اتجاهات الحوار الليبي بعد تأجيل "غدامس 2"

14 ديسمبر 2014
استضافت أوجلة نازحي حرب بنغازي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
كان لتأجيل الحوار الليبي في غدامس، من 9 إلى 16 ديسمبر/كانون الأول، أثر ايجابي بعض الشيء، كونه يهدف إلى التخفيف من الضغوط التي يحاول كل طرف فرضها على الآخر. وتمثلت أهمها في مطالبة "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) بـ"الاعتراف بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية، القاضي بعدم دستورية الفقرة 11 في التعديل الدستوري السابع، الذي أقرّه المؤتمر، كون نصاب الاجتماع الذي أقرّ التعديل، لم يكن مكتملاً"، وذلك قبل مباشرة أي حوار.

وقدم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، اقتراحاً بعقد الجلسة الأولى للحوار، في مدينة أوجلة (400 كيلومتر جنوبي بنغازي). الأمر الذي دعا رئيس "المؤتمر"، نوري أبو سهمين، إلى استشارة أمنيين حول مكان عقد الجلسات، خصوصاً وأنها منطقة مؤيدة لما يُعرف بـ"عملية الكرامة"، واللواء المتقاعد خليفة حفتر.

لكن مراقبين قللوا من مخاطر عقد جلسات الحوار في أوجلة، وذكّروا بانعقاد جلسة الحوار الأولى في غدامس، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وهي مدينة يخضع مطارها لسيطرة "كتائب الزنتان" من "القعقاع" و"المدني" و"الصواعق"، بل اعتبروا أن المدينة مناسبة لعقد جلسات الحوار كونها بعيدة عن المناطق الساحلية التي تشهد اشتباكات مسلّحة، تحديداً تلك القريبة من بنغازي.

ويقطن في أوجلة خليط من قبائل المغاربة، التي يؤيد جزء منها حفتر، وكذلك قبيلة زويا، القريبة من "المؤتمر الوطني العام". وهو ما قد يساهم في تحقيق التوازن، الذي يمنع حدوث ما يُعكّر صفو المحادثات، في حال أُجريت في المدينة. كما استقبلت المدينة العديد من الأسر النازحة بعد نشوب حرب بنغازي بين قوات حفتر ومعارضيه، وسيّر نشطاء منها قوافل إغاثة، تحمل مواد غذائية وأغطية وأدوية لبنغازي.

هذا وقد منح ليون نفسه فرصة كافية لتقريب وجهات النظر بين "المؤتمر"، ومجلس النواب المنحلّ بطبرق، شرقي ليبيا، في التأجيل الذي أعلنه، إذ اعتبر بعض المراقبين أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة، استعجل إعلانه انطلاق جلسات الحوار في التاسع من ديسمبر.

في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أنها الفرصة الأخيرة لليون، لإثبات نجاعة محاولته جمع الأطراف السياسية والأمنية الليبية حول طاولة مفاوضات، يعتبر بعض المسؤولين في المجتمع الدولي، أن "الوضع السياسي والأمني الليبي، شديد الانقسام، وقد يكون أكبر من أية محاولة لعقد مفاوضات، لأن كل طرف متمسك بروايته الخاصة وبرؤيته شبه الجذرية". ففي الوقت الذي يعتبر فيه حفتر أن حربه أشبه بالحروب المقدسة، لأنها "جاءت به بهدف محاربة الإرهاب والتطرف وإعادة الاستقرار وتمكين مؤسسات الدولة من فرض هيبتها"، يرى معارضوه أنه "يقود ثورة مضادة من خلال مجلس النواب المنحل والحكومة المنبثقة عنه، برئاسة عبد الله الثني، من خلال وضع كل معارضي حفتر ومجلس النواب في سلة واحدة، وعدم التمييز بين المكونات الرافضة لحفتر، بل واستعداء المجتمع الدولي للتدخل العسكري في ليبيا".

ومع امتداد رقعة المواجهات العسكرية ودخولها في مرحلة السيطرة على حقول ومرافئ النفط، وفشل محاولة تقريب وجهات النظر، والقصف الجوي الذي لم يتوقف كبادرة حسن نية، يبدو أن نتائج حوار أوجلة في حال عُقد الحوار في المدينة، سيكون مصيره كمصير "غدامس 1": لا شيء.
المساهمون