وقال المركزي التونسي إنه سيتوجه إلى المصارف بتعليماته لتسهيل عمليات التحويل المسموح إجراؤها في تصدير واستيراد السلع، بغاية دفع المعاملات الاقتصادية بين البلدين عبر القنوات المنظمة.
وتأتي قرارات المركزي التونسي عقب مشاورات ثنائية بين محافظي المصرفين المركزيين في كل من تونس وليبيا تقرر على إثرها اتخاذ إجراءات جديدة لإعطاء دفع للمبادلات التجارية بين البلدين والارتقاء بها إلى المستويات المأمولة.
وكان مصرف ليبيا المركزي قد أعطى منذ 25 إبريل/ نيسان الماضي تعليماته للمصارف الليبية بخصوص السماح بفتح الاعتمادات المستندية أو غيرها من عمليات التحويل المسموح بإجرائها لاستيراد السلع والخدمات من تونس بالدينار التونسي في إطار اتفاقية الدفع الثنائية الموحدة لدول اتحاد المغرب العربي أو بأي عملة أخرى مقبولة لدى البنوك المركزية للبلدين (يورو، دولار...)، حسب طلب المتعاملين، شرط أن تكون البضاعة أو الخدمة ذات منشأ تونسي.
ويندرج التبادل التجاري بين تونس وليبيا في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحر الموقعة بينهما عام 2001، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2002، وتمنح العديد من الامتيازات للمستثمرين والموردين والمصدرين من البلدين.
كما يرتبط البلدان باتفاقية تسيير وتنمية المبادلات التجارية بين الدول العربية والبرنامج التنفيذي لإرساء منطقة تجارة حرة عربية، والتي تنص على تحرير السلع المتبادلة، وفقا لمبدأ التحرير التدريجي الذي بدأ تطبيقه.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال المكلف بإدارة الاعتمادات بمصرف شمال أفريقيا الدولي (مصرف ليبي غير مقيم ينشط في تونس)، مهدي الجديدي، إن فتح الاعتمادات المستندية لشركات ليبية غير مقيمة في تونس كانت تطرح إشكالاً في السنتين الماضيتين باعتبار أن المركزي التونسي لا يسمح إلا باعتماد الدينار التونسي، مؤكدا أن الشركات التي ليس لها حسابات بالدينار كانت تواجه صعوبات في إجراء التحويلات وخلاص المزودين، ما تسبب في تراجع كبير في العمليات التجارية.
وأضاف المسؤول المصرفي أن فتح الاعتمادات المستندية بالدينار أو العملات المتداولة في البلدين سيسمح بتسهيل العمليات التجارية في إطار اتفاقية بلدان المغرب العربي، خاصة بعد تجاوز الاقتصاد الليبي لأزمة السيولة وبداية تعافيه وفق المؤشرات الدولية بحسب قوله.
وفي الآونة الأخيرة كثف رجال الأعمال من الجانبين الضغوط على السلطات المالية في كل من تونس وليبيا لتسهيل فتح الاعتمادات المستندية في المصارف، بعد أن شددت المصارف التونسية المراقبة على العمليات التجارية والمالية مع ليبيا خوفا من تبييض الأموال.
ويسعى رجال الأعمال إلى إنشاء تكتلات من أجل حلحلة الصعوبات التي تحول دون عودة تونس إلى موقعها المتقدم في تزويد السوق الليبية، خاصة بعد رصد الحكومة الليبية لأكثر من 4 مليارات دولار للصفقات الغذائية.
وقال عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال)، حمادي الكعلي، إن الوقت قد حان لإيجاد حلول لكل الإشكاليات التي حالت دون عودة تونس إلى السوق الليبية، معتبرا أن العمليات المصرفية ليست إلا جزءاً من جملة شروط يجب توفرها لتحسين المبادلات التجارية بين تونس وجارتها الجنوبية على الإجراءات الإدارية والنقل والجوانب اللوجستية، وهي ملفات شهدت العديد من المشاكل في ظل الأوضاع الأمنية في ليبيا بحسب قوله.
وأضاف الكعلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي المنتظم في تونس، بمشاركة مسؤولين تونسيين وليبيين وممثلين عن منظمات مهنية ومؤسسات تعاون، يسعى إلى إيجاد حلول لدفع التبادل التجاري في خضم تحرك الاستثمارات الليبية في تونس أخيراً.
وتعرف الاستثمارات الليبية المعطلة في تونس بداية تحرك من خلال إعادة افتتاح نزل "لايكو" في العاصمة التونسية بعد تأخير استمر زهاء 8 سنوات جراء مشكلات تتعلق بإدارة الاستثمارات الليبية.
وبحسب بيانات تونسية رسمية، لا يتجاوز حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا 800 مليون دولار مقابل أكثر من 1.25 مليار دولار قبل سبع سنوات.
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن مساهمة تونس في صفقات إعادة إعمار ليبيا هي عملية استثمارية كبرى للمؤسسات الاقتصادية التونسية، مشددين على ضرورة المحافظة على حصة تونس الثابتة في السوق الليبية.