انتقلت شرارة التظاهرات في الجنوب العراقي من مدينة البصرة المطلة على الخليج العربي إلى محافظة ذي قار المجاورة وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل قوات الأمن العراقية، ومساع سياسية وحكومية لاحتواء التظاهرات التي بدأت تتسع بشكل تدريجي.
ولا تختلف مطالب المتظاهرين عن مطالبهم كل صيف منذ عام 2016، وهي توفير الكهرباء والماء والخدمات الصحية والتعليم وخلق فرص عمل ومحاربة الفقر والفساد، ومنع هيمنة الأحزاب والمليشيات على مقدرات المحافظات بشكل عام.
وبعد صدامات ومطاردات بين متظاهري محافظة البصرة والأجهزة الأمنية فيها، خلال اليومين السابقين، تحركت اليوم الأحد محافظة ذي قار، والتي شهدت خروج المئات في تظاهرات واحتجاجات غاضبة في بلدة سوق السيوخ بمحافظة ذي قار جنوبي العراق.
وردد المتظاهرون شعارات ضد الفساد والأحزاب، وتجمعوا عند بناية المجلس البلدي، كما اشتبكوا مع عناصر الأمن، بينما وصلت قوات إضافية لحماية المجلس، والتي بادرت بإطلاق النار على المتظاهرين لتفريقهم، ما دفعهم إلى التراجع وقطع الطريق المؤدية إلى المجلس.
وبحسب مسؤول عراقي في بغداد، فإن الحكومة لن ترسل أي تعزيزات أمنية إلى البصرة أو ذي قار لأن القوات هناك تسيطر على المظاهرات، مؤكدا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتواصل مع مسؤولين محليين لاحتواء التظاهرات والسعي لمقابلة قادتها وأعضاء ما يعرف بـ"لجان التنسيق" خاصة في البصرة.
في غضون ذلك، تستعد تنسيقيات محافظة البصرة للخروج مساء اليوم بتظاهرات واسعة، للمطالبة بالحقوق المسلوبة، مؤكدة التنسيق مع محافظات أخرى للتظاهر في الأيام المقبلة.
وقال عضو التنسيقية، هاشم المياحي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنسيقيات المحافظات الجنوبية تتواصل فيما بينها لتنسيق خروج التظاهرات، لأن "المطالب واحدة"، مبينا أنّ "أهالي البصرة سيخرجون مساء اليوم بتظاهرة واسعة، تنديدا بالفساد المسيطر على دوائر الدولة وحكوماتها المحلية".
وأكد أنّ "حصون الفاسدين في الحكومات المحلية لن تصمد أمام تظاهراتنا المعبرة عن إرادة الشعب وصوته وحقوقه، وأنّ حالة الرعب التي تعتري المسؤولين الفاسدين هي نتيجة طبيعية لفسادهم وخوفهم من صوت الحق، صوت المتظاهرين"، حسب قوله، قبل أن يضيف: "لن نخضع لمساومات السياسيين الذين يحاولون أن يستميلونا بعروض خاصة، فقضية التظاهرات ليست شخصية بل شعبية".
من جهتها، حذّرت النائبة عن محافظة البصرة، ميثاق الحامدي، الحكومة "من تجاهل مطالب المتظاهرين"، مؤكدة في تصريح صحافي، أنّ التظاهرات آخذة في الاتساع، وربما ستتوقف حركة الموانئ وعمل الشركات النفطية، فضلا عن امتداد التظاهرات إلى المحافظات الأخرى".
ودعت الحكومة إلى "الكف عن تجاهل حقوق البصرة، وأن تعمل على توفير الخدمات والتعيينات فيها، ومنحها حقوقها من وارداتها".
وتجري التظاهرات في ظل محاولات سياسية لتسويفها، وإلصاق التهم بالمشرفين عليها، كما توجه الاتهامات لجهات حزبية ومليشياوية لإلصاق تهمة التآمر والفكر البعثي بالمتظاهرين.