ويطرح الاتفاق الذي أعلن، أمس الخميس، في مؤتمر صحافي مشترك في فيينا، ونُشرت تفاصيله اليوم الجمعة، "مدخلا للتمهيد لسياسة هجرة أوروبية مشتركة، بعد انقسامات مستمرة لثلاثة أعوام، تقوم على ردع قدومهم إلى أوروبا".
ويشمل الاتفاق النمساوي الدنماركي التأسيس لما يسمى "وحدات حماية (لجوء) متنقلة"، من خلال موظفين وخبراء من أوروبا في مجال طلبات اللجوء والهجرة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للاجئين ومكتب الاتحاد الأوروبي للجوء، وذلك "لتحديد الطلبات والتحقق من اللاجئين المتقدمين في مناطق الأزمات وحاجاتهم للحماية خارج بلد اللجوء (في دول جوار الأزمات، كأفريقيا والشرق الأوسط)".
ووفقاً لهذا الاتفاق، فإنه "ستوكل إلى وحدات دراسة الطلبات المتنقلة عملية نقل من يستحق الحماية، بعد البتّ في طلبه بطريقة آمنة إلى الأراضي الأوروبية". وتعتبر تلك النقطة محاولة لما يقول عنه الدنماركيون والنمساويون "وقف المعمول به اليوم بقدوم اللاجئين عبر طرق متعددة بأنفسهم إلى الأراضي الأوروبية".
ويذهب وزير الداخلية النمساوي، هربرت كيكل، إلى اقتراح عمل بعض وحدات متنقلة "فوق سفن، بدلا من ترك الناس تخاطر بحرا للوصول بنفسها، وفي ذات الوقت سيمنح النظام الجديد الاتحاد الأوروبي أدوات أفضل للتحكم بمن وكم سيستقبل".
ويشمل هذا الاتفاق المبدئي 7 نقاط أساسية أعلن عنها اليوم بشكل عام، وتشمل "مساعدة اللاجئين الأكثر ضعفا وحاجة للحماية، والمساعدة على خلق ظروف في دول المنشأ تحد من رغبة الناس في الهجرة إلى أوروبا، والحد من حالات الوفاة والمآسي في رحلات اللجوء عبر البحر الأبيض المتوسط، وتدمير تجارة مهربي البشر، وتأمين مغادرة كل من يقيم بشكل غير قانوني على أراضي الاتحاد، وخلق مسؤوليات مشتركة في التوزيع بهدف حماية فعالة للاجئين للحد من الهجرة غير النظامية، وأخيرا عرض إعادة توطين أولئك الأكثر حاجة للحماية بدل تركهم للاختيار بأنفسهم طرق التهريب".
ومن بين القضايا التي يطمح الجانبان إلى تبنيها كسياسة أوروبية مشتركة "لوقف حالة الفوضى التي شهدناها في 2015، بوصف وزير الداخلية النمساوي من اليمين المتشدد من حزب "الشعب النمساوي"، وقف عمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، وانتهاج "سياسة منع تهريب البشر من دول في شمال القارة الأفريقية، وإن جرى التقاط هؤلاء عن قوارب تغرق فلا يجب أخذهم إلى البر الأوروبي، بل يجب إعادتهم إلى منصات في دول يتفق معها لدراسة طلباتهم عبر الوحدات الأوروبية المتنقلة، التي تمنحهم فرصة التقدم بطلب الحماية".
وحول تلك الفئة التي تصل بنفسها إلى الأراضي الأوروبية، يرى الاتفاق أنه "يجب عندها دراسة طلباتهم على الحدود، بحيث لا يختفون في القارة الأوروبية إذا ما حصلوا على رفض اللجوء"، بحسب الوزيرين، اللذين أكدا على "إنهاء العمل باتفاق إلزام الدول الأوروبية بتوزيع مسؤولية استقبال حصص من اللاجئين".
وتعرّض الاتفاق المعلن لانتقادات اليمين المتشدد، اليوم الجمعة، في كوبنهاغن. فقد اعتبر حزب الشعب الدنماركي أنه بمثابة "حافلات لجوء". ووفقا لما يقول مقرر شؤون الهجرة في البرلمان عن الحزب، مارتن هينركسن، "يبدو لي وكأنه اتفاق يقترح إرسال أوروبا باصات (حافلات) تجوب أفريقيا لدعوة الناس إلى ركوبها وعرض اللجوء عليهم".
ويعتبر اليمين المتشدد، الداعي إلى وقف تام لاستقبال أي لاجئ، أن "الوحدات المتنقلة قرب مناطق النزاعات ستحمل مخاطر جذب الراغبين في الهجرة بتقديم طلبات لجوء". ويعرض هذا الحزب المتشدد في كوبنهاغن موقفه بوضوح على لسان هنريكسن "نحن نريد وقفا تاما للجوء إلى الدنمارك، ندعم الحكومة (يمين وسط مدعومة بقاعدة هذا الحزب البرلمانية) لإقامة مراكز ترحيل وليس تسهيل اللجوء إلى أوروبا".
ويأمل الجانبان النمساوي والدنماركي بالتوصل الأوروبي إلى "سياسة تضامنية مشتركة لمساعدة دول المنشأ مالياً لإقامة مشاريع تنموية، ودعم دول الاستقبال في الجوار، حال بقاء هؤلاء اللاجئين فيها، للحد من رغبة الناس في الهجرة نحو أوروبا".
واعتبرت وزيرة هجرة الدنمارك أن "التعاون مع دول القارة الأفريقية أمر هام". وكان رئيس وزراء الدنمارك، مثله مثل بعض قادة الاتحاد الأوروبي، من بينهم مستشار النمسا، سبتسيان كورتز، ورئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، أكدوا على "الرغبة في التعاون مع الجانب المصري لتحقيق حراسة أفضل للبحر المتوسط". وكشف، اليوم، لصحيفة دنماركية، يولاندس بوستن، عن توجه أوروبي لتوسيع التعاون مع الجيش المصري للقيام بدوريات حراسة بحرية قبالة شواطئ ليبيا، بالتنويه بحجم مشتريات مصر من أدوات مراقبة بحرية وبرية بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار من دول أوروبية وغيرها.
وبالرغم من انتقاد منظمات حقوقية أوروبية ودولية، من بينها أمنستي وهيومن رايتس ووتش، للتوجه الأوروبي الجديد للتعاون مع ما تسميه تلك المنظمات "نظام أكبر سجن في الهواء الطلق"، يؤكد رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكا راسموسن، أن "التعاون مع نظام السيسي، رغم ما يحمله من مخاطر، أمر ضروري بالنظر إلى مصالح مواطني أوروبا، رغم خرق ذلك للقيم الأوروبية".