انخفض خام برنت أخيراً إلى مستوى 36 دولاراً للبرميل، وهو ما يعني أنه اخترق الحاجز النفسي المهم الذي وصله سعر الخام خلال الأزمة المالية العالمية، ليلة عيد الميلاد من العام 2008 تحديداً، إلى مستوى منخفض آخر، هو الأدنى منذ شهر يوليو/ تموز من عام 2004. يرى العديد من خبراء أسواق الطاقة أن انخفاض برنت إلى 30 دولاراً للبرميل هو مسألة وقت، وهو مستوى كان قد سجله مطلع العام 2004، في حين يتوقع البعض انخفاض الأسعار إلى 20 دولاراً للبرميل.
هناك أربعة عوامل تُغذّي هذا الاتجاه الهبوطي، خلال العام 2016، وجميعها مرتبط بتخمة المعروض العالمي من النفط.
أولاً: كشف تقرير أميركي جديد، أن احتياطيات النفط في الولايات المتحدة لا تزال تحقق ارتفاعات متوالية، تُبقيها عند مستويات قياسية، ما يشكل دلالة إضافية على وفرة الإمدادات العالمية، فالمخزونات في مستودع "كوشينغ" بولاية "أوكلاهوما"، الذي هو بمثابة نقطة التسليم للعقود الآجلة لنفط غرب تكساس الوسيط، قد ارتفعت بمقدار 1.5 مليون برميل الأسبوع الماضي. رداً على ذلك، انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوياته في ست سنوات، إلى ما دون 35 دولاراً للبرميل، في حين هبط نظيره الدولي، خام برنت، بالقرب من أدنى مستوياته في سبع سنوات فوق 37 دولاراً.
ثانياً: إن الإنتاج العالمي من النفط لم يتراجع بما فيه الكفاية، مشكلاً واحد من الألغاز التي لا تزال تصيب المحللين بالحيرة، لماذا ظل الإنتاج صامداً رغم الهبوط الحاد لأسعار النفط؟ في الواقع، إن إنتاج النفط من الصخر الزيتي الأميركي، على وجه الخصوص، الذي يعتبر أكثر كلفة من بقية الإنتاج العالمي، قد انخفض من ذروته التي سجلها قبل عام ونصف عند 9.4 ملايين برميل يومياً، ولكن، رغم ذلك، لا يزال الإنتاج فوق مستوى 9 ملايين برميل يومياً، بل إنه تصاعد في الآونة الأخيرة. إضافة إلى ذلك، تَضُخ "أوبك" نحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، متجاوزة سقف الإنتاج المستهدف البالغ 30 مليون برميل، وذلك بعد أن تخلّت المنظمة عن تحديد سقف جديد للإنتاج بعد اجتماعها الأخير مطلع الشهر الحالي.
ثالثاً: إن قيام الاحتياطي الفدرالي برفع الفائدة، خلال اجتماعه الأخير، للمرة الأولى في حوالي عشر سنوات، سوف يحد من انتعاش الطلب العالمي، إذ إن من المتوقع أن تدعم زيادة الفائدة الأميركية الدولار، ما سيضع ضغوطاً إضافية على الطلب العالمي على مادة النفط بجعله أعلى كلفة على حائزي العملات الأخرى. إضافة إلى ذلك، فإن عوامل أخرى، مثل رفع كفاءة استخدام الوقود، وحملة جديدة للحد من حرق الوقود الأحفوري لأسباب بيئية، عوامل مثبته للطلب العالمي على النفط.
رابعاً: توصّل "الكونغرس" الأميركي قبل أيام إلى اتفاق مع الحكومة الأميركية تم من خلاله رفع الحظر على تصدير النفط الأميركي لأول مرة منذ العام 1975، والذي سيسمح للمنتجين الأميركيين بالوصول إلى أسواق واسعة في العالم، ما يشكل سبباً أضافياً يُبقي أسعار النفط والغاز ضمن مستويات متدنية نسبياً في المستقبل القريب.
في الإطار نفسه، يُمكن لهذا الإجراء أن يُقلّص الفرق السعري بين خام برنت والخام الأميركي من خلال انخفاض العلاوة المدفوعة لخام برنت، تحديداً، حيث تفاعلت الأسواق سريعاً بعد تداول خبر رفع الحظر، وتم تداول الخامين ضمن فرق سعري أقل من دولارين فقط. ويعتقد بعض محللي الصناعة النفطية أنه بمرور الوقت قد يصل سعر الخامين إلى سعر التعادل، بل وقد يتجاوز الخام الأميركي نظيره الدولي مع استعداد عدد كبير من المصافي العالمية لدفع سعر أعلى مقابل الحصول على خام ذي جودة أعلى.
رغم الصورة التشاؤمية، التي رُسمت لأسعار النفط خلال العام القادم، فلا تزال هناك آراء تعتقد بأن أسعار النفط قد تتمتع بمتوسط سعري أعلى من العام الحالي، ولكن هذه التوقعات آخذة في الانخفاض في كل مرة يقوم الخبراء بنشر تقارير تأخذ منحى أقرب إلى التفاؤل. واليوم، فإن هناك شبه إجماع بين خبراء النفط، بأن سعر برنت ربما يتراجع إلى حوالي 30 دولاراً للبرميل قبل حدوث انتعاش جوهري يدفع الأسعار إلى التداول ضمن نطاق سعري واسع بين 40 و60 دولاراً للبرميل.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:الغاز الصخري في أميركا: إلى أين؟
هناك أربعة عوامل تُغذّي هذا الاتجاه الهبوطي، خلال العام 2016، وجميعها مرتبط بتخمة المعروض العالمي من النفط.
أولاً: كشف تقرير أميركي جديد، أن احتياطيات النفط في الولايات المتحدة لا تزال تحقق ارتفاعات متوالية، تُبقيها عند مستويات قياسية، ما يشكل دلالة إضافية على وفرة الإمدادات العالمية، فالمخزونات في مستودع "كوشينغ" بولاية "أوكلاهوما"، الذي هو بمثابة نقطة التسليم للعقود الآجلة لنفط غرب تكساس الوسيط، قد ارتفعت بمقدار 1.5 مليون برميل الأسبوع الماضي. رداً على ذلك، انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوياته في ست سنوات، إلى ما دون 35 دولاراً للبرميل، في حين هبط نظيره الدولي، خام برنت، بالقرب من أدنى مستوياته في سبع سنوات فوق 37 دولاراً.
ثانياً: إن الإنتاج العالمي من النفط لم يتراجع بما فيه الكفاية، مشكلاً واحد من الألغاز التي لا تزال تصيب المحللين بالحيرة، لماذا ظل الإنتاج صامداً رغم الهبوط الحاد لأسعار النفط؟ في الواقع، إن إنتاج النفط من الصخر الزيتي الأميركي، على وجه الخصوص، الذي يعتبر أكثر كلفة من بقية الإنتاج العالمي، قد انخفض من ذروته التي سجلها قبل عام ونصف عند 9.4 ملايين برميل يومياً، ولكن، رغم ذلك، لا يزال الإنتاج فوق مستوى 9 ملايين برميل يومياً، بل إنه تصاعد في الآونة الأخيرة. إضافة إلى ذلك، تَضُخ "أوبك" نحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، متجاوزة سقف الإنتاج المستهدف البالغ 30 مليون برميل، وذلك بعد أن تخلّت المنظمة عن تحديد سقف جديد للإنتاج بعد اجتماعها الأخير مطلع الشهر الحالي.
ثالثاً: إن قيام الاحتياطي الفدرالي برفع الفائدة، خلال اجتماعه الأخير، للمرة الأولى في حوالي عشر سنوات، سوف يحد من انتعاش الطلب العالمي، إذ إن من المتوقع أن تدعم زيادة الفائدة الأميركية الدولار، ما سيضع ضغوطاً إضافية على الطلب العالمي على مادة النفط بجعله أعلى كلفة على حائزي العملات الأخرى. إضافة إلى ذلك، فإن عوامل أخرى، مثل رفع كفاءة استخدام الوقود، وحملة جديدة للحد من حرق الوقود الأحفوري لأسباب بيئية، عوامل مثبته للطلب العالمي على النفط.
رابعاً: توصّل "الكونغرس" الأميركي قبل أيام إلى اتفاق مع الحكومة الأميركية تم من خلاله رفع الحظر على تصدير النفط الأميركي لأول مرة منذ العام 1975، والذي سيسمح للمنتجين الأميركيين بالوصول إلى أسواق واسعة في العالم، ما يشكل سبباً أضافياً يُبقي أسعار النفط والغاز ضمن مستويات متدنية نسبياً في المستقبل القريب.
في الإطار نفسه، يُمكن لهذا الإجراء أن يُقلّص الفرق السعري بين خام برنت والخام الأميركي من خلال انخفاض العلاوة المدفوعة لخام برنت، تحديداً، حيث تفاعلت الأسواق سريعاً بعد تداول خبر رفع الحظر، وتم تداول الخامين ضمن فرق سعري أقل من دولارين فقط. ويعتقد بعض محللي الصناعة النفطية أنه بمرور الوقت قد يصل سعر الخامين إلى سعر التعادل، بل وقد يتجاوز الخام الأميركي نظيره الدولي مع استعداد عدد كبير من المصافي العالمية لدفع سعر أعلى مقابل الحصول على خام ذي جودة أعلى.
رغم الصورة التشاؤمية، التي رُسمت لأسعار النفط خلال العام القادم، فلا تزال هناك آراء تعتقد بأن أسعار النفط قد تتمتع بمتوسط سعري أعلى من العام الحالي، ولكن هذه التوقعات آخذة في الانخفاض في كل مرة يقوم الخبراء بنشر تقارير تأخذ منحى أقرب إلى التفاؤل. واليوم، فإن هناك شبه إجماع بين خبراء النفط، بأن سعر برنت ربما يتراجع إلى حوالي 30 دولاراً للبرميل قبل حدوث انتعاش جوهري يدفع الأسعار إلى التداول ضمن نطاق سعري واسع بين 40 و60 دولاراً للبرميل.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:الغاز الصخري في أميركا: إلى أين؟