الملثمون والقناصة مجهولو الهوية والمسلحون غير المعروفين؟".
وشددت على ضرورة العمل على تحقيق مطالب المتظاهرين، مشيرة إلى أن محاربة الفساد ستكون مفتاحاً لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه البلد.
Twitter Post
|
وحول التظاهرات قالت "لا توجد قيادة مركزية لحركة الاحتجاجات، ولكن نعتقد أن نوعاً من النظام والتنسيق من جهة المتظاهرين السلميين ستكون له أهمية كذلك".
العراق يعترف بمقتل 300 شخص
في المقابل، نفى السفير العراقي للأمم المتحدة في نيويورك، محمد حسين بحر العلوم، أن تكون القوات الأمنية العراقية مسؤولة عن مقتل وجرح المدنيين العراقيين، محملاً مسؤولية ذلك لما سماه بـ"جماعات من الخارجين عن القانون".
وجاءت أقوال بحر العلوم، اليوم الثلاثاء، خلال مداخلة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الذي عقد اجتماعاً لمناقشة تقرير الأمم المتحدة بشأن بعثة مساعدة العراق (يونامي).
وقال السفير العراقي إنه "لا يعكر صفو التظاهرات الشعبية في بغداد والمدن الجنوبية سوى وقوع ضحايا في صفوف المتظاهرين والقوى الأمنية بسبب تعرض جماعات من الخارجين عن القانون للمتظاهرين والقوى الأمنية"، واصفاً التظاهرات بأنها "حق مشروع" يكفله الدستور العراقي.
وأكّد في هذا الصدد أن بلاده ستعمل على تلبية مطالب المتظاهرين كافة، وخاصة تلك المتعلقة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وفي حين أشار بحر العلوم إلى وقوع 300 قتيل و1500 جريح منذ اندلاع الاحتجاجات قبل شهرين، بخلاف تقرير ممثلة الأمين العام للأمم لمتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، التي أشارت إلى مقتل 400 شخص وجرح أكثر من 19 ألف عراقي.
وتعليقاً على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، قال السفير العراقي "نؤكد أن موقف الحكومة العراقية كان اتباع الطرق الدستورية في التعامل مع المتظاهرين وعدم التعرض لهم وحمايتهم، إذ ما زالت التعليمات مشددة بعدم استخدام الرصاص الحي أو أي أسلحة قاتلة".
وأضاف أنّ "القوات الأمنية لا تقوم بأي أعمال عرضية أو هجومية بل تقف موقف الدفاع أمام هجمات الخارجين عن القانون المندسين بين المتظاهرين"، مشيراً إلى "تشكيل لجان خاصة بإجراء تحقيقات لمحاسبة المقصرين، وتحديد الجهات التي استهدفت المتظاهرين".
وادعى السفير العراقي أن حكومة بلاده قامت بقطع الإنترنت "حفاظاً على حقوق المجموع مرغمة أحياناً لتقييده عندما ترى أنه يستخدم للترويج للعنف والكراهية وتعطيل الحياة العامة".
الشباب يقود التظاهرات
من جهته، قال المطران وردة "إن الاحتجاجات في العراق أظهرت رفض أغلبية العراقيين للنظام السياسي والحكومة التي شُكلت بعد عام 2003. إن هذا الرفض يعني رفضاً للدستور المبني على أسس طائفية والذي قسّم العراق".
وحول التظاهرات قال "من المثير أن الشباب هم من يقودون الاحتجاجات ويريدون عراقاً دون تدخل خارجي وأن يكون فيه مكان لجميع العراقيين، بحيث يمكنهم العيش سوياً كمواطنين متساوين واحترام للجميع".
وتحدّث عن أن المسيحيين العراقيين وأقليات أخرى في العراق يدعمون التظاهرات وهم جزء منها.
وعبّر عن أمله أن يكون هذا نهاية لما سماه بمرض الطائفية الذي دمّر الجميع في العراق.
وقال إنه من الضروري ألا يتجاهل المجتمع الدولي سلمية الاحتجاجات، واصفاً المتظاهرين بـ"الشجعان الذين التزموا منذ بداية الاحتجاجات بسلمتيها على الرغم من ممارسة العنف ضدهم وبشكل مستمر".