انتهت المهلة الزمنية التي حدّدتها الآلية السعودية لتسريع اتفاق الرياض، من دون تشكيل حكومة جديدة في اليمن، وبدلاً من تنفيذ الانفصاليين للملف العسكري والأمني المتمثل في الانسحابات وإعادة تموضع القوات خارج العاصمة المؤقتة عدن، عادت الاغتيالات. واغتيل القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، عوض فدعق، في وضح النهار هذه المرة، وليس بعد صلاة الفجر كما حدث مع العشرات من أئمة المساجد في عدن، ومن خلال بندقية كلاشينكوف، وليس بمسدس كاتم للصوت، ما يعني أن مرحلة جديدة بدأتها خلايا الموت، بالتزامن مع تدشين المحافظ الجديد أحمد حامد لملس، مهامه. لا يحتاج المجلس الانتقالي الانفصالي، وحلفاؤه في أبوظبي، لخلط الأوراق من أجل التنصل من تطبيق الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، فالأوراق مخلوطة لهم من قبل القيادة السعودية التي وصف القيادي أحمد بن بريك قيادتها هذا الملف بـ"العقيمة"، ولذلك ليس هناك داع للمزيد من الاغتيالات وسفك دماء وجاهات اجتماعية وأئمة مساجد. ظفر "الانتقالي" بحصّة الأسد، أو بكل الغلة التي حققتها نسخ اتفاق الرياض حتى الآن، وأصبح يحكم عدن بشكل شرعي، ولذلك لا داعي للخوف، والاتجاه لإحباط ما تبقى من بنود الاتفاق، لأنه لن يتحقق أصلاً، إذ تريد السعودية للفوضى أن تبقى وتستمر.
ويعطي اتفاق الرياض نبذة عن الوضع العام في اليمن، الذي يبدو حاملاً المزيد من العنف والاقتتال شمالاً وجنوباً، فالخروقات الحاصلة في أبين تحولت إلى معارك مكتملة بعد تحشيد الانفصاليين لمئات المدرعات والدوريات العسكرية، واتفاق استوكهولم في محافظة الحديدة على المحك أكثر من أي وقت مضى، بعد تلويح رئيس البرلمان الموالي للشرعية، سلطان البركاني، بتجميده أو إلغائه تماماً، جرّاء الخروقات الحوثية. أشهر صعبة تنتظر اليمنيين، خصوصاً في مأرب، التي تدافع باستماتة لصد الهجمات الحوثية المزدوجة من مناطق مختلفة في الجوف ونهم والبيضاء. كما أن الطائرات الحوثية المُسّيرة، التي تحولت إلى طقسٍ يومي صوب الأراضي السعودية، قد تكون عواقبها وخيمة على المدنيين.
ينتظر الشارع اليمني من قيادة الحكومة أن تنطق بشيء، سواء في ما خص اتفاق الرياض، ورفض المسرحيات العبثية التي يخرجها السفير السعودي محمد آل جابر، أو الحفاظ على مأرب باعتبارها آخر قلاع الجيش الوطني شمالاً.