اختتمت فعاليات ومراسم افتتاح باب التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، وسط احتفالات وكلمات ألقاها رؤساء، ووزراء، وممثلو أكثر من 175 دولة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وسجل التوقيع أمس الجمعة رقماً قياسياً في عدد الدول الموقعة على وثيقة دولية في يوم واحد. وجاءت مراسيم التوقيع، بعد أقل من أربعة أشهر على إقرار 195 دولة اتفاق باريس للمناخ، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في العاصمة الفرنسية. ويأتي هذا الاتفاق كاستمرارية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ والتي كانت قد اعتمدت في نيويورك في التاسع من مايو/أيار 1992.
وصفت قيادات الدول اتفاق باريس بأنه "اتفاق غير مسبوق للتصدي للتحديات المناخية وعلى رأسها الاحتباس الحراري"، والذي ومن بين أهدافه "تحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وإبطاء سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض".
وأبرز أهداف الاتفاق "الإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود الرامية إلى حصر ارتفاع درجة الحرارة لحد لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية"، إضافة إلى "خفض الانبعاثات على نطاق الاقتصاد". ومن المفترض أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ عام 2020، وتستخلص أول حصيلة عملية وعالمية له في 2023، ثم بعد كل خمس سنوات ما لم يقرر غير ذلك.
وكانت الدول الغنية قد تعهدت عام 2009 بتقديم نحو 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2020، للدول النامية لمساعدتها على الانتقال إلى الطاقة النظيفة والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتهدف الخطوة كذلك إلى مساعدة الدول النامية على "خفض استخدام الطاقة الأحفورية مثل النفط والفحم والغاز، والتشجيع على اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة، إضافة إلى تغيير في إدارة الغابات والأراضي الزراعية".
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن اتفاق المناخ "يخلق القدرة على التأقلم مع آثار تغيرات المناخ بما يصاحبها من زيادة في مخاطر الجفاف والفيضانات وذوبان الجليد والتصحر". كما يربط خبراء ومسؤولون في الأمم المتحدة بين اتفاق باريس والعمل على تحقيق أهدافه وبين النجاح في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030.
ومن بين نقاط الخلاف الأساسية التي واجهت الأطراف قبل إعلان باريس أمران: الأول درجة الحرارة التي يمكن اعتبارها المقياس للاحترار وعدم تجاوزها. وثانياً التمييز بين دول الشمال والجنوب في مجهودات مكافحة الاحتباس الحراري والذي يحتم تحرك الدول المتطورة صناعياً بداية بسبب مسؤوليتها التاريخية عن انبعاثات الغاز، الأمر الذي كان محل جدل بين دول الشمال والجنوب.
وتأخذ الاتفاقية بعين الاعتبار الاحتياجات المحددة والأوضاع الخاصة لأقل البلدان نمواً فيما يتصل بتمويل التكنولوجيا ونقلها وآثار التدابير المتخذة للتصدي للتغير المناخي.
عربياً أعلن وزراء وممثلو دول حضروا إلى نيويورك عن نيتهم العمل بهذا الاتفاق، مع ما يتطلبه ذلك من رصد للأموال والمشاريع.
وتحدث مندوب الأردن عن نية بلاده "تخفيف نسبة انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 14 بالمائة، في الوقت الذي تلتزم به الحكومة بتنفيذ نحو 70 مشروعاً تصل كلفتها إلى أكثر من خمسة مليارات دولار".
وحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مراسم التوقيع، لتكون هذه المرة الأولى التي تشارك فيها فلسطين وتوقع بصفتها عضواً كاملاً (دولة مراقب) كباقي الدول على اتفاق دولي.
وتحدث وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، عن نية بلاده توفير 52 بالمائة من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030. ويرأس المغرب الدورة القادمة للمؤتمر العالمي حول المناخ (كاب 22)، والتي من المزمع عقدها في مراكش بين 7 و18 ديسمبر/كانون الأول 2016.