اتصالات وعرض وساطات دولية لإنهاء التصعيد بين الغرب وروسيا

17 ابريل 2018
بوتين يشتكي لميركل (Getty)
+ الخط -
تتواصل الاتصالات ومحاولات الوساطة الدولية لإنهاء الخلاف الذي نشأ بين روسيا والدول الغربية، على خلفية الضربة العسكرية الثلاثية، التي شنّتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، من جرّاء استهدافه المدنيين بالأسلحة الكيميائية.

وفي هذا الصدد، ذكر الكرملين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أبلغ المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بأن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا انتهكت القانون الدولي وأضرت بعملية السلام في سورية، من خلال شنّ غارات جوية على أهداف في دمشق.

ودانت روسيا هجمات الحلفاء، يوم الأحد، لكنها امتنعت عن الرد على الهجوم على حليفها الأسد. وقال الكرملين، اليوم الثلاثاء، في قراءة للمكالمة الهاتفية بين بوتين وميركل، إن أفق محادثات السلام في سورية تضرّر بسبب الغارات الجوية التي نفذت رداً على هجوم بالغازات السامة استهدف مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق.

وقال الكرملين، اليوم الثلاثاء، إن بوتين وميركل يدعمان مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ويأملان في إجراء تحقيق شامل.

من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، اليوم، إن ألمانيا تتمتّع بدور وساطة خاص يسمح لها بإبقاء نافذة الحوار مع روسيا بشأن الأزمة السورية مفتوحة.

وخلال مؤتمر صحافي في برلين مع وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، قال ماس إن عملية السلام السورية المتعثرة ستطرح للنقاش خلال قمة لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية في تورنتو، مطلع الأسبوع المقبل.

وقال ماس "علينا أن نستغلّ هذه اللحظة لتحريك العملية السياسية مجدداً. نحتاج إلى روسيا أيضاً في هذا الحوار"، ولمح إلى أن علاقة ألمانيا الأقرب لروسيا قد تساعد في تسهيل ذلك. ولن تحضر روسيا قمة مجموعة السبع.

بريطانيا تدافع
وشهد البرلمان البريطاني، يوم أمس، جلسة عاصفة تلت كلمة لرئيسة الوزراء، تيريزا ماي، دافعت فيها عن توجيه ضربة لنظام الأسد من دون استشارة مجلس العموم، وعزت قرارها إلى العجلة في اتخاذ القرار.

كذلك هاجمت ماي المطالب التي رفضت التحرك العسكري خارج إطار موافقة مجلس الأمن، قائلة إن هذا الأمر سيمكن حق النقض "الفيتو" الروسي من التحكم في السياسة الخارجية البريطانية. واتهمت ماي موسكو ونظام الأسد بعرقلة دخول المفتشين الدوليين إلى موقع الاعتداء الكيميائي في دوما، بهدف مسح الأدلة التي تدينهما.

وتعرضت ماي لانتقادات الشديدة، وخاصة من قبل الأحزاب المعارضة، لتجاهلها رأي مجلس العموم قبل توجيه الضربة، وذلك على الرغم من أن عديدين منهم قالوا إنهم كانوا سيصوتون لمصلحة قرارها بالمشاركة في العملية العسكرية. وكان رد ماي بأن طرح الأمر للنقاش في البرلمان كان سيضع أمن العملية في خطر.

وقالت ماي "أنا على يقين أن محاسبتي على هذه القرارات هي مسؤولية البرلمان، وهو ما سيقوم به البرلمان. ولكن مسؤوليتي كرئيسة للوزراء أن أتخذ هذه القرارات وسأقوم بذلك".
وأضافت "كانت هذه الضربات محدودة ومحددة مبنية على أساس قانوني لجأنا إليه من قبل".

وكان القرار مبنياً على تقييم استخباراتي ومعلومات لا يمكن مشاركتها مع البرلمان لطبيعتها.
إلا أن زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، أصرّ على موقفه بأن قانونية الضربات محل شك قانوني، وأنه كان يتحتم على ماي منح البرلمان الفرصة للموافقة على التحرك، لا انتظار التوجيهات من جانب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. كذلك ادعى كوربن أن الضربات الجوية استهدفت أبنية خاوية، وأوضح أن الخيار الأفضل يشمل تجديد الجهود الدبلوماسية البريطانية لجلب السلام إلى المنطقة.

وجاء رد كوربن على الرغم من أن ماي أوضحت عدم جدوى الجهود الدبلوماسية مع نظام الأسد وداعميه، مذكرة بالفيتو الروسي في مجلس الأمن. كذلك نفت تلقيها توجيهات من ترامب، بل أكدت أن التحرك يصب في حق بريطانيا القانوني والأخلاقي في الرد على مجزرة راح ضحيتها 75 شخصاً. وأضافت أن مصلحة بريطانيا القومية تدفع باتجاه معاقبة مستخدمي السلاح الكيميائي وحماية الإجماع الدولي في هذا المجال.

وتعهّدت ماي بمتابعة الجهود الدبلوماسية للضغط على نظام الأسد للعودة إلى طاولة المفاوضات باستخدام كافة الخيارات المتاحة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، وتشديد الحظر على استخدام الأسلحة الكيميائية.

إلا أن كوربن عاد ليجادل بأن مسؤولية الأسد عن الهجوم الكيميائي ليست مثبتة، وأنه يجب الانتظار حتى توصّل محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى نتيجة في تحقيقهم، وذلك على الرغم من إعاقة نظام الأسد وروسيا دخول وفد المنظمة إلى دوما.



وعادت ماي لتذكر بأن الأسد تعهّد عام 2013 بالتخلي عن سلاحه الكيميائي، وهو ما نقضه مراراً وتكراراً منذ ذلك الحين. وقالت "لم يردع ذلك النظام السوري عن تنفيذ أفظع الجرائم باستخدام هذه الأسلحة".

وتلقّى كوربن في مداخلاته دعم الأحزاب المعارضة الأخرى مثل "الديمقراطيين الأحرار" و"الحزب القومي الاسكتلندي". كذلك تمّت جدولة نقاشات أخرى حول التدخل العسكري في سورية اليوم الثلاثاء، التي ستبحث فيها أحقية البرلمان في مناقشة التدخل العسكري البريطاني خارج البلاد.