فقد المؤشر العام للسوق المالية السعودية "تداول"، مؤشر الأسهم الأكبر في المنطقة، نحو 40% من ذروته التي حققها في خريف عام 2014، على الرغم من قيام هيئة الأوراق المالية بفتح جزئي للسوق أمام المستثمرين الأجانب في يونيو/حزيران الماضي. وتراجعت الأسهم السعودية في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية مع تلاشي حدوث انتعاش لأسعار النفط، بالتزامن مع تحرك الحكومة السعودية لإدخال حزمة إصلاحات هيكلية للمساعدة في إدارة العجز في موازنتها العامة.
وتباينت الخسائر في بورصات الخليج العربي الأخرى بين هبوط بنسبة 41% كما في سوق دبي المالية من نقطة الذروة التي حققها في خريف عام 2014، وخسائر تقدر بنحو 20% في أسواق كل من أبوظبي والبحرين وعُمان.
قامت حكومة الإمارات العربية المتحدة بكبح جماح الإنفاق العام عن طريق تحرير سوق نقل الوقود، في أغسطس/آب الماضي، والذي ساهم في تقليص نفقات قيمتها 13 مليار دولار على شكل دعم وإعانات كانت تضغط على الموازنة العامة للدولة، والتي كانت تُشكل نحو 10% من حجم الإنفاق الحكومي السنوي. واتبعتها، بعد ذلك، السعودية بإجراءات وفّرت نحو 6 مليار دولارات من الإنفاق الحكومي للعام الحالي، لكنها شملت تخفيضات أكثر تواضعاً في دعم الوقود وزيادات في فواتير الكهرباء والمياه. وكانت حكومات كل من عُمان والبحرين والكويت قد أعلنت مراراً بأنها بصدد خفض الدعم على الوقود كجزء من حزمة الإصلاحات التي ستتخذها خلال العام الحالي.
ومما لا شك فيه أن منتجي البتروكيماويات كانوا من أوائل الخاسرين في المنطقة جراء تراجع أسعار النفط، حيث تعرضت منتجاتهم لانخفاض أسعارها، وبات عليهم دفع فاتورة باهظة نظراً لارتفاع كلف المواد الخام المستخدمة في التشغيل. في المقابل، فإن قطاع الخدمات المالية، في بعض هذه الدول، قد يكون عرضة لخطر تخلف الدائنين عن السداد، إضافة إلى تراجع حجم التسهيلات الائتمانية المقدمة من قبل المصارف المحلية خاصة مع إصرار البنوك المركزية الخليجية على رفع الفائدة الأساسية لديها في كل مرة يرفع فيها المجلس الاحتياطي الفدرالي نسبة الفائدة في الولايات المتحدة.
أما في ما يتعلق بشركات التأمين الصحي، فإن التغييرات الحاصلة في السياسة العامة للرعاية الصحية، في معظم دول الخليج، قد تكون في صالح هذه الشركات. فعلى الرغم من تراجع أسهم كبرى شركات التأمين الصحي في السعودية، مثلاً، خلال العام الماضي، لكن ما إن تم الإعلان عن الإصلاحات الصحية من قبل الدولة، بدأت أسهم هذه الشركات في تحقيق ارتفاعات لافتة فاقت نسبتها الـ 20% في الشهر الأخير من العام الماضي فقط.
وخالفت أسهم شركة "دبي باركس" الاتجاه الهبوطي للبورصات الخليجية وارتفعت أكثر من 50% في العام الماضي، ذلك أن الشركات التي يمكن أن تستفيد من التنوع الاقتصادي والتركيبة السكانية الداعمة للنمو الاقتصادي في المنطقة يمكن أن تكون جديرة بالاستثمار بأسهمها. ففي حين تعاني العديد من دول العالم المتقدم من تقدم سكانها في السن، فإن دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط، بشكل عام، تجد نفسها في وضع إيجابي وفريد، نسبياً، مع التركيبة الديموغرافية الشابة لسكانها وما لها من أثر إيجابي على النمو الاقتصادي لهذه الدول.
في الواقع، يتوقف مصير أسواق الأسهم الخليجية في العام الحالي على أمرين: أسعار النفط، ومدى قدرة حكومات المنطقة في التكيف لفترة طويلة من التقشف. ومع اتخاذ حكومات هذه الدول إجراءات غير مسبوقة في سياساتها الاقتصادية، كرد فعل على هبوط الحاد لأسعار النفط منذ صيف عام 2014، بدأت أسعار الأسهم في البورصات الخليجية بالتكيف، فعلاً، مع الواقع الجديد.
لكن السؤال المهم، والذي لا يزال قائماً، هو إذا ما كان لدى هذه الحكومات التصميم الكافي على المضي قدما نحو تحقيق التغييرات الهيكلية لاقتصاداتها، والكيفية والسرعة التي ستتبعها في إتمام هذه الإصلاحات، إذ إن التخفيضات المتوقعة التي ستصيب تمويل مشاريع كبرى في المنطقة، وظروف العمل في القطاع العام، قد تؤثر على قطاعات الاقتصاد بطرق إيجابية وأخرى سلبية، فهناك الكثير من الإجراءات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية التي يتعين اتخاذها من قبل هذه الدول، والتي ستترك أثراً واسعاً على جميع مناحي اقتصاداتها.
ستكون أسواق الأسهم الخليجية مضطربة إلى حد كبير خلال العام الحالي، وقد تشهد تقلبات كبيرة إلى أن تصل إلى مرحلة من الاستقرار والتوازن. رغم ذلك، لا تبدو الصورة قاتمة إلى هذا الحد، فالتقييمات الحالية للعديد من أسهم الشركات في بورصات المنطقة تبدو جاذبة، وربما تعتبر الفترة الحالية الوقت المناسب لاتخاذ قرار للشراء. ففي حين من الصعب أن نرى تحولاً سريعاً في الأسواق في هذه المرحلة، ولكن، في الوقت ذاته، قد يكون الوقت المناسب، فعلاً، بالنسبة للمستثمرين المستعدين للمخاطرة.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً: اتجاهات النفط في العام 2016
وتباينت الخسائر في بورصات الخليج العربي الأخرى بين هبوط بنسبة 41% كما في سوق دبي المالية من نقطة الذروة التي حققها في خريف عام 2014، وخسائر تقدر بنحو 20% في أسواق كل من أبوظبي والبحرين وعُمان.
قامت حكومة الإمارات العربية المتحدة بكبح جماح الإنفاق العام عن طريق تحرير سوق نقل الوقود، في أغسطس/آب الماضي، والذي ساهم في تقليص نفقات قيمتها 13 مليار دولار على شكل دعم وإعانات كانت تضغط على الموازنة العامة للدولة، والتي كانت تُشكل نحو 10% من حجم الإنفاق الحكومي السنوي. واتبعتها، بعد ذلك، السعودية بإجراءات وفّرت نحو 6 مليار دولارات من الإنفاق الحكومي للعام الحالي، لكنها شملت تخفيضات أكثر تواضعاً في دعم الوقود وزيادات في فواتير الكهرباء والمياه. وكانت حكومات كل من عُمان والبحرين والكويت قد أعلنت مراراً بأنها بصدد خفض الدعم على الوقود كجزء من حزمة الإصلاحات التي ستتخذها خلال العام الحالي.
ومما لا شك فيه أن منتجي البتروكيماويات كانوا من أوائل الخاسرين في المنطقة جراء تراجع أسعار النفط، حيث تعرضت منتجاتهم لانخفاض أسعارها، وبات عليهم دفع فاتورة باهظة نظراً لارتفاع كلف المواد الخام المستخدمة في التشغيل. في المقابل، فإن قطاع الخدمات المالية، في بعض هذه الدول، قد يكون عرضة لخطر تخلف الدائنين عن السداد، إضافة إلى تراجع حجم التسهيلات الائتمانية المقدمة من قبل المصارف المحلية خاصة مع إصرار البنوك المركزية الخليجية على رفع الفائدة الأساسية لديها في كل مرة يرفع فيها المجلس الاحتياطي الفدرالي نسبة الفائدة في الولايات المتحدة.
أما في ما يتعلق بشركات التأمين الصحي، فإن التغييرات الحاصلة في السياسة العامة للرعاية الصحية، في معظم دول الخليج، قد تكون في صالح هذه الشركات. فعلى الرغم من تراجع أسهم كبرى شركات التأمين الصحي في السعودية، مثلاً، خلال العام الماضي، لكن ما إن تم الإعلان عن الإصلاحات الصحية من قبل الدولة، بدأت أسهم هذه الشركات في تحقيق ارتفاعات لافتة فاقت نسبتها الـ 20% في الشهر الأخير من العام الماضي فقط.
وخالفت أسهم شركة "دبي باركس" الاتجاه الهبوطي للبورصات الخليجية وارتفعت أكثر من 50% في العام الماضي، ذلك أن الشركات التي يمكن أن تستفيد من التنوع الاقتصادي والتركيبة السكانية الداعمة للنمو الاقتصادي في المنطقة يمكن أن تكون جديرة بالاستثمار بأسهمها. ففي حين تعاني العديد من دول العالم المتقدم من تقدم سكانها في السن، فإن دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط، بشكل عام، تجد نفسها في وضع إيجابي وفريد، نسبياً، مع التركيبة الديموغرافية الشابة لسكانها وما لها من أثر إيجابي على النمو الاقتصادي لهذه الدول.
في الواقع، يتوقف مصير أسواق الأسهم الخليجية في العام الحالي على أمرين: أسعار النفط، ومدى قدرة حكومات المنطقة في التكيف لفترة طويلة من التقشف. ومع اتخاذ حكومات هذه الدول إجراءات غير مسبوقة في سياساتها الاقتصادية، كرد فعل على هبوط الحاد لأسعار النفط منذ صيف عام 2014، بدأت أسعار الأسهم في البورصات الخليجية بالتكيف، فعلاً، مع الواقع الجديد.
لكن السؤال المهم، والذي لا يزال قائماً، هو إذا ما كان لدى هذه الحكومات التصميم الكافي على المضي قدما نحو تحقيق التغييرات الهيكلية لاقتصاداتها، والكيفية والسرعة التي ستتبعها في إتمام هذه الإصلاحات، إذ إن التخفيضات المتوقعة التي ستصيب تمويل مشاريع كبرى في المنطقة، وظروف العمل في القطاع العام، قد تؤثر على قطاعات الاقتصاد بطرق إيجابية وأخرى سلبية، فهناك الكثير من الإجراءات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية التي يتعين اتخاذها من قبل هذه الدول، والتي ستترك أثراً واسعاً على جميع مناحي اقتصاداتها.
ستكون أسواق الأسهم الخليجية مضطربة إلى حد كبير خلال العام الحالي، وقد تشهد تقلبات كبيرة إلى أن تصل إلى مرحلة من الاستقرار والتوازن. رغم ذلك، لا تبدو الصورة قاتمة إلى هذا الحد، فالتقييمات الحالية للعديد من أسهم الشركات في بورصات المنطقة تبدو جاذبة، وربما تعتبر الفترة الحالية الوقت المناسب لاتخاذ قرار للشراء. ففي حين من الصعب أن نرى تحولاً سريعاً في الأسواق في هذه المرحلة، ولكن، في الوقت ذاته، قد يكون الوقت المناسب، فعلاً، بالنسبة للمستثمرين المستعدين للمخاطرة.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً: اتجاهات النفط في العام 2016