بات سيف القاعدة الحزبية للحزب الاشتراكي الألماني، مسلطاً على رقبة المستشارة أنجيلا ميركل، التي تسعى جاهدة للانطلاق بولايتها الرابعة. وتنصب جهود ميركل على تخطي هذه المعضلة والعودة إلى "عرينها" على رأس حكومة مستقرة، كما تردد دائماً، بعدما خاضت مفاوضات شاقة للوصول إلى اتفاق الائتلاف الحكومي، مع إقرارها بضرورة "تقديم تنازلات مؤلمة"، وهو ما كان واضحاً من خلال نتائج المباحثات الائتلافية، والتي حقق فيها الحزب الاشتراكي نجاحاً ملحوظاً في عملية التفاوض والحقائب الوزارية بالنظر إلى نتائجه الهزيلة في الانتخابات العامة خريف العام الماضي.
ويبدو أن المستشارة خسرت الكثير عملياً أمام "الاشتراكي"، الذي كان عند الائتلاف الأول على قدم المساواة مع حزبها ونال الحصص نفسها، فيما أصبح حزب ميركل، "الاتحاد المسيحي الديمقراطي"، أقوى بـ60 في المائة من "الاشتراكي" داخل البوندستاغ بعد انتخابات سبتمبر/ أيلول الماضي. ورغم ذلك، فإنه استأثر بأغلبية الوزارات الأساسية، كالخارجية والمالية، فيما آلت وزارة الداخلية إلى الحزب "الاجتماعي المسيحي"، الشقيق لحزب ميركل، والذي تمكن بدوره من الحفاظ على 3 وزارات، بينها الداخلية، الضامنة للأمن الداخلي والوصية على سياسة اللاجئين، وهو المنادي دائماً بوضع حد أقصى لهم. وقال كبار أعضاء حزب "الاتحاد المسيحي" إن قيادة الحزب وافقت على الاتفاق بالإجماع، أمس، فيما يعقد "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" مؤتمراً حزبياً في 26 فبراير/ شباط الحالي لتأييد الاتفاق.
وتمت الاستعاضة في الفصل الأول من ورقة اتفاق الائتلاف، الذي تناول ملف الهجرة، بكلمة "قوننة" الهجرة بدلاً من حدها الأقصى، على أن تعمل ألمانيا على خطط تساهم في استقطاب اليد العاملة المؤهلة وتأمين تسهيلات نيل الإقامة لمن يقيمون لسنوات طويلة في البلاد. ويشير الاتفاق في الفصل 8 بعنوان "توجيه الهجرة ـ طلب الاندماج ودعمه"، إلى أن أعداد المهاجرين يجب ألا تتجاوز سنوياً الـ220 ألف شخص. كما يتم في آن واحد توسيع "برامج العودة الطوعية". ويبقى لم الشمل العائلي معلقاً حتى نهاية يوليو/ تموز المقبل، وبعدها يتم استقبال حتى ألف شخص في كل شهر من ذوي الذين لهم حماية مؤقتة في ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، ستتم مراعاة الحالات الاستثنائية، والشرط لذلك هو عدم توقع حصول مغادرة وشيكة لها ولم ترتكب أعمالاً جنائية كبيرة.
ولم يبق لحزب المستشارة من الوزرات الـ16 سوى وزارة وازنة، هي الدفاع، إضافة إلى وزارات الصحة والزراعة والتربية والتعليم والاقتصاد. من هنا، تنتظر ميركل أن ينقذها أعضاء "الاشتراكي" من خصومها، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، علماً أن الشكوك لدى الأصوات المعترضة داخل "الاشتراكي" ما زالت قائمة، معتبرة أن ما تم تحقيقه غير كافٍ، خصوصاً في ملف لم شمل أسر اللاجئين، وأن الحصول على وزارة المالية لا يعد نجاحاً، ناهيك عن أن قيادة الحزب الاشتراكي أدرجت في الاتفاق نوعاً من شرط المراجعة، أو جردة الحساب في منتصف الولاية التشريعية الحالية. لكن النتيجة تعتبر مقبولة بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي لتحقيقه عدداً من النجاحات، منها المساومة على فرملة الإيجارات ورفع معدلات الاستثمار في التعليم وإعادة توجيه السياسة الأوروبية، أي أنه حقق عبر اتفاق الائتلاف ما عجز عن تحقيقه في الانتخابات العامة، إذ إنه نال الوزارات الرمز للقضايا التي يتبناها، كالخارجية، للمضي في تطلعاته للإصلاح داخل أوروبا، والعدالة الاجتماعية وسوق العمل عبر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى مطالبته بتخفيض الضرائب عبر نيله وزارة المالية.
اقــرأ أيضاً
وتخيم أجواء من الخيبة والتململ على صفوف حزب ميركل، وتطرح تساؤلات حول ما تبقى للحزب بعد هذا الاتفاق، الذي وصفته رابطات الصناعة وأرباب العمل بالمخيب للآمال وغير المعقول، وذلك في ظل التأثير المهيمن للحزب الاشتراكي على الحكومة. وأكد عدد من الخبراء في الشؤون السياسية أن التفاؤل بشأن المستقبل بات صعباً، لأن المفاوضين افتقروا إلى الأفكار والتصميم على قيادة ألمانيا، معتبرين أن البلاد ستتحمل، في حال تصويت أعضاء "الاشتراكي" بنعم للائتلاف المتجدد، الحكومة القديمة - الجديدة مع تبدل في بعض الوجوه فقط، أي أن برلين لن تجني من هذا الاتفاق إلا اختبار الشلل السياسي لفترات طويلة، رغم الحديث عن الكثير من التوقعات، بينها النمو الاقتصادي والعمالة الكاملة. في المقابل، يرى البعض الآخر أن هذا التحالف يستحق فرصة، لمجرد أنه أفضل الممكن، والبديل عنه سيكون انتخابات جديدة، لا أحد يسعى إليها الآن، وأن هناك تأكيداً على أن الحل قد يشكل انفراجة جيدة لإعادة إحياء الأجندة الأوروبية التي تنتظر برلين لمعالجة قضايا رئيسية، بينها الإصلاح في أوروبا والاتحاد المصرفي والمواءمة، واعتماد قانون اللجوء والميزانية. واعتبر رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، مارسيل فراتسشر، أن اتفاق الائتلاف يعتبر علامة جيدة ومشجعة للاتفاقات مع أوروبا، وأن الإشارات المتعلقة بالرقمنة وتحسين نوعية التعليم بشكل مستدام جد إيجابية، عدا عن الأمل الذي يحدو الكثير من الدول الأوروبية بعد الأنباء التي تفيد بحصول الحزب الاشتراكي على وزارة المالية وأن تنتهي سياسة التقشف التي اتبعها وزير المالية السابق، فولفغانغ شويبله.
من جهة ثانية، يلفت الخبراء إلى أن زعيم "الاشتراكي"، مارتن شولتز، أصاب عندما أعلن، أول من أمس، أنه سيتنازل عن رئاسة الحزب، إذا ما كان التصويت على المشاركة في الائتلاف ناجحاً، ليتولى وزارة الخارجية، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أنه سيقترح على اللجنة التنفيذية للحزب عقد اجتماع استثنائي وتزكية صاحبة الحضور القوي في الحزب ورئيسة كتلته في البوندستاغ، أندريا ناليس، للمنصب، والتي من المرجح أن تكون عصب القوة الجديد في زعامة الحزب وأول امرأة تتبوأ هذا المركز داخل "الاشتراكي". وتعول جهات عدة على قدرتها على توثيق مطالبة الأعضاء بعملية تجديد الحزب، وبتقديم جيل جديد في صفوفه، وذلك بعدما بات شولتز متأكداً من خبو نجمه بين أعضاء القاعدة الحزبية، بحيث بات الكثيرون يأخذون عليه طمعه بمنصب وزاري، وتراجع حضور الحزب خلال رئاسته، بعد فشله في تقديم نفسه كمرشح منافس لميركل على منصب مستشار خلال الحملات الانتخابية في سبتمبر/ أيلول الماضي. ويأتي ذلك بعدما بات واضحاً أن نتائج التصويت داخل "الاشتراكي"، المقرر أن تعلن في 4 مارس/ آذار المقبل، يمكن أن تغير مسار الحزب، على أن يبدأ التصويت على إمكانية المشاركة في ائتلاف "غروكو" جديد في 20 فبراير الحالي.
ويبدو أن المستشارة خسرت الكثير عملياً أمام "الاشتراكي"، الذي كان عند الائتلاف الأول على قدم المساواة مع حزبها ونال الحصص نفسها، فيما أصبح حزب ميركل، "الاتحاد المسيحي الديمقراطي"، أقوى بـ60 في المائة من "الاشتراكي" داخل البوندستاغ بعد انتخابات سبتمبر/ أيلول الماضي. ورغم ذلك، فإنه استأثر بأغلبية الوزارات الأساسية، كالخارجية والمالية، فيما آلت وزارة الداخلية إلى الحزب "الاجتماعي المسيحي"، الشقيق لحزب ميركل، والذي تمكن بدوره من الحفاظ على 3 وزارات، بينها الداخلية، الضامنة للأمن الداخلي والوصية على سياسة اللاجئين، وهو المنادي دائماً بوضع حد أقصى لهم. وقال كبار أعضاء حزب "الاتحاد المسيحي" إن قيادة الحزب وافقت على الاتفاق بالإجماع، أمس، فيما يعقد "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" مؤتمراً حزبياً في 26 فبراير/ شباط الحالي لتأييد الاتفاق.
ولم يبق لحزب المستشارة من الوزرات الـ16 سوى وزارة وازنة، هي الدفاع، إضافة إلى وزارات الصحة والزراعة والتربية والتعليم والاقتصاد. من هنا، تنتظر ميركل أن ينقذها أعضاء "الاشتراكي" من خصومها، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، علماً أن الشكوك لدى الأصوات المعترضة داخل "الاشتراكي" ما زالت قائمة، معتبرة أن ما تم تحقيقه غير كافٍ، خصوصاً في ملف لم شمل أسر اللاجئين، وأن الحصول على وزارة المالية لا يعد نجاحاً، ناهيك عن أن قيادة الحزب الاشتراكي أدرجت في الاتفاق نوعاً من شرط المراجعة، أو جردة الحساب في منتصف الولاية التشريعية الحالية. لكن النتيجة تعتبر مقبولة بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي لتحقيقه عدداً من النجاحات، منها المساومة على فرملة الإيجارات ورفع معدلات الاستثمار في التعليم وإعادة توجيه السياسة الأوروبية، أي أنه حقق عبر اتفاق الائتلاف ما عجز عن تحقيقه في الانتخابات العامة، إذ إنه نال الوزارات الرمز للقضايا التي يتبناها، كالخارجية، للمضي في تطلعاته للإصلاح داخل أوروبا، والعدالة الاجتماعية وسوق العمل عبر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى مطالبته بتخفيض الضرائب عبر نيله وزارة المالية.
وتخيم أجواء من الخيبة والتململ على صفوف حزب ميركل، وتطرح تساؤلات حول ما تبقى للحزب بعد هذا الاتفاق، الذي وصفته رابطات الصناعة وأرباب العمل بالمخيب للآمال وغير المعقول، وذلك في ظل التأثير المهيمن للحزب الاشتراكي على الحكومة. وأكد عدد من الخبراء في الشؤون السياسية أن التفاؤل بشأن المستقبل بات صعباً، لأن المفاوضين افتقروا إلى الأفكار والتصميم على قيادة ألمانيا، معتبرين أن البلاد ستتحمل، في حال تصويت أعضاء "الاشتراكي" بنعم للائتلاف المتجدد، الحكومة القديمة - الجديدة مع تبدل في بعض الوجوه فقط، أي أن برلين لن تجني من هذا الاتفاق إلا اختبار الشلل السياسي لفترات طويلة، رغم الحديث عن الكثير من التوقعات، بينها النمو الاقتصادي والعمالة الكاملة. في المقابل، يرى البعض الآخر أن هذا التحالف يستحق فرصة، لمجرد أنه أفضل الممكن، والبديل عنه سيكون انتخابات جديدة، لا أحد يسعى إليها الآن، وأن هناك تأكيداً على أن الحل قد يشكل انفراجة جيدة لإعادة إحياء الأجندة الأوروبية التي تنتظر برلين لمعالجة قضايا رئيسية، بينها الإصلاح في أوروبا والاتحاد المصرفي والمواءمة، واعتماد قانون اللجوء والميزانية. واعتبر رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، مارسيل فراتسشر، أن اتفاق الائتلاف يعتبر علامة جيدة ومشجعة للاتفاقات مع أوروبا، وأن الإشارات المتعلقة بالرقمنة وتحسين نوعية التعليم بشكل مستدام جد إيجابية، عدا عن الأمل الذي يحدو الكثير من الدول الأوروبية بعد الأنباء التي تفيد بحصول الحزب الاشتراكي على وزارة المالية وأن تنتهي سياسة التقشف التي اتبعها وزير المالية السابق، فولفغانغ شويبله.