تتعرض شركة اتحاد الخليج للاتصالات "موبايلي"، إلى مأزق مالي وقانوني، يكاد يعصف بثاني أكبر مشغل للهواتف النقالة في السعودية، ويعرّض مسؤوليها لاتهامات بالفساد والتربح غير المشروع.
وفتحت هيئة سوق المال في السعودية، تحقيقاً رسمياً في تجاوزات مالية كبيرة في "موبايلي"،
وبيع رئيس مجلس إدارتها السابق أكثر من عشرة ملايين سهم كان يملكها، قبل الإفصاح عن تكبد الشركة خسائر كبيرة تتجاوز 930 مليون ريال (248 مليون دولار) عن عام 2014، بعد أيام قليلة من تأكيد الشركة تحقيق أرباح بنحو 220 مليون ريال (58.6 مليون دولار) في تضارب للبيانات المالية الصادرة عن الشركة.
وكلفت هيئة سوق المال قبل يومين فريقاً من المختصين بفحص القوائم المالية للشركة وجميع الوثائق ذات العلاقة، بعد نحو أسبوع من إيقاف التعامل على سهم موبايلي في البورصة، بعد أن خسر أكثر من 70% من قيمته السوقية منذ إعلان الشركة وجود أخطاء في قوائمها المالية.
وقال محللون ماليون إن مجلس إدارة الشركة قد يواجه اتهامات بالتربح والإضرار بالمستثمرين، خاصة أن ديون الشركة تتجاوز 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار). وأكد المتحدث الرسمي في هيئة السوق المالية، عبدالله القحطاني، في تصريحات صحافية أمس، تلقي الهيئة أكثر من مائة شكوى من مستثمرين ضد "موبايلي".
وأطلقت "موبايلي" خدماتها تجارياً في 25 مايو/أيار 2005، وتمتلك مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات) نحو 27.45% من أسهمها، فيما تستحوذ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية على 11.85%، وآخرون على نسبة 60.7%.
وحسب محللين فقد شهدت القوائم المالية للشركة تغيرات مفاجئة خلال العامين الماضيين، مشيرين إلى أن مشكلتها بدأت عندما احتسبت برنامج مكافآت للعملاء باسم "نقاطي" على أنه مبيعات للشركة، وليس هدايا تحفيزية للاستهلاك.
وبرنامج "نقاطي" الخاص بالمشتركين بنظام الفواتير، يتعلق بجمع العملاء نقاطاً عن استخدام الخدمات، واستبدالها بمكافآت يختارونها من منتجات وخدمات الشركة أو موزعيها.
وتسبب احتساب البرنامج في النتائج المالية للشركة بخسائر كبيرة، عندما اتضح أنه ليس مبيعات لها، ما أدى إلى تراجع حاد لسعر السهم، خلال الربع الأخير من العام الماضي من مستويات 90 ريالاً (24 دولاراً)، لأقل من 40 ريالاً (10.6 دولارات)، لتفقد الشركة بريقها، بعد أن كانت في مصاف أفضل الشركات من حيث الربحية والنمو، وفق المحللين الماليين.
وما زاد من صعوبة موقف مجلس إدارة الشركة أن تقرير مجلس الإدارة الصادر مؤخراً، أظهر تراجع ملكية رئيس مجلس إدارة الشركة السابق عبدالعزيز الصغير إلى 5.5 ملايين سهم بنهاية عام 2014، بعد أن كانت تتجاوز 15 مليون سهم بنهاية 2013، الأمر الذي يشير إلى استفادته من معلومات داخلية حول خسائر الشركة التي تم التكتم عليها وعدم الإفصاح عنها إلا بعد بيع هذه الكمية الضخمة من الأسهم في السوق.
إجراءات رادعة
وقال المحلل المالي محمد العنقري، لـ "العربي الجديد"، إن ما حدث تسبب بصدمة كبيرة في
سوق الأسهم، وللمتعاملين فيه، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من تسبب في المشكلة حفاظًا على حقوق المساهمين.
وإثر إعلان "موبايلي" عن خسائرها الضخمة في فبراير/شباط الماضي، بعد شهر واحد من تأكيدها تحقيق أرباح، أعلنت الشركة في 24 فبراير/شباط، استقالة رئيس مجلس الإدارة عبد العزيز الصغير من منصبه، مبررة ذلك بظروفه الصحية مع بقاء عضويته في مجلس الإدارة، فيما تم تعيين محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، سليمان بن عبد الرحمن القويز، رئيساً لمجلس الإدارة.
وقال المحلل المالي، ماجد العمري، لـ "العربي الجديد"، إنه "إذا ثبت أن أعضاء في مجلس إدارة الشركة باعوا أسهمهم بعد اطلاعهم على التقارير المالية الخاصة بالشركة، فهذا يعني أن هيئة سوق المال ستكون أمام قضية مكتملة العناصر، فهناك تضليل للمساهمين وتضخيم للقوائم المالية". وحسب بيان لهيئة سوق المال، فإن الهيئة قامت بالتحقق فيما إذا كان الخلل في القوائم المالية يرقى إلى مستوى المخالفات التي تضمنتها لوائح وأنظمة الهيئة.
وتتعلق المادتان 49 و50 من لوائح الهيئة في الفصل الثامن، بالاحتيال والتداول بناء على معلومات داخلية، والتربح من وراء معلومات داخلية سرية.
وحسب مصادر مسؤولة، فإن المادة 49 تنص على التحقق من عمليات التداول التي يكون فيها غش وتدليس والتأثير على حركة سعر السهم، وهو ما يعني أن الهيئة ستراجع عمليات التداول على السهم، قبل ظهور المشكلة بأكثر من 12 شهراً على الأقل، لكشف أي تأثيرات حدثت وأدت إلى ارتفاعه أو انخفاضه، وكذلك طرق بيع وشراء السهم التي تمت، وما إذا كانت تحمل أي مخالفات أدت إلى إعطاء صورة مضللة عن التداولات.
أما المادة 50 فهي تختص بمعرفة من استفاد من أي معلومات داخلية في الشركة لم تعلن للعموم، وتحمل تأثيراً جوهرياً على سعر السهم، وهو ما يعني أن الهيئة ستكتشف من باع أو اشترى بناء على معلومات داخلية، سواء كان له ارتباط عمل أو علاقة تعاقدية مع الشركة أو قرابة مع أحد العاملين فيها.
ضعف الثقة
وأكد المحلل المالي، حبشي الشمري، أن وضع الشركة المتردي بات ينعكس على السوق المالية السعودية بشكل عام، وهو يهدد الثقة التي تعاني أساساً من الضعف. وقال الشمري إن "الوضع الحالي في موبايلي لم يعد يرتبط بالمستثمرين والمساهمين في الشركة فقط، بل بالسوق بشكل عام. هناك مستثمرون في الخارج يتابعون عن كثب الوضع العام للسوق والشركات المدرجة وخاصة شركة بحجم موبايلي".
وتابع أن "موبايلي أساءت للكل بطريقتها في معالجة القيود المحاسبية، وعليه لا بد من إجراء
قانوني حاسم يضع نظاما يفرض على الشركات والعاملين بها التقيد بالأنظمة وعدم التلاعب بها، وينبغي على الجهات الرقابية عدم إعادة السهم إلى التداول، إلا بعد إظهار كل ما يهم المستثمرين والمتعاملين".
وبحسب بيان هيئة السوق المالية، فإن تعليق تداولات سهم "موبايلي" مستمر حتى تفصح الشركة عن تفاصيل الأسباب التي أدت إلى تحقيق الخسارة المعلنة عن 2014، بعد تأكيد تسجيل أرباح عن نفس الفترة.
ووفق موقع السوق المالية، فإن مجلس إدارة الشركة تنتهي دورته الحالية مطلع عام 2018، إلا أن التحقيقات الجارية حول قضية القوائم المالية، قد تنبئ عن بعض المستجدات خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بحسب المحللين.
اقرأ أيضاً: موبايلي السعودية تسرح موظفين والمصارف ترفض التعامل معها